لبنانيات >أخبار لبنانية
مؤتمر إقليمي عن «التفاهم بين الأديان» برعاية النائب الحريري في «هايكازيان»
مؤتمر إقليمي عن «التفاهم بين الأديان» برعاية النائب  الحريري في «هايكازيان» ‎الأربعاء 20 06 2018 19:54
مؤتمر إقليمي عن «التفاهم بين الأديان» برعاية النائب  الحريري في «هايكازيان»

جنوبيات

رأت النائب بهية الحريري أنّ «الشّراكة الإنسانية في بيروت عاصمة لبنان هي الحقيقة الثابتة والراسخة، وأنّ عملنا يجب أن ينصبّ على حمايتها بما هي إرث إنساني عالمي، وتجربة حضارية مدنيّة ساهمت في عملية التنوير والنّهوض في جوارها العربي، واستطاعت أن تكون جسراً معرفياً بين الثّقافات والحضارات وبين الشّعوب وتجاربه»، مشيرة إلى «أننا استطعنا أن نتجاوز الكثير من تحدّيات الحرب والإحتلال وإعادة الإعمار، وكانت المعرفة والوحدة المجتمعية هي القوّة الرافعة التي استطعنا من خلالها إستعادة التّماسك المجتمعي، وإعادة الإعمار وحماية تراثنا العريق التي تشكّل الجامعات العريقة أبهى صورها، وهي نموذج للشّراكة الوطنية والدينية والإنسانية والعالمية». وقالت «علينا كلبنانيين أن نتعاون في بلورة الخطط والإستراتيجيات والأهداف الواضحة التي يجب أن نعمل عليها جميعاً لكي نستفيد من دعم الأشقاء والأصدقاء».

كلام النائب الحريري جاء خلال تمثيلها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، في افتتاح مؤتمر إقليمي للحوار من أجل تدعيم أسس التفاهم بين أهل الأديان والثقافات وتعزيز التماسك الاجتماعي والعيش المشترك، بعنوان «التفاهم بين الأديان والعيش المشترك»، الذي أقيم برعاية الحريري، وينظمه منتدى التنمية والثقافة والحوار، بالشراكة مع جمعية الأمل العراقية ومنظمة الدان ميشن الدانماركية وبدعمٍ من الاتحاد الأوروبي، في جامعة هايكازيان - بيروت.

بعد ترحيب من سمير قسطنطين، ألقى رئيس الجامعة بول هايدوستيان كلمة أمل فيها أن «يبقى صوت الحوار عالياً كي ننجح في تحويل المشاكل إلى وفاق»، مشدداً على أنه «يجب أن نفهم أن الحوار أساسي ولا مفر منه، والجامعات هي المقر الرئيس لتبادل وجهات النظر وتعزيز الحوار»، لافتاً إلى أن «هناك الكثير من المشاكل لكن يجب ألا نستسلم».

وأشار رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر ممثلاً البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى أن «عملية الحوار بين الأديان والثقافات تفترض احترام أهل الأديان بعضهم لبعض. فالعلاقة بين المؤمنين من أديان مختلفة يجب أن تكون علاقة قبول للآخر، وأن يطبّق الجميع هذه القاعدة الذهبية بأن الله وحده هو الديّان العادل وبأن بعض القضايا الشائكة في أمور العقائد يحلّها الله بذاته يوم القيامة. أما القاعدة الثانية فهي تثبيت العيش المشترك، وهي قاعدة المعرفة الموضوعية التي يجب أن تنشر بين المسيحيين كما بين المسلمين. لذلك، المطلوب من الحوار أن يعرف المسيحيون عن الإسلام الحقيقي وأن يعرف المسلمون عن المسيحية الحقيقية. ومن ثمّ يتم العمل لتنوير الرأي العام في المدارس والجامعات حول حقيقة الأديان. عند ذاك لا يبقى تسييس الدين خطراً محتملاً لأن الناس يكونون قد عرفوا الحقيقة من مصادرها الصافية والقويمة. ثم تأتي قاعدة ثالثة في هذا الحوار وهي قاعدة الفصل بين الحوار العقائدي والحوار المهتم بالحياة الاجتماعية والإنسانية المشتركة بين الجميع»، لافتاً إلى أنه «من حق الإنسان أن يعبد ربّه على طريقته ولا دخل لي بعبادة الآخرين. فالتكفير هو حكم إلهي على إنسان، ومن أين لنا أن نقوم مكان الله في تكفير الناس».

