فلسطينيات >الفلسطينيون في الشتات
"انهض واقتل أولًا".. 2700 عملية اغتيال صهيونية خلال 70 عامًا
"انهض واقتل أولًا".. 2700 عملية اغتيال صهيونية خلال 70 عامًا ‎الخميس 10 05 2018 09:10
"انهض واقتل أولًا".. 2700 عملية اغتيال صهيونية خلال 70 عامًا

جنوبيات

ظهر أول كتاب يرصد العمليات السوداء لـ«الموساد» الإسرائيلي، للكاتب «رونين بيرجمان»، والكاتب عمل مراسلًا للشئون العسكرية والاستخباراتية، فى صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، وذلك بعد مرور ٧٠ عامًا على تأسيس إسرائيل.
وتأتى أهمية هذا الكتاب من حجم الوثائق السرية، والشهادات الرسمية التى توصل إليها الكاتب؛ حيث أجرى أكثر من ١٠٠٠ مقابلة مع رجالات الدولة من سياسيين، وعسكريين، وأمنيين. 
ورغم هذه المقابلات المتعددة التى أجراها «بيرجمان» مع رؤساء وزراء سابقين، مثل إيهود باراك، وإيهود أولمرت، فإنه واجه العديد من المضايقات الرسمية، حيث سعت أجهزة المخابرات لتعطيل أبحاثه، فضلًا عن قيامها بتحذير موظفى الموساد وعملائه من الإدلاء بشهاداتهم معه.
واستغرق الكتاب ثمانى سنوات من البحث والتدقيق، وأشار الكاتب فى إحدى مقابلاته الصحفية إلى أن الكتاب يكشف تاريخًا حافلًا من الاغتيالات الإسرائيلية، على من سماهم أعداء دولة إسرائيل، كما أنه يعكس وقائع سلسلة طويلة من النجاحات التكتيكية، وكذلك حلقات متعددة من الفشل الاستراتيجي.
واستوحى «بيرجمان» عنوان الكتاب من «تلمود اليهودية القديمة»، والذى جاء فيه «إذا جاء شخص ما ليقتلك، انهض واقتله أولًا»، ويقول الكاتب: «إن نسبة كبيرة ممن قابلتهم ذكروا هذه العبارة كمبرر لعملهم»، وهو ما يتسق مع ما صرح به محامى وزارة الدفاع الإسرائيلية؛ حيث أكد أن هذه العمليات حرب مشروعة للحفاظ على أمن إسرائيل، وتتسق هذه الرؤية مع الرواية التى تحاول إسرائيل تسويقها عالميًا كونها دولة صغيرة وسط بيئة معادية، وذلك لتبرير ما تقوم به من تعزيزات فى قدراتها الاستخباراتية والأمنية لضمان التنبيه قبل الحرب.
واعتبر الكاتب أن تنفيذ المخابرات الإسرائيلية لأكثر من ٢٧٠٠ عملية اغتيال وتصفية على مدار ٧٠ سنة، جعل القادة الإسرائيليين يؤمنون أكثر بالاستخبارات والعمليات الخاصة لتحقيق أهدافهم بدلًا من الاعتماد على الدبلوماسية والحنكة السياسية، واستطاع «بيرجمان» إقناع عملاء الموساد، وأفراد من الأجهزة الأمنية والعسكرية للإدلاء بشهاداتهم.
وتعد هذه الشهادات أول اعتراف برعاية الدولة لعمليات الاغتيال؛ حيث كانت مقتصرة فى الماضى على مجرد تحليلات سياسية، وتقارير إعلامية، ورغم تأكيد الكاتب أن الاغتيالات تبرز فشل لغة السياسة، لكنه اعتبرها وسيلة مهمة فى بعض الأحيان لتجنيب إسرائيل الدخول فى حروب شاملة، وأشار فى ذلك إلى تصفية عشرات العلماء النوويين الإيرانيين بدلًا من الدخول فى حرب طويلة مع إيران. 
وانتهج الموساد الإسرائيلى العديد من الأساليب والأدوات لتنفيذ عمليات الاغتيال، حيث أشار «بيرجمان» إلى بعض هذه الأدوات مثل استخدام معجون الأسنان المسمم، والطائرات دون طيار، والهواتف المحمولة الملغومة، والإطارات الاحتياطية المفخخة لقتل الشخصيات المهمة فى دول الأعداء، إضافة إلى ذلك، تَبرّع المخابرات الإسرائيلية فى الإيقاع بالهدف فريسة للمغامرات الجنسية واستخدامها كورقة تهديد فيما بعد.
وتطرق «بيرجمان» إلى أن حكومات الكيان الصهيونى استخدمت شعارات الانتقام لكسب ثقة الرأى العام فى إطار الانتخابات والعملية السياسية داخليًا، وأشار إلى أن هناك العديد من العمليات الانتقامية التى تم الترويج لنجاحها، ولم يتم تنفيذها فعليًا، وذكر على سبيل المثال أسطورة ملاحقة النازيين التى يروج لها الإسرائيليون، وكذلك كذب ما أعلنت عنه «جولدا مائير» من نجاح أجهزتها الأمنية بتصفية أعضاء منظمة «أيلول الأسود» الفلسطينية التى تبنت تصفية عدد من الرياضيين الإسرائيليين المشاركين فى أوليمبياد ميونيخ ١٩٧٢، وأكد «بيرجمان» فى هذا الكتاب فشل هذه العملية، إذ لم يستطع الموساد تتبع أيٍ ممن شاركوا فى هذه الأحداث؛ حيث لم تكن تسمح أوروبا لإسرائيل بالقيام بتنفيذ عمليات تصفية على أراضيها قبل أحداث ميونيخ، وهو ما تغير بعدها.
ورغم الخسائر الفادحة التى قد تنجم عن عمليات الاغتيال، فإن إسرائيل لا تعبأ بذلك على الإطلاق بدعوى أمنها القومي، وفى هذا السياق، أشار «بيرجمان» إلى محاولات اغتيال ياسر عرفات المتعددة؛ حيث أمر آرئيل شارون بتفخيخ مقاعد الشخصيات المهمة فى ستاد بيروت ١٩٨٢، حيث كان مقررًا أن تجتمع قيادات منظمة التحرير الفلسطينية، وبالفعل تم تفخيخ الاستاد، والشوارع المحيطة به، ولكن تم إلغاء العملية فيما بعد خوفًا من سخط الرأى العام العالمي.
وأشار الكتاب أيضًا إلى أسلوب المخابرات الإسرائيلية فى تفجير الطائرات المدنية لاصطياد أهدافها؛ حيث قام وزير الدفاع الإسرائيلى آنذاك، إرييل شارون، بتشكيل مجموعة خاصة داخل الموساد الإسرائيلى للتجهيز لتصفية ياسر عرفات، وفى الفترة من ١٩٨٢-١٩٨٣، أبقى شارون عددًا من المقاتلات رهن الإشارة لإسقاط أى طائرة يستقلها عرفات بغض النظر عن عدد الضحايا، معتبرًا أن ذلك أمرًا قانونيًا. 
ويُذكر أنه توافر لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية معلومات تؤكد أن عرفات يستخدم طائرات نقل الركاب العادية، ويؤكد الكاتب نجاح محاولات الموساد الإسرائيلى فى الأخير لتصفية عرفات؛ حيث تمت العملية عبر استخدام تقنية التسميم الإشعاعي. 
وأشار الكتاب إلى العديد من عمليات الاغتيال والتصفية التى قامت بها الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية؛ حيث افتقدت هذه العمليات جميعها للأخلاق والمبادئ، وتعد إسرائيل الدولة الوحيدة فى العالم التى قامت بمأسسة سياسات الاغتيال داخل أجهزتها الأمنية والاستخباراتية، باعتبارها أحد أهم مبادئ الفكر الاستراتيجى الإسرائيلي.