فلسطينيات >داخل فلسطين
والد عهد التميمي: ابنتي نموذج لجيل يعرف العدو ولا يخشاه
والد عهد التميمي: ابنتي نموذج لجيل يعرف العدو ولا يخشاه ‎الاثنين 25 12 2017 19:52
والد عهد التميمي: ابنتي نموذج لجيل يعرف العدو ولا يخشاه


عهد باسم التميمي، ابنة الستة عشر ربيعا، أصبحت أيقونة الوطن والمقاومة، حيث انتشرت صورتها في كل الصحف والمجلات ومواقع التواصل الاجتماعي وأصبحت رمزا للعزة والكرامة في رفض الاحتلال ونموذجا للجيل الذي كسر حاجز الخوف ولديه الجرأة أن يوجه صفعة على وجه الجندي المدجج بالسلاح والمخزون الهائل من الحقد والعنصرية٬ فيصل صدى الصفعة كل رموز المساومة والتخاذل والتطبيع.  اسمها تردد في الحملة الانتخابية في جنوب أفريقيا وفي مظاهرات إسطنبول وفي تايمز سكوير في نيويورك.

عهد قطعت عهدا على نفسها أن تنتصر لكرامة خالها الذي استشهد أمام عيون أمها ولعمتها التي قتلت بدم بارد في قاعة المحكمة الإسرائيلية التي من المفروض أن تكون بؤرة أمن عندما دفعت بها مستوطنة فسقطت عن الدرج على رأسها لتصاب بنزيف حاد تفارق معه الحياة.  وها هي ترد على الكيان المغتصب بصفعة تردد صداها في أنحاء المعمورة.

والدها باسم التميمي قال” إنه اعتقل 9 مرات من بينها مرة أصيب بشبه شلل، وقال إن “عهد فتاة خجولة جدا في البيت، هادئة حنونة على أخويها الأصغر منها وصديقة لأخيها وعد الذي يكبرها سنا.  متقدمة في دروسها فهي الآن في آخر سنة لها في المدرسة الثانوية علما أنها ستحتفل بعيد ميلادها السابع عشر في 30 آذار / مارس 2018 وهي صلبة وعنيدة.  تحلم كالأطفال. عندها ثقة عجيبة في النفس. لا تحب الحديث عن نفسها لا تحب أن تنسب لنفسها انتصارات.  كل مقابلاتها التي أجرتها ترفض أن تتفاخر بنفسها بل تؤكد أن كل ما قامت به يقوم به كل طفل فلسطيني. الفرق بينها وبين بقية الأطفال أن الكاميرا لقطت المشهد”. متصالحة مع نفسها تردد دائما “أن أسوأ ما في الاحتلال أنه وضع حدا لأحلامنا. فأنا كان حلمي أن أصبح لاعبة كرة قدم أما اليوم فأنوي دراسة الحقوق”. نخشى أن المعتقل الآن قد يعطل طموحها ويدمر أحلامها كما فعل بالعديدين الذين يعتقلهم قبل التخرج.

ويتابع التميمي: "نحن من أسرة تجسد المعاناة الفلسطينية اعتقلت تسع مرات – زوجتي اعتقلت خمس مرات وهي الآن معتقلة فقدت أخاها ورأته يقتل بدم بارد وهي تصوره بالفيديو.  ابني وعد اعتقل أول مرة وعمره 14 ثم اعتقل وعمره 19 سنة وهو الأن جريح جراء كسر يده من جنود الاحتلال.  بنتي عهد أصيبت من قبل عدة مرات.  وابني الآخر سلام شوهد عالميا وجنود الاحتلال تحاول كسر يده وعمره 11 عاما.  بيتنا اقتحم عشرات المرات والان قد يأتون لهدمه في أي لحظة.  نحن كأسرة نريد أن نمثل خيار المقاومة وهو خيار واجب وليس اختياريا".

ويؤكد باسم أن عائلته هي النموذج وليس الاستثناء. نموذج يمثل إرادة المقاومة لدى الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني الذي لا يريد للفلسطيني ألا يكون إلا ممعنا في الغياب. رقما يحذف بسهولة.  بينما إرادة الشعب الفلسطيني هي إرادة مقاومة.  لا مكان آمن في فلسطين. "عائلة الدوابشة استهدفت في بيتها وهي نائمة. وإبراهيم أبو ثريا استهدف وهو معاق.  لكن إبراهيم علمنا أن الإعاقة في الإرادة وليس في الجسم وبالتالي رفع مستوى الإحراج والذريعة لمن لا يريد مقاومة الاحتلال.

ويضيف "عهد وإبراهيم يؤسسان لانطلاقة جديدة وعلاقة جديدة في شكل النضال والاشتباك مع هذا المحتل لتصفعه بكامل وجوده".

وقال والد عهد رداً على من يظن أن مقاومتها للجنود الذي اقتحموا البيت وكسروا الشباك أنها حالة انفعال وهذا تفريغ للقضية من محتواها.  "العلة الأساس هو الاحتلال وليس كسر الزجاج أو كسر الأبواب أو إصابة طفل أو اعتقال قاصر العلة هو في الاحتلال الموجود هنا وفي كل مكان وفي حيفا ويافا والناصرة وفي كل فلسطين.  الاحتلال يستحق المواجهة. سواء كسر أبوابنا أو لم يكسرها ضربنا بالكف أو بكعب البندقية.  إنه في المحصلة النهائية احتلال غير قانوني ولا أخلاقي".

"ضغط الرأي العام باتجاه التعاطف مع عهد لا يعني أنه سيساعدها"

ويضيف "عهد ترفض أن يصنفها الناس على أنها ضحية، يتابع والدها” عهد لا تريد دمعة شفقة بل تريد للناس أن يروها مناضلة ضد الاحتلال وهي تريد أن تكون نموذجا لجيل يعرف العدو ولا يخشاه.  جيل كسر حاجز الخوف ويستطيع أن يصفع حامل البندقية بيديه العاريتين وينتصر عليه أخلاقيا ومعنويا على طريق الانتصار على الاحتلال. جيل انتصر على خوفه وضعفه ولم تتسلل إلى قلوبهم لغة المصلحة ولم تتسلل إليهم ثقافة الاستهلاك والمساومة، وأدرك أنه ينتمي لفلسطين وليس إلى فصيل سياسي بعينه. "هذا هو الجيل الذي سينتصر بوعيه وصلابته وهو الذي سينشئ دولة العشاق كما وصفها محمود درويش".

وأكمل والد عهد التميمي حديثه  قائلا" ضغط الرأي العام باتجاه التعاطف مع عهد لا يعني أنه سيساعدها بل سيكون رد الفعل الإسرائيلي أكبر.  ومع أن هناك عددا من المتطوعين من المحامين العرب من بينهم فريد الديب، محامي الرئيس المصري السابق حسني مبارك، إلا أن نظام العدالة الإسرائيلي المنحاز لقوات الاحتلال والمتجبر على رقاب المحتلين لن يغير في الأمر شيء لأن نظام العدالة أصلا غير عادل. هناك محام محلي سيتولى الأمر لكننا نثمن هذا التعاطف."

يقول باسم إن عهد أوجدت مزاجا عربيا متضامنا مع القضية الفلسطينية ومشتبكا مع الاحتلال افرزت حالة مشتبكة ولغة مقارعة ونضال.  "فإذا كان أوسلو قد مثل تحولا في الوعي والاتجاه نحو المهادنة والمساومة نحن الآن نعيش لحظة تحول في الاتجاه المعاكس لتصحيح المسار.  وعلى السلطة الفلسطينية الا تفوت هذه الفرصة المواتية.  وإذا غيرنا المسار على المستوى الفلسطيني سيعقبه تغيير في المسار على المستوى العربي وقيادة هذا التغيير.  الخوف من المتسلقين. الخوف من المستسلمين في الميدان السياسي. وعلى الإعلام أن يواكب هذا التحول من عقلية الضحية إلى عقلية المقاومة المشتبكة".

ثم التقت  مع ابنة خال عهد لنا حرب، وهما في نفس المدرسة ونفس القسم. قريبتان وصديقتان تقول لنا عن ابنة خالها إن لديها شخصيته قوية لا تقبل الظلم ولا تسكت عليه. وتضيف” “بعيدا عن الكاميرات عهد بنت تحب الحياة ولديها أحلام ومجتهدة في المدرسة وهي في سنتها الأخيرة. في مدرسة البيرة الجديدة. اعتقلت الآن في مرحلة مصيرية قد تؤثر على حياتهم. فقد يدمرون مستقبلها

و كل ذنبها أنها حاولت أن تمنع الجندي أن يقتحم بيتها وهذا حق.  فكان رد فعلها أنها صفعت الجندي.  وكانت أصلا غاضبة لإصابة ابن عمها محمد قبل يوم وعمره 13 سنة.  أصيب بطلقة مطاطية في وجهه وهو في حالة خطيرة في المستشفى.

وتضيف لنا حرب عن عهد ” قيل لها إن الجندي الذي حاول اقتحام البيت هو نفسه الذي أطلق الرصاص المطاطي على ابن عمها. أما أمها فقد ذهبت لتسأل عنها في مركز الاعتقال “بنيامين” ولترافقها في التحقيق لأنها قاصر دون السن القانوني فدخلت غرفة التحقيق وأختها معها.  فاعتقلوا أمها ناريمان وطلبوا من أختها أن تغادر المكان”.

وتتابع لنا حول هوايات صديقتها “عهد تحب كرة القادم وتحب الحياة والمزاح. لكن عهد تريد أن توصل رسالة للعالم عن معاناة الشعب الفلسطيني وأعتقد أنها نجحت في إيصال هذه الرسالة بسبب الزخم الإعلامي الكبير.  هناك عديد من الأسرى في فلسطين من عمرها وأقل لكن ليس كل من سجن يستطيع أن يوصل هذه الرسالة بمنتهى التأثير والبلاغة.  وقد تطوع أكثر من محام للدفاع عنها ٫وقد تظاهر ألوف من الناس من أجل عهد ولا نعرف لحد الآن ما هي التهم التي سيوجهونها لها لكن ثقتنا بها كبيرة وصمودها في وجه السجان لن يتأثر.  بالتأكيد هناك قضاء منحاز ولا نعتقد أنها ستخرج في وقت قصير إلا إذا حدث تدخل كبير من قوى خارجية ومنظمات حقوق إنسان ورأي عام قوي ينتصر لها كطفلة دون السن القانوني”.

المصدر : وكالات