وأكد أن «الحوار حول الحياة المشتركة بات أمراً ضرورياً وأكثر من ضروري وبخاصة بعد أن تساكن الناس معاً في القارات الخمس. أما القاعدة الرابعة، فهي قاعدة رفض العنف والإرهاب أياً كان مصدره. وهنا لا بد من أن ننوه نحن المسيحيين بخاصة بقولنا إن الإرهاب لا علاقة له مع الإسلام أساساً. فالإرهاب يولد في كل المناخات الدينية سواء أكانت مسلمة أم مسيحية أم في ديانات أخرى».

واعتبر رئيس «مؤسسة الخوئي»، السيد جواد الخوئي أن «الكرامة الانسانية مفهوم مقدس»، وأنه «ليست هناك مشكلة في الدين أو بين الأديان. هناك اختلافات لكنها لا تستدعي الإلغاء والتهميش والتكفير. المشكلة عندما يسيس الدين، ويستخدم في الصراعات»، داعياً إلى «مجتمع متدين ودولة بلا دين أي فصل الدين عن الدولة كما ندعو إلى دولة حقيقية تراعى فيها الكرامة الوطنية والمساواة بين جميع المواطنين وتطبيق العدالة الاجتماعية. إذا طبقت هذه المفاهيم لا نرى أحداً يدعي المظلومية».

وتحدث عن تجربة العراق مع الإرهاب، لافتاً إلى أن «العامل الديني في العنف (داعش) هو بنسبة 30 في المئة فقط»، مشيراً إلى أن «هناك عوامل أخرى تؤدي إلى العنف منها: التعليم خصوصاً مادتي التاريخ والدين، الإعلام العربي حيث يجب سن قوانين تحرم المس بمقدسات الآخرين وعدم التعرض لهم، الاستبداد السياسي إذ ما زلنا نعيش في أنظمة فاشية قمعية، الفقر المدقع، الموروثات الثقافية والاجتماعية»، مشدداً على «ضرورة تعزيز الحرية»، وعلى أن «الحل هو دعم الدولة ومؤسساتها».

ولفت رئيس قسم الحوكمة والأمن والتنمية الاجتماعية والمجتمع المدني - الاتحاد الأوروبي رين نيلاند إلى «أهمية الحوار، ونحن في الاتحاد الأوروبي نؤمن بكل المشاريع التي يكون هدفها الحوار»، مشيراً إلى «أننا ننجح في عملنا لأننا نرتكز على الديموقراطية وحقوق الإنسان واحترام التنوع الثقافي»، معتبراً أن «الحوار هو الطريق الوحيد للتعاون والتعايش. في عالم اليوم نشهد أزمة لجوء التي ينتج عنها الكثير من المشاكل، لكن عدم التسامح وعدم تقبل الآخر يخلق نوعاً من عدم الاحترام». وشدد على «تعزيز التسامح من خلال قوانين تحمي حقوق الإنسان»، لافتاً إلى «دور التربية في إرساء رسالة السلام والتسامح وتقبل الشباب لبعضهم».

وألقت ماريا ليندهارت كلمة الأمين العام لمنظمة الدان ميشن الدانماركية، مشددة على «أننا بحاجة إلى بعضنا البعض لنحدث التغيير في هذا العالم. التكافل هو جوهر تعاملنا، وهنا في أرض التعدد تتكلمون دائماً بلغة الحوار».

