عام >عام
الرئيس بري أحيا الليلة السادسة من عاشوراء في المصيلح
المطران بولس مطر: آن اﻻوان أن نتمسك بهذا الوطن قوﻻ وعمﻻ وأن نبذل الغالي والنفيس من اجل انقاذه واضعين مصالحه فوق كل مصلحة شخصية او فئوية, وهل نتمسك نحن بالحقائب عندما يصل اﻻمر الى النجاة بنفوسنا قبل كل شيء ؟
الرئيس بري أحيا الليلة السادسة من عاشوراء في المصيلح ‎الأحد 16 09 2018 19:51
الرئيس بري أحيا الليلة السادسة من عاشوراء في المصيلح

جنوبيات

احيا رئيس مجلس النواب اﻻستاذ نبيه بري ، الليلة االسادسة من ليالي عاشوراء بمجلس عزاء حسيني  اقيم في قاعة ادهم خنجر في دارته في المصيلح حضره الى جانب رئيس مجلس النواب اﻻستاذ نبيه بري  ، وزير المال في حكومة تصريف اﻻعمال علي حسن خليل ، رئيس أساقفة بيروت للموارنة رئيس اللجنة الأسقفية لوسائـل الإعـلام المطران بولس مطر . وفد من  من المكتب التربوي في حركة امل وعمداء ومدراء الكليات واساتذة الجامعة اللبنانية ،  رئيس المنطقة التربوية في الجنوب باسم عباس ، مدراء عدد كبير من المدارس الرسمية والخاصة ،رئيس جهاز امن السفارات في قوى اﻻمن الداخلي العميد وليد جوهر 

وفد من اتحاد الفصائل الفلسطينية ضم ممثلين عن حركتي حماس والجهاد اﻻسﻻمي والجبهة الشعبية القيادة العامة وجبهة التحرير الفلسطينية ، رئيس المركز الكاثوليكي لﻻعﻻم عبدو ابو كسم ، مدير عام مجلس الجنوب هاشم حيدر ، سفير لبنان في ليبيا محمد سكيني ، عضوا هيئة الرئاسة في حركة أمل خليل حمدان وجميل حايك ، رئيسة هيئة ابناء العرقوب محمد حمدان ، وقيادات حركية وفعاليات روحية واغترابية ، اقتصادية وبلدية وحشود شعبية من مختلف المناطق غصت بها قاعة ادهم خنجر والباحات المحيطة .  

المجلس الذي قدم له عضو المكتب السياسي في الحركة محمد غزال استهل بأي من الذكر الحكيم للمقرئ السيد حسين موسى بعدها القى رئيس أساقفة بيروت للموارنة رئيس اللجنة الأسقفية لوسائـل الإعـلام المطران بولس مطر الكلمة التالية :

تحيَّةً عطرةً يُشرِّفُني أن أُوَجِّهَها إليكم يا أبناءَ كربلاء الأحبَّة، في هذه الذِّكرى المليئةِ بِأَثمنِ العِبَرِ والحافلَةِ بِأَسمَى القِيَمِ وَالمعانِي. وكم يُعزُّني أن أُطلِقَهَا من دارةِ رئيس المجلس النِّيابيِّ الكريمِ، دولة الأستاذ نبيه برِّي حفظَهُ اللهُ، وهُو الصَّوتُ الأصفَى الَّذي نسمعهُ وَيَسمعُهُ العربُ في صخبِ الأحداثِ الأليمةِ الَّتي تَعصفُ في مَنطقتِنَا المُبتلاةِ، وَالدَّاعِي أَبدًا إلى اقتبالِ رَجعِ الضَّمائرِ في الأذهانِ واسترجاعِ وحدةِ الفكرِ والوجدانِ في أُمَّةٍ يُسائلُهَا المَولَى عن نَفسِهَا كثيرًا، لأنَّهُ حمَّلَهَا جَمًّا من مَسؤُوليَّاتٍ يَتَوقَّفُ عليها قَدرٌ كبيرٌ من مَصِيرِ الإنسانيَّةِ بِرُمَّتِهَا. كما هو الصَّوتُ المُدوِّي في أرجاءِ وَطنِنَا العزيزِ لُبنانَ، مُنذِرًا بِالمَخاطرِ لاجتنابِهَا وَمُشِيرًا إلى الفرَصِ لانتهازِهَا، لعلَّ أَهلهُ يَعُودُونَ إلى نشدَانِ الحقِّ الأَسمَى واستلهامِ المحبَّةِ الأقوَى، ورَفعِ آياتِ الشُّكرِ إلى رَبِّهِم على أَنعُمٍِ سَكبَهَا غزيرةً عليهم فلا يَكفرُونَ بها كفرًا ذَليلاً. 

