فلسطينيات >داخل فلسطين
خليفة أينشتاين.. انتصر للقضية الفلسطينية ودعمها بفكره
خليفة أينشتاين.. انتصر للقضية الفلسطينية ودعمها بفكره ‎الجمعة 16 03 2018 20:05
خليفة أينشتاين.. انتصر للقضية الفلسطينية ودعمها بفكره


 

نذ تسلّم عالم الفيزياء البريطاني، ستيفن هاوكينغ قلادة ألبرت أينشتاين عام 1979، قطع على نفسه عهد التفرّغ التام للعلم والبحث في القوانين الكونية، والتسلسل الزمني، فتوصل خلال مسيرته العلمية الرافدة إلى الكثير من الاستنتاجات والاكتشافات التي استشرفت مستقبلاً بيئياً وبشرياً قاتماً، رغم إصابته بمرضٍ عصابي أعجزه عن المشي والنطق تدريجياً وعلى مدار عقود من الزمن، فبقيت عيناه تراقبان الكون، وعقله يعمل بنشاط مذهل.

أحد أهم إنجازاته في الفيزياء النظرية، إثباته أن الثقوب الكونية السوداء تصدر إشعاعاً على عكس كل النظريات المطروحة آنذاك؛ وسمي هذا الإشعاع باسمه "إشعاع هوكينج" واستعان بنظريات ميكانيكا الكم وقوانين الديناميكا الحرارية. كما عبّر عن قلقه على الحياة على كوكب الأرض في وجه الخطر المتمثل باندلاع حرب نووية مفاجئة أو انتشار فيروس جرت هندسته وراثياً أو الاحتباس الحراري، وغيرها من الأخطار المحدقة التي لم تحدث بعد.

أحد أهم أفكاره التي أثارت جدلاً أن وقوع هكذا كوارث لن يؤدي لأن يمتد تأثيرها على الكوكب بأسره لانقراض البشر في حال استطاع الجنس البشري استعمار كواكب أخرى قبل حلول هذه الكوارث، إذ يرى هوكينج في إرسال الرحلات الفضائية واستعمار البشر للفضاء ضرورةً من أجل التأمين على مستقبل البشرية المًهدد بالانتهاء.

إنجازات هوكينغ العلمية كانت مدعاة لترسيخ وتعظيم مفهوم الإنسانية لديه، ولم تثنهِ عن الانتصار للإنسانية والحق أينما كان، لفهمه العميق لهذه القيم ومبادئها. القضية الفلسطينية كانت تشغل باله، وكان من نتاج ذلك، إعلانه عن دعمه للقضية عام 2013 حينما قاطع "المؤتمر الرئاسي" الذي دعاه إليه، الرئيس

"الإسرائيلي" الأسبق، شمعون بيريز، وقال في رسالة اعتذاره عن حضور المؤتمر الأكاديمي الذي جرى تنظيمه في القدس "إن سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية ستقود إلى كارثة على الأغلب".

وأضاف هوكينغ، والذي عمل أيضاً أستاذاً في جامعة كامبريدج البريطانية المرموقة "لقد قبلت الدعوة للمؤتمر الرئاسي ناوياً (في البداية)، على اعتبار أن هذا الأمر لن يسمح لي فقط بإبداء رأيي حول مستقبل عملية السلام ولكن أيضاً لأنه سيسمح لي بإلقاء محاضرات في الضفة الغربية".

وتابع:"ولكني تلقيت العديد من الرسائل من الأكاديميين الفلسطينيين. جميعهم متفقون بأنني يجب أن أحترم قرار المقاطعة الأكاديمية. وبناء على ذلك، فإنني أنسحب من المؤتمر. ولكن وإن كان لي الحضور، فإنني كنت سأقول رأيي بأن سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية ستقود إلى كارثة على الأغلب".

أدى ذلك حينها إلى رد فعل غاضب في الأوساط الصهيونية التي اتهمته بالخنوع "للمتطرفين"، ولعبت دور الضحية كعادتها، وفقاً لما قاله السفير "الإسرائيلي" في لندن، دانييل تاوب "إنه من العار أن ينسحب البروفسور هوكينغ من المؤتمر، وبدلاً من الخضوع لضغوط المتطرفين السياسيين، كانت ستساهم المشاركة المباشرة في هذه المناسبات في تطوير مسار السلام".

لم يكتفِ دعم هوكينغ لفلسطين على المقاطعة الأكاديمية لجامعات العدو، بل كان قد دعا ملايين متابعيه عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، ويتابعه أكثر من 3.8 ملايين شخص من حول العالم، للتبرع لصالح أول مدرسة فلسطينية للفيزياء المتقدمة، والتي تقدم دروساً في الفيزياء لطلاب الماجستير في الضفة المحتلة.

ومن صور مساندته للقضية، دعمه لحملة مقاطعة العدو(BDS) ، وتأييده منذ فترة طويلة لفلسطين وباحثيها الشباب وجامعة بيرزيت التي زارها في عام 2006، بحضور مئات من أعضاء هيئة التدريس والضيوف، وآلاف من الطلبة، وقال إنه سيعود لزيارتها مجدداً، وانضم لقائمة الأكاديميين المقاطعين للعدو. كما هنأ المدرّسة الفلسطينية حنان الحروب، والتي نالت قبل عامين جائزة التدريس العالمية، في رسالة مصورة على صفحته على "فيسبوك"، واصفاً إياها بأنها "إلهام للناس أينما كانوا".

أخذت معاناة الفلسطينيين التي راقبها هوكينغ في زيارته للضفة الغربية، مساحة من كتاباته أيضاً، ففي مقالة لها كتبها قبل عام تطرق فيها إلى المعاناة التي يعانيها طلبة الجامعات الفلسطينية عمومًا، وطلبة العلوم تحديداً، بمن فيهم طلبة الفيزياء، بسبب صعوبة الحركة والتنقل في ظل الاحتلال الصهيوني الذي يعيق حرية الحركة.

وقال هوكينغ :"أنا أدعم بقوة حقوق العلماء وطلبة العلم أينما كانوا، بحرية الحركة والنشر وتبادل الخبرات العلمية بعضهم مع بعض".

رحل هوكينغ عن الكون الذي سكن عقله، في يوم ذكرى مولد أينشتاين، تاركاً وراءه إرثاً علمياً هائل، وتساؤلات محيرة تتطلب الكثير من البحث العلمي للإجابة عنها.

المصدر : وكالات