ونوّهت الحريري بعقد المؤتمر «في مدينة بيروت، عاصمة لبنان التي نعتبرها نموذجاً للتّفاعل والشّراكة الإنسانية والعلمية والتربوية والمدنية. فهنا حملت الأديان والثقافات والتّجارب الإنسانية العالمية أفضل ما عندها واختارت بيروت المدينة منارةً لتجسيد إرادة الخير والمعرفة والسّلام بين الثقافات والأديان والحضارات على مدى قرون طوال». أضافت: «بيروت أمّ الشّرائع تستحقّ منّا أن نجعل من تاريخها وتراثها منطلقاً للأهداف الإنسانية السامية، وهي التي جعلت من إستقرار الإنسان وتقدّمه وازدهاره غاية نبيلة مما يؤكّد أنّ دولة لبنان الكبير هو وطنٌ للمعرفة والمحبة والسّلام لما احتضنته بيروت من جامعات ومدارس ومعاهد وجمعيات ومؤسسات فكرية وثقافية وإعلامية على مدى ما يقارب المئتي عام، وإنّني أعتقد بأنّ الحديث عن لبنان المعرفي يضع الأمور في إطارها الصّحيح».

ورأت إنّ «الشّراكة الإنسانية في بيروت عاصمة لبنان هي الحقيقة الثابتة والراسخة، وإنّ عملنا يجب أن ينصبّ على حمايتها بما هي إرث إنساني عالمي، وتجربة حضارية مدنيّة ساهمت في عملية التنوير والنّهوض في جوارها العربي، واستطاعت أن تكون جسراً معرفياً بين الثّقافات والحضارات وبين الشّعوب وتجاربه»، معتبرة أن «هذه المبادرة تعبّر عن القلق الشّديد لما تتعرّض له منطقتنا ومجتمعاتنا من نزاعات ومظاهر تطرّف تؤدّي إلى ضرب التّماسك المجتمعي الذي هو أساس كلّ إستقرار وتنمية ونهوض، وإنّ لبنان قد شهد على مدى سنوات طوال أبشع أنواع النّزاع والحروب والإحتلال والدّمار، وما كنّا اليوم في هذا الإجتماع لولا تمسّك اللبنانيين بوحدتهم المجتمعية وحرصهم على إقامة دولتهم المدنيّة الحديثة، واستطعنا أن نتجاوز الكثير من تحدّيات الحرب والإحتلال وإعادة الإعمار، وكانت المعرفة والوحدة المجتمعية هي القوّة الرافعة التي استطعنا من خلالها إستعادة التّماسك المجتمعي، وإعادة الإعمار وحماية تراثنا العريق التي تشكّل الجامعات العريقة أبهى صورها، وهي نموذج للشّراكة الوطنية والدينية والإنسانية والعالمية».

وثمّنت «مبادرات الأشقاء العرب والأصدقاء الدوليين على حرصهم الشّديد على الإستقرار في لبنان، ودعم التماسك الإجتماعي، وتقديم الخبرات والإمكانيات لمنع كلّ أسباب التّطرّف والتّفكك الإجتماعي، وهذا يحتّم علينا كلبنانيين أن نتعاون في بلورة الخطط والإستراتيجيات والأهداف الواضحة التي يجب أن نعمل عليها جميعاً لكي نستفيد من دعم الأشقاء والأصدقاء، وإنّني على ثقة بأنّ شابات وشباب لبنان قادرون على التّجدّد الدائم للتجربة المجتمعية الوطنية اللبنانية لكي يبقى لبنان نموذجاً ومثالاً لجواره، وإنّنا نتمنى أن تتجاوز المجتمعات الشقيقة محنتها كما تجاوزها الشّعب اللبناني بتماسكه وبمساعدة الأشقاء والأصدقاء».

وفي ختام الافتتاح، شكر القس رياض جرجور المتحدثين والمشاركين، كما شكر الحريري على رعايته المؤتمر الذي يستمر إلى 22 حزيران الحالي، لافتاً إلى أن الحريري عوّدني على رعايته كل برنامج حواري تماماً كما كان والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري.