عام >عام
محاولات تعويم إرهاب "داعش" في مخيم عين الحلوة تفشل
هدوء حذر يلف المخيّم وسط غياب المعالجات الجذرية
محاولات تعويم إرهاب "داعش" في مخيم عين الحلوة تفشل ‎الاثنين 21 08 2017 09:22
محاولات تعويم إرهاب "داعش" في مخيم عين الحلوة تفشل
أضرار الدمار في الشارع الفوقاني لمخيّم عين الحلوة.. متى يتوقّف مسلسل العبث الأمني؟!

هيثم زعيتر

انفجر الوضع الأمني في مخيّم عين الحلوة، كما كان متوقّعاً ومخطّطاً له، استباقاً وتزامناً مع معركة القضاء على "داعش" في جرود رأس بعلبك والقاع، التي أطلقها الجيش اللبناني تحت إسم: معركة "فجر الجرود"، وفي القلمون التي أعلنها الجيش السوري و"حزب الله" تحت عنوان: "إنْ عدتم عدنا".
والهدف هو فتح أكثر من معركة في رسالة للجهوزية، في محاولة للتخفيف عن المجموعات الإرهابية في الجرود، وتوجيه الأنظار إلى واقع بعض الإسلاميين المتشدّدين المطلوبين المتواجدين داخل المخيّم، في محاولة لأنْ تشملهم أي مفاوضات قد تحصل مع "داعش"، وهو ما رفضه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم خلال مفاوضات إجلاء مجموعات "جبهة النصرة".
وأصبح الحديث عن نجاح الاتصالات الفلسطينية واللبنانية بوقف إطلاق النار وسحب المسلّحين وعودة الأهالي وتشكيل لجان، وهو ما يحصل بين الحين والآخر، وتُعاد الكرّة مرّة جديدة، ويدفع اللاجئون الفلسطينيون ضريبة خسارة أبنائهم بين ضحية وجريح وتضرّر محالهم وممتلكاتهم ومنازلهم وسياراتهم واضطرار الكثير منهم إلى النزوح، فضلاً عمّا يسببه ذلك من توتير وأضرار في الجوار، وتحديداً مدينة صيدا، والخط المحاذي لمخيّم عين الحلوة المؤدي من وإلى الجنوب.
ومردُّ ذلك إلى أنّ المعالجة لا تكون جذرية، بل بعد كل اعتداء واشتباك يتم التوصّل إلى وقفٍ لإطلاق النار، وعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل حصوله، دون محاسبة المخلّين ومسبّبي التفجير والتوتير، الذين يبقون طلقاء، ويُعيدون كرّة التوتير بأسماء وعناوين متفرّقة.
في7  نيسان الماضي اعتدت "مجموعة بلال بدر" على "القوّة المشتركة" أثناء توجّهها للانتشار عند المدخل الفوقاني لسوق الخضار، وانتهت المأساة بسقوط 9 ضحايا و43 جريحاً وأضرار فادحة، ولم يتمكّن الأهالي من إعادة البناء، بل ما زالوا يبحثون عمَّنْ يقوم بمساعدتهم بذلك قبل حلول فصل الشتاء.
وفيما لم يكادوا ينسون تلك المأساة، إذ بأحد أركان "مجموعة بلال بدر"، بلال العرقوب يعتدي على مركز "القوّة المشتركة" في "قاعة الشهيد سعيد اليوسف" في الشارع الفوقاني من المخيّم، ما أدّى إلى سقوط الشهيد الضابط في القوّة المقدّم عبد المنعم الحسنات "أبو علي" طلال ومقتل نجل بلال، عبيدة.
اجترار الإشكالات
وبعد هدوء حذر وتشييع الجثمانين، وبدء عودة الأهالي إلى أحياء: الطيري، الصحون، المنشية، الرأس الأحمر وسوق الخضار، أقدم العرقوب على احتلال منزل الضابط في حركة "فتح" أبو سمير بركة في حي الرأس الأحمر، الذي كان قد أخلاه سابقاً، وأجّره إلى عائلة من آل زبيدات، وذلك بعدما احترق منزل العرقوب خلال اشتباكات يوم الجمعة، وتسلّمته لجنة من الحي.
ومنذ التاسعة والنصف من صباح السبت تجدّد إطلاق النار في مخيّم عين الحلوة، قبل أنْ يُسجّل هدوء تخرقه رشقات نارية.
وقد عزّزت "القوّة المشتركة" و"قوّات الأمن الوطني الفلسطيني" مواقعها في الشارع الفوقاني للمخيّم المقابلة لـ"حي الطيري" خاصة من مفرق سوق الخضار حتى "حي الصحون" و"جبل الحليب".
وشنّت هجوماً باتجاه "حي الطيري"، حيث يتواجد بدر والعرقوب مع مؤيديهم، استُخدِمَتْ فيه القذائف الصاروخية وقذائف الهاون من جبل الحليب باتجاه تلك المنطقة، فضلاً عن قذائف الـ"أر.بي.جي" والأسلحة الرشّاشة والمتوسّطة والفردية مع إلقاء قنابل وقنص.
