لبنانيات >أخبار لبنانية
"محاكم تفتيش" في تيّار المستقبل
"محاكم تفتيش" في تيّار المستقبل ‎الاثنين 2 07 2018 08:22
"محاكم تفتيش" في تيّار المستقبل


فُتحت محاكم التفتيش على مصراعيها داخل تيّار المستقبل. الهدف واضح مُحدّد ودقيق، البحث عمّن جلبَ على الأزرق هذا الويل! اعلان سريعاً ما يتبيّن أن الويل انتخابي، والحراك الأخير الذي استهلّه رئيس التيّار سعد الحريري لا يبدو أنه ارتبطَ فقط بمسألة المحاسبة وتحديد المسؤوليّات التي نجمت عن هذا الويل، بل يبدو أنه يرتبط بأمور أخرى تصل إلى مستوى إعادة انتاج تيّاره، وعلى وجهٍ أدق نسخة 2 من المستقبل. يبدو أن رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري وصلَ إلى قناعة اخيراً مفادها أن فترة غيابه الطويلة عن لبنان ولّدت تيّارات داخل التيّار، بمعنى أن النفوذ الذي راكمه البعض بلغَ مستوى بات يعجز رئيسه عن الحدّ منه، وبات يأكل من رصيده لمصلحة نشوء زعامات محليّة. اعلان هذا الامر تجلّى خلال فترة الانتخابات الماضية، إذ غرّدت كل تنسيقيّة على ليلاها أو وفق ما يشتهي منسّقها بمعزل عن التعميمات الداخليّة التي ضُربت عرض الحائط. هذا الحديث تضج به أوساط قياديّة داخل المستقبل منذ أن بدأ الحريري تنفيذ "الانقلاب" الأبيض" الذي حوّل منسّقين من حكّام بأمرهم إلى اشخاص يتوسّلون النجاة. يتحدّث المتابعون عن مجموعة تدير وتنسّق أمور المحاسبة سينبثق عنها لجان مصغّرة تتوزّع على كافة الاقضية التي ينتشر فيها التيّار على أمل اجراء التغيير المنشود. ما اعطى هذه اللجنة صفة المقرّرة، انها ولدت من رحم نتائج الانتخابات، ثم جيّرت اليها صلاحيّات مستمدّة من رئيس التيّار كان قد استرجع بعضها بشكلٍ استثنائي من الامانة العامة التي يشغلها أحمد الحريري. تتألّف المجموعة من 40 شخصيّة بيروتيّة توزّعت بين مسؤولين سابقين أو افراد غير منتسبين لكن تربطهم بالأزرق ورئيسه علاقات وثيقة، وشخصيّات سبقَ أن نشطت داخل التيّار ثمّ استقالت أو خرجت نتيجة خلافات داخليّة، واخرى تتمتّع بمواقع مسؤولة داخل التيّار. وفي المعلومات، التقت المجموعة الرئيس الحريري مطلع الشهر الماضي وعرضت امامه أمور تيّار المستقبل بكلّ جوانبها. ونتيجةً للبحث، تشكّلت من المجموعة لجنة مصغّرة حملت اسم "لجنة بيروت المؤقتة"، ضمّت 8 شخصيّات أوكل إليها مهمّة اجراء تقييم شامل للواقع الذي ارخته الانتخابات، مرفقاً بالتجاوزات التي حصلت في بيروت من قبل مسؤولي التيّار والاخفاقات واسبابها، ثمّ رفع تقرير إلى الحريري بعد شهر على التكليف. ووفق معلومات "ليبانون ديبايت"، أجرت اللجنة مروحة لقاءات مع شخصيّات ووجهات بيروتيّة ومسؤولين مستقبليين. وبناءً على ما استخلَصته من الاجتماعات، أعدت تقريرها ورفعته قبل أيّام. ما تمخض عنه هو تحميل المسؤولية الكاملة إلى منسّق بيروت وليد دمشقيّة الذي شمله الحريري بقرار حلّ المنسقيات السابق. لكن اللافت أن التقرير وجه اسهماً يُفهم أنها تطال مركز الامانة العامة الذي يشغله أبن عمّة الحريري، أحمد الحريري. تضج أوساط التيّار الازرق بالغياب الواضح لـ"أحمد" عن النشاطات الداخليّة أو عن اصدار المواقف منذ ما قبل شهر رمضان المنصرم، ما دفع بمسؤولين لاقتراح حملة للبحث عنه قبل أن يُعثر عليه يمضي رحلة عائليّة في إحدى الدول الاوروبيّة. لم يعد يخفى على أحد أن سهام المحاسبة ستطاول الشيخ أحمد الذي صال وجال خلال حقبة الانتخابات النيابيّة. وما يدفع هؤلاء لقول ذلك هو القرار الذي اتخذه الحريري بتجيير الجزء الاكبر من صلاحيّات الامانة العامة إليه مستعيناً بمادة في نظام التيّار الداخلي تعطيه الحق الاستثنائي بذلك. وما عزز من هذا الاعتقاد هو دخول المكتب السياسي على الخط طالباً صلاحيّات استثنائية لمدة ستة أشهر لاتخاذ الإجراءات. ويبدو أن القرار كان له انكاساته على أحمد الحريري. يستدل على ذلك من غيابه عن المشهد في وقتٍ تضج أروقة تيّار المستقبل بلجان المحاسبة التي يشبهها البعض بـ"محاكم التفتيش" والتي يفترض أن يكون الاشراف عليها من صلاحيّاته، لكنّه فضّل الاستمتاع بعطلة مع عائلته على الغرق بضجيج الماكينات الزرقاء. هذا الامر دفع مصادر مستقبليّة للاعتقاد أن ما وراء صوغ الصلاحيّات الاستثنائية نية بـ"اعادة توزيع لمراكز القوى والنفوذ" عبر اسقاط اشخاص ونزع صفة عنهم ورفع آخرين، ما اجبرها على الانكباب للبحث عن مدى التأثيرات التي قد تطاول التيّار من وراء هذا التبدّل الظاهر في الصلاحيّات والمراكز. أمر آخر يثير اهتمام القياديين ويدفع أكثر صوب الاعتقاد بوجود فلسفة جديدة ستطيح كل الطقم القديم. يكمن ذلك في التوصية التي رعت التوجه لعقد مؤتمر عام بعد أشهر. ويدور سؤال حول الغرض من هذا المؤتمر علماً النظام الداخلي نصّ على عقد مؤتمر كل 4 سنوات كان آخره عام 2016 ونتج عنه انتخاب مجلس القيادة الحالي، ما فسّر ان المؤتمر المقترح أشبه بمحطة استثنائية سياسياً وتنظيمياً، ما يرشحه لان يقدم عروض استثنائية ترعى الظرف الراهن الذي يبدو انه تغييري. لكن أكثر ما دعا بعض القادة لبحث فصوله، هو عثورهم على اقتراح صادر عن اللجنة يوصي بتعزيز صلاحيات "هيئة الإشراف والرقابة" (مجلس تأديبي) ما قد يحولها الى محكمة حزبية خاصة تقوم بمهام المحاسبة وتصدر احكامها استناداً إلى ما سيردها من لجان باتت اقرب الى محاكم، ما يعني ان لهذه المحكمة صلاحيات بالطرد والتجميد، وهي اعلى منزلة متعارف عليها للمحاسبة داخل الأحزاب، ما يدل على ان سياق المحاسبة آخذ بالتمدد.

المصدر : ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح