لبنانيات >صيداويات
مدفع صيدا الرمضاني .. أسكتته الحروب فتولّى الجيش المهمة
مدفع صيدا الرمضاني .. أسكتته الحروب فتولّى الجيش المهمة ‎الجمعة 2 06 2017 11:27
مدفع صيدا الرمضاني .. أسكتته الحروب فتولّى الجيش المهمة

المستقبل ـ رأفت نعيم

رغم ان صداه لا يزال يتردد في شهر رمضان من كل عام، ايذانا بإفطار أو بإمساك عن الطعام، الا أن مدفع رمضان القديم في مدينة صيدا، الذي شكل على مدى عقود جزءا من تراثها وعاداتها وتقاليدها، أحيل على التقاعد منذ سنوات طويلة ليتولى مدفع للجيش المهمة التي كان يقوم بها باطلاق طلقات خلبية في مواعيد الافطار والامساك وفي العيد. وسبب غياب المدفع التقليدي يعود الى أربعة عقود خلت، عندما أسكتته الحرب الأهلية لتحل محله مدافعها اما هو فقد آثر الصمت والسكون وكأنه قطعة من احجار قلعة صيدا البرية ( قلعة المعز ) المكان الذي كان يطلق منه، الى أن جاء الاحتلال الاسرائيلي وعملاؤه لينقلاه من المكان بتهمة أنه قطعة عسكرية. 

تعود قصة مدفع رمضان صيدا الى عهود قديمة، لكنه شهد عهده الذهبي ابان الحكم العثماني حين كانت قلعة البر مربضه ومقره الدائم والبوصلة التي تتجه اليها الأسماع والأنظار كل رمضان ليعرف الناس من صوته مواقيت الافطار والإمساك والاحتفال بالعيد. 

ولطالما ارتبط مدفع رمضان الصيداوي بعائلة شهاب التي توارثت حفيدا عن أب عن جد مهمة الاهتمام بمدفع الإفطار من الألف الى الياء، بتجهيزه وحشوه واطلاق الطلقات الخلبية وتنظيفه بعد كل طلقة. 

ويعود تسلم عائلة شهاب مدفع الإفطار الى نهاية الحقبة العثمانية، مع الجد عبد الواحد مصطفى شهاب، الذي اورث هذه المهنة لولده سليم في مطلع السيتينيات وحافظ الأخير عليها حتى مرضه ووفاته بعد بضع سنوات ليتسلمها ابنه غازي ويتولى اطلاق المدفع حتى مطلع السبعينيات، ليتولى الجيش اللبناني هذه المهمة باطلاق طلقات خلبية من مدفع تابع له في احد مواقعه المشرفة على المدينة 

ويقول غازي شهاب: «بقي مدفعا رمضان اللذان كانا في قلعة البر صامتين صامدين حتى العام 1983، حين قامت قوات لحد بسرقتهما تحت حجة انهما سلاح حربي، وبعد التحرير تبين ان احدهما موجود في جزين والآخر في بيت الدين ولا زالا هناك«.

ويضيف: «كان طول مدفع رمضان يبلغ حوالي 140 سم ومع شهر رمضان من كل عام كانت البلدية تكلفنا بمهمة اطلاق المدفع عند الإمساك والفطور وفي العيد، وكل يوم كنا نطلق طلقتين عند الافطار وطلقة عند الامساك، وكنا نأتي بالبارود من ثكنة صيدا حيث كان يسلمنا الجيش اللبناني الكمية المطلوبة، حيث أن كل طلقة خلبية بحاجة الى كيلو بارود فكنا نقوم بدكه بخرق القماش ومن ثم نضع كيس البارود داخل فوهة المدفع ومن ثم نشعل الفتيل من فتحة في آخر بطن المدفع، وما ان تمر ثلاث ثوان، حتى يصدر صوتا قويا«.

ويروي غازي قصة طريفة جرت معه فيقول «ذات يوم عندما عين عادل عسيران وزيرا للدفاع ووصل الى صيدا طلبت البلدية ان نحييه بطلقات مدفعية، وعلى الفور جهزت المدفع الا انني على ما يبدو حشوته بكمية بارود اكثر من المطلوب وما ان اشعلت الفتيل حتى اهتز المكان من حولنا وارتفع المدفع عن الأرض عدة امتار، ونجونا من موت محقق لأننا كنا نمد الفتيل بعيدا عن المدفع«.

ويتذكر غازي كيف كان الأطفال من احياء مختلفة من المدينة يتوافدون الى قلعة البر ليشاهدوا مدفع رمضان خلال اطلاقه.

اشارة اخيرا الى أن مدفعين مماثلين لمدفع رمضان القديم لا يزالان يربضان عند مدخل قلعة صيدا البحرية، وهما من ضمن عدة مدافع قديمة لا تزال تحتفظ بها هذه القلعة وبات جزءا من تاريخها ومن تراث المدينة وهي تعود الى حقبات تاريخية عديدة وكانت تستخدم في صد الغزوات عن المدينة على مدى العصور.