وسقط لحركة "فتح" خلال الهجوم العريف أحمد خالد رميض الفارس، فيما قُتِلَ من "مجموعة بلال بدر" سعيد علي داوود بعد إصابته بطلقات عدّة أدّت إلى وفاته.
ونزحت الكثير من العائلات من مناطق التوتّر إلى منازل أقارب لها في المخيّم وخارجه، والبعض منهم أمضى ليلته في العراء في مدينة صيدا وبينهم في "قاعة القطب" عند "مسجد الموصللي" في تعمير عين الحلوة، الذين غابت عنهم المؤسّسات التي تنشط في إغاثة المنكوبين.
ووصل الرصاص إلى خارج المخيّم باتجاه تعمير عين الحلوة، الفيلات، محيط الجامعة اللبنانية، حيث تضرّرت سيارة كانت متوقفة هناك، وأخرى في المدينة الصناعية، ما أدّى إلى قطع القوى الأمنية اللبنانية الأوتوستراد الغربي المحاذي للمخيّم.
في غضون ذلك، اتخذ الجيش اللبناني إجراءات أمنية في محيط المخيّم منعاً لأي تطوّرات، حيث عزّز مواقعه.
هجوم ليس بحاجة لقرار
هذا الهجوم الذي قامت به بعض القوى في "القوّة المشتركة" و"قوّات الأمن الوطني الفلسطيني" ليس بحاجة إلى قرار لتنفيذه، واعتذار بعض الفصائل والقوى المشاركة في "القوّة المشتركة" عن عدم المشاركة به، أو التذرّع بأنّه لم يتم التنسيق معها بهذا الهجوم، لأنّه انطلاقاً من القرارات السابقة التي كانت قد اتخذتها القيادة السياسية للفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية خلال الاشتباكات السابقة، اعتبرت "أنّ بدر ومجموعته مطاردون ويجب اعتقالهم وتوقيفهم"، لذلك هم مطلوبون للقوّة ويجب عليها توقيفهم، وعند الاعتداء عليها يكون في حالة الدفاع عن النفس، إلا إذا كانت هناك حسابات لدى البعض مع كل اشتباك أو إطلاق نار، يجب عقد اجتماعات من أجل البحث في مهمة "القوة المشتركة"، وهو ما يساهم بإعطاء ذريعة للمعتدين للتطاول عليها أو على فصائلها، وتذهب دماء الضحايا وجنى عرق الأهالي هباءً، وكأنّ شيئاً لم يكن، ومَنْ يضمن عدم العودة إلى الموّال ذاته؟.
في المرّة السابقة غادر بدر منزله في "حي الطيري"، وأقام في منزل آخر، وخسر العرقوب منزله ونجله عبيدة، فماذا جنياه من التصرّفات العبثية؟
وما يترك تساؤلات عن "هشاشة" العلاقة بين مكوّنات "القوّة المشتركة"؟
وقد أعلنت حركة "حماس" انسحابها من "القوّة المشتركة" في "حي الطيري" بسبب عدم التنسيق معها في قرار "فتح" معركة جديدة في المخيّم.
ومنذ اندلاع الاشتباكات كانت حصيلة الخسائر البشرية 4 قتلى و18 جريحاً.
* القتلى هم:
- من "قوّات الأمن الوطني الفلسطيني": المقدّم عبد المنعم الحسنات "أبو علي" طلال والعريف أحمد خالد رميض الفارس، الذي شيع بعد صلاة عصر أمس (الأحد) بعدما صلي على جثمانه الطاهر في "مسجد الجميزة" في الشارع التحتاني، ثم ووري الثرى في "مقبرة الشهداء" بدرب السيم.
- ومن "مجموعة بلال بدر": عبيدة بلال العرقوب وسعيد علي داوود.
 * والجرحى الذين أصيبوا يومَيْ السبت والأحد: محمد محمود "الزيكو"، فادي حمد "أبو عرب" (بائع قهوة جوال)، أبو علاء اليوسف، بلال حوراني، أبو كامل وعبد صبحة.
وعُرِفَ من أصحاب المحلات المتضرّرة: حسن الشايب، زهير الخطيب، جميل زيدان، موسى أسعد، الكزماوي، قهوة بلال العرقوب، الصاوي، كروم، محمود المنصور "أبو حمزة" سابقاً (الذي كان يعمل لديه مدبّر "تفجيرات رمضان" الإرهابية خالد مسعد "السيد").
اجتماعات لتلافي الانفجار
وكانت القيادة السياسية للفصائل والقوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية قد عقدت اجتماعاً طارئاً في "مسجد النور" بالشارع التحتاني من المخيّم، وقرّرت وقف إطلاق النار بعدما جرى رفض الشروط الذي وضعها بلال بدر ومجموعته.
كما كان قد انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من تسجيل صوتي لبلال العرقوب يهدّد ويتوعّد فيه.
آل داود يتبرأون
وأعلن "آل داود في الجنوب" في بيان بعد اجتماع في القاسمية عن أنّ "سعيد علي داود الذي قُتِلَ مع الإرهابي بلال بدر في مخيّم عين الحلوة، هو من المغرّر بهم، ولا يمت للعائلة بأي صلة".
وقال البيان: "سبق وأعلنت عائلتنا أنها تقف بجانب الحق في المعركة، ونطالب السفير الفلسطيني والقيادات الأمنية الفلسطينية بالتوحّد من خلال غرفة عمليات مشتركة للقضاء على هذه المجموعات الإرهابية في مخيّم عين الحلوة، بعدما سقطت في عرسال وهي في طريق السقوط على أيدي الجيش في القاع".
وختم: "المجتمعون يستنكرون التهديدات والشتائم التي أطلقها الإرهابي بلال العرقوب بحق المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم والسفير الفلسطيني أشرف دبور واللواء منذر حمزة واللواء صبحي أبو عرب وحركة "فتح" والعميد محمود عيسى "اللينو"، والعرقوب يعبّر عن شخصيته ونفسيته ومشروعه الدموي الممتد إلى زمرته المتقهقرة في الجرود الشرقية "داعش"، ولا يمكن له أنْ ينال من الكبار على مستوى المنطقة ولبنان من أمثال اللواء إبراهيم والسفير دبور واللينو وقيادات فتح الشرفاء".
مواقف مندّدة
* وأدان الأمين العام لـ"التنظيم الشعبي الناصري" الدكتور أسامة سعد الاشتباكات التي عادت مجدّداً إلى مخيم عين الحلوة لتهدّد مصيره وحياة سكانه، وتلحق الضرر البالغ بدوره في الكفاح من أجل القضية الفلسطينية، ولا سيما حق العودة للاجئين، وذلك في الوقت الذي يخوض فيه الجيش اللبناني والمقاومة معركة تحرير الجرود الشرقية من الجماعات الإرهابية، وهو ما يمكن أن يشكل ثغرة وخللاً في المعركة المفصلية التي يخوضها لبنان ضد الإرهاب.
وقال سعد في تصريح له: "الكلام على النتائج الكارثية لما يجري في المخيم، والتعبير عن الأسف والاستنكار، يبقيان من دون جدوى إذا لم يترافقا مع تحديد المسؤوليات الفعلية بهدف اعتماد المعالجات الجدية والمجدية. لكن، للأسف الشديد، لم يحصل حتى اليوم وضع النقاط على الحروف في ما يتعلق بالمسؤولية عما يجري،كما لم يتم اتباع معالجات جدية".
واعتبر أنّ "استمرار مسلسل الاشتباكات، والاهتراء المتزايد لأوضاعه وبقاء عوامل التفجير، مع غياب المعالجات الجديّة لمشاكل المخيم ومعضلاته، كل ذلك يدل على وجود مخطط جهنمي تشارك فيه أطراف داخلية وخارجية متعددة، ويستهدف شطب المخيم من الوجود تمهيدا لإنهاء حق العودة وتصفية القضية الفلسطينية".
* من جهته، شجب "تيار الفجر" اﻻعتداء على "القوّة الأمنية المشتركة" في عين الحلوة، وما نتج عنه من ضحايا وجرحى، وما تلاه من اشتباكات روّعت الآمنين، وأدّت إلى نزوح المدنيين وتخريب في الممتلكات.
ورأى التيار في بيان له، أنّ "مخيّم عين الحلوة لا يزال عصياً على الفتن، ورافضاً للإنجرار في دوامة الاقتتال العبثي التي تسعى بعض الجهات لجرّه إليها تنفيذاً لأجندات خارجية".
وأكد التيار أنّ "وحدة القوى والفصائل الفلسطينية ورفضها الرضوخ لابتزاز المجموعات الإرهابية الهادفة الى العبث بأمن المخيّم جنب عين ولا يزال الوقوع في الكثير من الفتن والمعارك العبثية"، مشدّداً على "ضرورة التصدّي لأي اعتداء يستهدف أمن المخيّم وسلامة قاطنيه".
ودعا التيار "كل الحريصين على الشعب الفلسطيني من داخل المخيّم وخارجه لبذل الجهود لتسليم المعتدين على "القوّة المشتركة" وكافة المطلوبين في ارتكابات أمنية وإرهابية إلى الجهات المختصة لينالوا جزاء ما اقترفت أيديهم من جرائم بحق الشعب الفلسطيني وقضيته المقدّسة".

 

سعيد علي داود.. العائلة تتبرّأ منه

يقفون مذهولين أمام هول الدمار في المحال والمنازل

 

العمل على إصلاح الأعطال في خطوط التيار الكهربائي

 

 

 

 

 

 

المصدر : اللواء