لبنانيات >أخبار لبنانية
"حزب الله" يُفاخر بـ "انقلابه الناعم" في لبنان
"حزب الله" يُفاخر بـ "انقلابه الناعم" في لبنان ‎السبت 12 05 2018 11:19
"حزب الله" يُفاخر بـ "انقلابه الناعم" في لبنان

جنوبيات

ما من شيء يوحي بأن لبنان على وشك الانضمام الى «لعبة النار» التي بلغتْ أوجها في «ليلة الصواريخ» بين إيران وإسرائيل في سورية. فالجبهةُ المسترخية على الحدود اللبنانية مع الدولة العبرية منذ حرب الـ 2006، على هدوئها الملغوم، وقوةُ «اليونيفيل» لم ترْفع من وتيرة دورياتها الروتينية على خط الـ 1701، وكأن الجولان احتلّ مكانةَ جنوب لبنان، الذي استُخدم طويلاً مسْرحاً مأسوياً لتبادُل الرسائل الإقليمية.

ثمة انطباعٌ في بيروت بأن «حزب الله» الذي أفاد من حماية ظهره بـ «القبعات الزرق» حين قرّر الاستدارة نحو الداخل بعد حرب الـ 33 يوماً قبل 12 عاماً، لن يدفع بلبنان الى حربٍ لم يحن أوانها، فالرقص على حافة الهاوية وفوق الخطوط الحمر في سورية، بين اسرائيل وإيران لن يَخرج عن السيطرة إلا في ضوء مآل المواجهة الكبرى بين واشنطن وطهران بعد تمزيق النووي وتشديد العقوبات.

 
فبالرغم من ان «حزب الله» على جهوزية شبيهة بـ «التدبير رقم 3» في الجيوش، لإدراكه ان الحرب المؤجَّلة تُشْعِلُها أي دعسةٍ ناقصة او مُغامَرَة طائشة، فإنه ينكبّ الآن على عملية استثمار الانتصار الذي حقّقه في الانتخابات النيابية، في إطار «انقلابٍ ناعمٍ» ومن داخل المؤسسات عبر إرساء توازناتٍ جديدة كأول الغيث في خلْخلة النظام القائم على قاعدة التسوية التي انبثقت من اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب اللبنانية.


 
والأكثر وضوحاً في تظهير هذا «الهدف المركزي» لـ «حزب الله» ما قاله أمس وتكراراً نائبه وأحد منظّريه نواف الموسوي الذي تحدّث عن انه «تَحقق ما كنا نطمح اليه من تحرير القرار اللبناني من السيطرة التي تمت عليه منذ العام 1992 حتى 2018، ونستطيع القول إننا خرجنا من الهيمنة التي فُرضت علينا، وتالياً خطوْنا خطوة نحو تحرير القرار اللبناني من الهيمنة السعودية ومن النفوذ الغربي الى حد كبير»، معتبراً «ان ما حققناه من عدد مقاعد حمى دستورياً وسياسياً وديبلوماسياً المقاومة (حزب الله)».

ورغم ان «حزب الله»، الذي جرّب تبديل قواعد اللعبة السياسية وتَوازُناتِها بأساليب غير سياسية، على يقينٍ باستحالة إحداث تغييرات انقلابية في الواقع اللبناني، إلا ان استراتيجيته العائدة الى العام 1985 تُحقِّق مكاسب تُوّجت في انتخابات الأحد الماضي بزيادة حصته في كعكة السلطة في البرلمان الجديد وتالياً في الحكومة العتيدة على النحو الذي يتيح له قيادة «الانقلاب الناعم» على المدى البعيد، وخصوصاً ان قفل البرلمان ومفتاحه أصبحا في جيْبه.

وَهْجُ هذا التحول البطيء لا يعني ان لبنان على كفّ تغييراتٍ جذريةٍ وشيكةٍ بقدر ما أن البلاد على موعدٍ مع تَوازُناتٍ جديدة أَفْرزتْها صناديق الاقتراع، وأَمْلت تعديلاتٍ في التموْضعات داخل البرلمان الذي سارعتْ كتله الجديدة، الى تركيب تكتلاتٍ لحجْز أكبر عدد من المقاعد في الحكومة في إطار الصراع على إدارة الحُكم وقراره السياسي والمالي وعلى توجهاته الاقليمية.

وفي الطريق الشائكة الى ترجمة نتائج الانتخابات، سيُنتخب رئيس البرلمان، شريك «حزب الله» في الثنائية الشيعية، نبيه بري رئيساً لمجلس النواب للمرة السادسة بعد 20 الشهري الجاري، إما بالتزكية وإما بغالبية مردُّها الى «ردّ التحية» بالمثل من تكتل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لبرّي الذي كان قاد معارضةً بـ «الأوراق البيض» ضدّ وصول عون الى الرئاسة الأولى، ونتيجة «العلاقة» الدائمة التشنّج بين رئيس البرلمان و«التيار الوطني الحر» برئاسة جبران باسيل (صهر عون) والتي كانت آخر فصولها أمس بالكلام الذي نُقل عن بري وقال فيه بإشارة ضمنية الى «التيار»: «إذا أرادوا السلم انا له، وإذا ارادوا الحرب (السياسية) أنا لها».

وبات محسوماً ان الرئيس الحالي للوزراء زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري عائد، ورغم الفوز «الناقص» الذي حقّقه في الانتخابات، الى رئاسة الحكومة التي سيحتاج تشكيلها الى «كاسحات ألغام» من النوع الثقيل بفعل التوازنات الجديدة وصراع الحقائب وليّ الأذرع، وارتباط كل ذلك بـ «رمزياتِ» معارك اكثر «إستراتيجية»، كالأرجحيات داخل السلطة التنفيذية والانتخابات الرئاسية وما شابه.

وكان لافتاً انه قبيل «احتفال النصر» بنتائج الانتخابات الذي أقامه مساء امس في دارته في بيروت، زار الحريري الرئيس عون في أول لقاء بينهما منذ إنجاز الاستحقاق النيابي. وقد أطلّ زعيم «المستقبل» بعد الاجتماع على المرحلة المقبلة معلناً «اذا كان الرئيس بري مرشحاً لرئاسة البرلمان فأنا أؤيّده»، مكرّراً في إشارة الى تَمسُّك رئيس البرلمان بحقيبة المال للمكوّن الشيعي ان «العُرف الوحيد الذي أعترف به هو رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة وأي عُرف آخر لن أعترف به»، ومؤكداً «ان الشروط المسبقة في موضوع الحكومة لا قيمة لها».

ولم يتأخّر حزب «القوات اللبنانية» الذي حقق فوزاً مرموقاً بمضاعفة عدد كتلته النيابية (من 8 الى 16) في تحديد الإطار السياسي الذي سيتحرّك تحت سقفه في المرحلة المقبلة، اذ أعلن بعد اجتماع لـ «تكتل الجمهورية القوية» برئاسة الدكتور سمير جعجع 3 أهداف سيعمل عليها وهي «الوصول لدولةٍ فعلية تبسط سيادتها على كامل ترابها الوطني بلا شريكٍ مُضارِب» (رافضاً في هذا السياق معادلة «جيش وشعب ومقاومة»)، و«العمل على تحسين الأوضاع الحياتية للمواطنين»، و«السعي للحفاظ على تفاهم معراب» (مع التيار الحر) والتخلّص من الشوائب التي اعترت تنفيذه حتى الآن».