 وَكَمْ يَجدرُ بنا في هذه الذِّكرَى الَّتي تُحيُونَهَا بكلِّ ما في القُلُوبِ من عاطفةٍ، وبكلِّ ما في العُقُولِ من سَعيٍ إلى كُنهِ الحقائق السُّميَا لِلوُجُودِ، أَن نتطلَّعَ معكُم إلى إشراقةِ وَجهِ الحُسَين بِنْ عَليَّ، رَضِيَ اللهُ عنهما، وهُو الَّذي بَلغَ في شهادتِهِ وفي استشهادِهِ قمَّةً من أرفَع قِمَمِ التَّاريخِ البشريِّ، نُبلاً وشجاعةً ومحبَّةً وفِداءً. إنَّه في الحقيقةِ أكثرُ من رَجلٍ، بلْ هُو أُمَّةٌ في رَجلٍ وهُو رايةٌ مرفوعةٌ لِلحقِّ المُطلَقِ في وَجهِ الزَّيفِ والمُسَاومَاتِ ونسبيَّاتِ المَواقِف وَمحدُودِيَّاتِها. إنَّهُ المُؤمنُ بِرَبِّهِ إيمانًا وَثيقًا وَالمُلتَزِمُ بِإِسلامِهِ خادمًا له بِالأَمانةِ الَّتي ما بَعدَهَا أمانة، وقد رَأَى في ما يَجرِي حَولَهُ من تَحوُّلاتٍ وتبدُّلاتٍ خَطرًا دَاهِمًا على الإسلامِ في صَفائِهِ لا بَلْ خُرُوجًا عليهِ بِانتهاكِ قاعدةِ المُساواةِ بين المُؤمنينَ وَهُم سَواسيَةٌ، وَبِالتباسٍ في تَصوُّرِ قيادةِ الأمَّةِ وَوَضعِهَا في المَوضعِ السَّليمِ. فَرفضَ الأمرَ الواقعَ الَّذي كان من شَأنِهِ أن يُؤدِّي إلى الوَقيعةِ وَانتفضَ لِلحَقِّ وَلِسلامَةِ القَصدِ بِفعلِ ثَورةٍ بَيضاءَ لُوِّنَت بالأحمرِ على غَيرِ يَدٍ منهُ، بَلْ كان ذلك إكراهًا لهُ وغَصبًا. 

كان مع صَحبِهِ قلَّةً وَكانُوا في وَجهِهِ كثرةً، فَلَمْ يَأْبَه بِمَوازينِ القِوَى بَلْ اعتنَقَ الحقَّ وَلَو عاريًا من أيِّ سندٍ. وَجَبَهَ الظُّلمَ وَالظلامَةَ وَمَشَى إلى استشهادِهِ مشيَةَ الأَصفِيَاءِ، إيمانًا منهُ بأنَّ الحقَّ لا بُدَّ مُنتصِرٌ، وبأنَّ جَولتَهُ إلى قِيامِ الساعةِ وبأنَّ البَاطلَ سيزهَقُ لأنَّ «الباطلَ كان زَهُوقًا». 
وتابع مطر : 
نحنُ مَعشرَ المسيحيِّينَ نتطَلَّعُ بالقلبِ والعينِ إلى استشهادِ الحُسَين ونرى فيهِ مَلامحَ تُشيرُ إلى مَوتِ المسيحِ على يَدِ الصَّالبِينَ ومَن وَرَاءَهُم. وقد خَافُوا من قُدْسيَّتِهِ وَقرَّرُوا حَذفَهُ من الوُجُودِ. كانَ السيِّدُ المسيح قد نَشَرَ تَعاليمَ المحبَّةِ والأخوَّةِ والسَّلامِ. وهُم وَاجهُوهُ بالحقدِ وَالظُّلمِ الأَعمَى. فما تَرَاجعَ عن رِسالتِهِ بِتَغيِيرِ وَجهِ الأرضِ عَبرَ الأخوَّةِ الشَّاملةِ، بَلْ قَبِلَ المَوتَ حُبًّا بِالإنسانيَّةِ كلِّها وَمِن أجلِ أَن تَقُومَ بِقُوَّةِ قِيَامتِهِ إلى حياةٍ أَفضلَ وإلى عَهدٍ لها جَديدٍ. إنَّهُ الصُّمُودُ بِالحَقِّ في كلِّ حالٍ وَمَهمَا غَلَتْ دُونَهُ الأَثمانُ وَلَو بَلَغَتْ حُدُودَ الفِدَاءِ. وهُو إِثباتٌ لِقَاعدةِ أَساسٍ نُدركُ بِموجبِهَا مُستلزمَاتِ التَّاريخِ إذا أَردنَاهُ تاريخَ بِنَاءٍ وتاريخَ حَضارةٍ وَتَاريخَ سُمُوٍّ بِالإنسانِ الَّذي كلَّفَهُ رَبُّهُ أَصلاً بِأَنْ يَكونَ خَليفَتَهُ في الأرضِ، فلا يُفسِدهَا بِزُؤانِ المَعَاصِي بَلْ يُزيِّنُ حُقُولَهَا بِقَمحِ الخَيرِ لِيَسدَّ بِهِ عَوَزَ الجائعينَ إلى الرَّحمةِ وإلى الكلمةِ السَّواءِ.
لَمْ يَكُفَّ التَّاريخُ منذُ تلكَ الأيَّامِ عَن تسجيلِ المَظَالمِ ولا المَآسِي. لكنَّ هذه المَظالمَ وهذه المَآسِي لن يُعطَى لها يومًا أَن تَبنِي مُستقبلاً للنَّاسِ، بَلْ نحنُ نجني مِن ثِمارِهَا السُّودِ شُحُوبَ الرَّجاء في الأرضِ بِصَلاحِهَا وَصَلاحِ أهلها. غَيرَ أنَّ المُستقبلَ يَبقَى للهِ وَحدِهِ وِلَمشيئتِهِ القُدُّوسةِ الَّتي تَنسكبُ في قُلُوبِ عِبَادِهِ الأتقياءِ وفي إِراداتِ الرِّجالِ المُزيَّنينَ بالنِّعمةِ وَمكارم الأخلاقِ، أُولئكَ الَّذين يَلتَمسُونَ لِلأرضِ قبسًا من عَدالةِ السَّماءِ.
فيا أيُّها النَّاظِرون اليوم إلى وجه الحُسَين وإلى النُّور الَّذي يَلفُّهُ وَالبهاءِ، إنَّ هذا الكبيرَ في التَّاريخِ لم يَعدْ مُلكَ جماعةٍ مهما عَظُمَ شَأنُها. بَلْ هُو مُلكُ جميعِ المسلمين كما هو مُلكُ الإنسانيَّةِ بأَسرِهَا. وهُو يُذكِّرُ بَنِي أُمَّتِهِ في الأرضِ أنَّه لم يَقصدْ في حياتِهِ ولا في مَماتِهِ سِوَى وحدةِ الإسلامِ ومُؤمِنِيهِ. وإذا كانت هذه الوحدةُ مَطلبَهُ وَمَقصدَهُ كما هي الحَالُ، فهُو يُوصِي جميعَ المُسلمِينَ بِاستِعَادتِها وَبأنْ تبقى صامدةً إلى يَومِ القيامةِ. فَهَلْ تَطلعُ اليومَ دعوةٌ صادقةٌ وَمن دُعَاةٍ صادقين إلى هذه الوحدةِ فَيَتوقَّفَ هَدرُ الدِّماءِ بين الأخوةِ ويَتَوَفَّرُ للإسلامِ حقُّهُ ليُسهِمَ في إنقاذِ الحضارةِ البشريَّةِ من الضَّياعِ؟ لقد صارَ الحُسَينُ بذاتِهِ قوَّةَ دَفعٍ في هذا المَنحَى، مُتخَطِّيًا عَصرَهُ وَظرُوفَ استشهَادِهِ، لِيُلهِمَ النَّاسَ في كلِّ عَصرٍ وفي كلِّ ظَرفٍ إلى المواقف الإنقاذيَّة الكُبرَى.
وإلى إشراقةِ وَجهِ الحُسَين يطلُّ أيضًا في هذه الذِّكرى العَطرةِ وَجهُ زَينبَ السيِّدة شَقيقتِهِ. وهي الَّتي نتلمَّس فيها كمسيحيِّين صورةً عن مَريمَ العذراءِ أمِّ المسيحِ، تلكَ الَّتي أُنزِلَ ابنُهَا عن صليبِهِ لِيُوضَع بين يَدَيْهَا قَبلَ أن تَستَودعَهُ القبرَ وأن يَتَزَيَّنَ جَسدُهُ المُنتَصِرُ على الموتِ بِأَنوارِ القيامةِ. هكذا أيضًا تقبَّلَتْ زَينبُ شقيقَهَا المُسجَّى بين يَدَيْها وَذَرفَت عليه دُمُوعَ الحُبِّ الَّذي ليس له حدُودٌ. لكنَّ ما يَدعُو إلى التَّأمُّلِ العميقِ وإلى الإعجابِ الكبيرِ حِيَالَ هذا المَوقفِ الجللِ، وما يَرفعُ العقولَ والقلوبَ نَحوَ العلاءِ، إنَّما هُو السَّلامُ الدَّاخليُّ الَّذي أَنزلَهُ اللهُ في قلبِ هذه المُؤمنةِ وقد حَملَهَا على تقديمِ أخيها لِلرَّبِّ تَقدِمَة مَقبُولَة لَدَيهِ. وكأَنَّما رَأَت فيهِ فِداءً شاملاً لِلمظلُومينَ وَفِداءً للظَّالِمِينَ أيضًا أَيْ لِلأمّةِ الحاضِنَةِ لِجميعِ أَبنائِها. فَصَعدَتْ منها مع زَفَرَاتِهَا المحبُوسةِ صلاةٌ خالدةٌ قالت فيها أَمامَ اللهِ والنَّاسِ: «أللَّهمَّ تقبَّل منَّا هذا القربانَ». فَظَهرَ الحُسَينُ قُربانًا لِلأمَّةِ مُقدَّمًا عنها أمامَ اللهِ لِيَحفظَ الإسلامَ والمسلِمينَ في كلِّ آنٍ ومكانٍ. إنَّ رِفْعةَ هذه السيِّدةِ تَكمنُ في تَقدِمةِ ذاتِهَا مع أَخِيهَا قُربَانًا لله. وَهي تَدعُو بِهذا المَوقفِ الكبيرِ جَميعَ المُسلمِينَ في العالَمِ إلى التَّلاقِي حَولَ القِيَِمِ الَّتي من أَجلِهَا استشهِدَ أَخُوهَا، ما يَجعلُ هذا التَّلاقِي واجبًا كما هُو رغبةٌ في القُلُوبِ المُستقيمةِ لا تُقاوَمُ إلى أن تَتمَّ وأن تَتَحقَّقَ. 
وكيف لنا نحنُ المسيحيِّينَ ألاَّ يَدخلَ التَّأثُّرُ بهذه الصَّلاةِ مَجامعَ قُلُوبِنَا، وهي الكلماتُ نفسُهَا الَّتي نَتلُوهَا في أَقدَسِ صَلوَاتِنَا، عندما نَسألُ اللهَ أن يَقبلَ قُربانَ مسيحِهِ قائلين بالتَّمامِ: «اقبَلْ يا ربُّ هذا القربانَ من أَيدِينا، قُربانَ مَسيحِكَ فِداءً عن العالَمِ وَأَحلّْ سلامَكَ وَمَحبَّتَكَ في كلِّ الأرضِ»؟ أليس في هذا التَّلاقِي بينَ الصَّلاتَينِ دَعوةً إلى محبَّةٍ جامعةٍ بينَ المُسلمينَ والمسيحيِّينَ، نَتعهَّدُها نحنُ في لُبنانَ بِخاصَّةٍ، وَنَشهَدُ لها كما نَعملُ على تَحقيقِهَا في كلِّ الأرض؟ نحنُ نعرفُ أنَّنا نَحيَا مُقاوَمةً للشَّرِّ وَالعُدوانِ في شَرقِنَا العَربيِّ، ونقدِّمُ فيها فَلَذاتِ أَكبادِنَا قَرابِينَ حَيَّةً في ساحاتِ الشَّرفِ والفِدَاءِ. لكنَّنا في الوَقتِ عَينِهِ نُؤكِّدُ أنَّنا لسنا هُوَاةَ مَوتٍ بَلْ نُريدُ أن نَكونَ صُنَّاعَ حياةٍ. فَلتكِفّْ القِِوَى الظَّالِمةُ في الكَونِ عن ظُلمِهَا فينا وَلْتَعمَلْ على إِعادةِ الحقِّ إلى نِصَابِهِ. عندَ ذاكَ تُوضَعُ ظُرُوفُ السَّلامِ في مَوضعِها الصَّحيحِ، وَيُعطِي فِداءُ المُفتدِينَ كلَّ ثِمَارِهِ وَيَعمُّ دُنيانَا فَرحُ الحياةِ.
