لبنانيات >صيداويات
حركة إقلاع وهبوط ناشطة عبر «مطار» عين الحلوة
حركة إقلاع وهبوط ناشطة عبر «مطار» عين الحلوة ‎الجمعة 23 02 2018 09:36
حركة إقلاع وهبوط ناشطة عبر «مطار» عين الحلوة


قد يكون السفر إلى بلد، بعيداً كان أم قريباً، بالنسبة لكثيرين، نوعاً من الترف، أو للتمتع بإحدى فوائد السفر السبع. لكنه بالنسبة إلى إبن مخيم عين الحلوة، هو أبعد ما يكون عن الترف وأقرب إلى الهروب من واقع يعيشه وإلى الإفادة من فائدة ثامنة للسفر بطبيعة الحال هي البحث عن حاضر أكثر يسراً له ومستقبل أفضل لأبنائه.
كثيرة هي الأسباب التي تدفع بإبن مخيم عين الحلوة إلى طرق باب الهجرة، في مقدمها الوضع المعيشي والإنساني الصعب الذي يعيشه في بقعة لا تتجاوز مساحتها الكلم المربع الواحد مع أدنى حد من الخدمات الأساسية رغم تقديمات الأونروا التي لا تزال دون طموح اللاجىء الفلسطيني في المخيم كما في غيره. أما السبب الآخر والأكثر رواجاً هذه الأيام، فهو العامل الأمني سواء تعلق الأمر بمن لم يعد يطيق العيش في بيئة تشهد عدم استقرار أمني بين فترة وأخرى وتتراجع فيها فرص كسب الرزق، أو تعلق الأمر بمطلوبين كالذين يغادرون المخيم أو يعودون إليه بين الحين والآخر، بغض النظر عن كيفية خروجهم أو دخولهم.
وعديدة هي الوسائل التي يلجأ اليها طالبو الهجرة من المخيم، وهي تختلف باختلاف أسبابها وربما وجهتها. فعلى مدى السنوات القليلة الماضية (وبالتزامن مع النزوح السوري) سجلت موجة ناشطة من الهجرة غير الشرعية لعائلات فلسطينية بأكملها غادرت المخيمات بالمئات ومن ضمنها مخيم عين الحلوة ووجهتها أوروبا عبر الحدود السورية أو التركية أو حتى بطريقة شرعية من لبنان (براً أو جواً) لتصبح غير شرعية من خارجه (بحراً). معظم هذه العائلات وصل إلى وجهته ويعيش حالياً في عهدة قوانين الهجرة والنزوح المعتمدة في كل بلد، وعدد لا بأس به دفع ثمناً غالياً لمغامرته من حياته وربما من حياة أفراد أسرته، مع ما يرافق ذلك من مآس ونكبات متنقلة تصيب عائلات بأكملها وآخرها ما تم إعلانه عن فقدان الاتصال باللاجىء محمد سعدة وزوجته وطفلهما الذين غادروا منتصف كانون الثاني الماضي ووجهتهم ايطاليا. بينما عاد آخرون خائبين، من جهة لعدم تمكنهم من متابعة رحلة المصير المجهول حتى يصبح معلوماً، أو شاكرين الله لنجاتهم من ذلك المصير.
وبموازاة ذلك تسجل بين الحين والآخر حالات هجرة افرادية من بينهم شبان في مقتبل العمر يغريهم نجاح أتراب لهم سبقوهم على درب أوروبا لتحقيق أحلام ربما أن بقيوا في هذا المخيم أو ذاك، ستبقى مخنوقة لا تبصر النور.
«مطار» عين الحلوة
يشبه البعض حركة خروج ودخول المغادرين أو العائدين إلى مخيم عين الحلوة، سواء كانت أوضاعهم قانونية أم لا، بحركة إقلاع وهبوط لكن عبر «مطار» افتراضي غير مرئي، تسجل يومياً أو كل فترة من وإلى المخيم. يتقدمها المسافرون العاديون بقصد العمل أو متابعة الدراسة أو زيارة الأراضي المقدسة أو زيارة قريب وهم بمعظمهم أوضاعهم قانونية (أي عبر المرافىء الجوية والبرية والبحرية الشرعية) بغض النظر عن وجهتهم (وغالباً ما تكون الخليج العربي أو فلسطين أو الأردن أو أوروبا)، يليهم المهاجرون بقصد تحسين معيشتهم وبناء مستقبل أكثر أماناً (عائلات وأفراداً) وهؤلاء يجتازون الحدود البرية أو البحرية أو حتى عبر المطار بشكل قانوني وطبيعي ثم يلجأ معظمهم إلى البحث عن وسيلة توصلهم وعائلاتهم إلى أوروبا فيصلون أو لا يصلون، وفي آخر اللائحة يأتي من هم ملاحقون بملفات أمنية والذين غالباً ما تكون مغادرتهم محاطة بكثير من السرية سواء لجهة توقيتها او كيفيتها إن كان من داخل المخيم إلى خارجه أو من داخل الحدود إلى خارجها. ووجهة معظم هؤلاء سوريا أو تركيا أو عبرهما إلى أوروبا.
والمفارقة أنه في عدد من حالات هؤلاء المطلوبين الذين غادروا خلال نهاية العام الماضي أو مطلع العام الحالي سجّلت عودة بعضهم كما هي الحال بالنسبة للمطلوب هيثم الشعبي الذي عاد نهاية العام الماضي بعد أشهر قليلة على مغادرته، ومحمود ماهر حمد الذي عاد مؤخراً بعد مغادرته المخيم في فترة سابقة.
يبقى أنه بغض النظر عن ظروفها أو أسبابها أو وجهتها، لا تزال حركة «الاقلاع» و«الهبوط» عبر مطار عين الحلوة الافتراضي مستمرة. لكن ثمة سفر ينشده جميع أبناء المخيم بل جميع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، عبر خط واحد «وان واي تكت» وبكل وسائل السفر، على أن يكون فقط إلى فلسطين، الدولة المحررة من الاحتلال الإسرائيلي وعاصمتها القدس الشريف. فمتى يحين موعد هذه الرحلة؟.

المصدر : رأفت نعيم - المستقبل