    أمَّا الوَجهُ الثَّالثُ الَّذي يشعُّ أَنوارًا سَاطعةً في هذه الذِّكرَى الَّتي تُقِيمُونَ، فهُو وَجهُ الإمامِ عَليِّ رَضيَ اللهُ عنهُ. وهُو الَّذي بِحِكمتِهِ المُعطاةِ لهُ مِن ربِّهِ وَفيرةً، جَمَعَ بينَ الخِلافةِ والإِمامَةِ مُقدِّمًا لِلإسلامِ وللعالَمِ حقيقةً يَجدرُ التَّوقُّفُ عندَهَا والاهتداءُ بِهَدْيِها في مُوَاكبَةِ قيادةِ الجماعةِ وَكلِّ جَماعةٍ. هذه الحقيقةُ تُشيرُ إلى ضَرُورةِ أن يُسانِدَ الخليفةَ أو الحاكِمَ كائنًا مَن كان، وهو المُتعاطِي بِالشُّؤونِ الحياتيَّةِ المُتنوِّعَةِ، رِجالٌ فيهِم أَنوارُ الحكمةِ والتَّعقُّلِ والقِيَمِ السَّاميةِ المُنزَّلَةِ في قُلُوبِهِم. إنَّ أَمثالَ هؤلاءِ كانوا في العَهدِ القديمِ من التَّوراة يُدعَونَ بِالأنبياءِ، وهُم اليومَ صارُوا يَحملُونَ صِفَةَ الحكمةِ والإِمامَةِ.
    الكتابُ هُو المَرجعُ الأساسُ لكلِّ إيمانٍ قَوِيمٍ ولكلِّ مُؤمنٍ حاكِمًا كانَ أمْ مَحكُومًا. إلاَّ أنَّ الكتابَ ما لم تُنزَلْ كَلماتُهُ في الضَّمائرِ والقُلُوبِ فإنَّهُ يَبقَى قَصيًّا عن إراداتِ أَهلِ الحلِّ وَالرَّبطِ وعن رَغَباتِهِم الدَّفينةِ وَمَصدَرِ قراراتِهِم. أضِفْ إلى ذلك أنَّ الكتابَ يُفسَّرُ وأنَّ بابَ الاجتهادِ في تَفسِيرِهِ مَفتوحٌ نَظرًا لِمَا للمعاملاتِ في الدِّينِ مِن ظُرُوفٍ تَستجدُّ وتتشعَّبُ. إنَّ الوَحْيَ الإلهيَّ ثابتٌ في ذاتِهِ والسيِّدُ المسيحُ قالَ أنَّ حرفًا واحدًا من الكتابِ لا يَسقطُ حتَّى ولَو زَالَتْ الخليقةُ عن بكرةِ أبيها. إلاَّ أنَّ الحاكِمَ ليس حَكيمًا بِذاتِ الفعلِ، حتَّى ولو كان ذلك مَطلبًا مُلِحًّا. لهذا لا تَستقيمُ المعادلةُ سِوَى بِالقولِ، أنَّ الحاكِمَ لا يُحفَظُ من الشَّططِ إلاَّ بواسطةِ الأخلاقِ والفضائلِ الماثلةِ في قلبِهِ والماثِلَةِ أيضًا بِقربِهِ عَبرَ الأَولياءِ والأئمَّةِ المُنزَّهينَ. فالإمامُ الحُسَين كانَ خَيرَ وَليٍّ وكانَ سيِّدَ الأئِمَّةِ استقامةً وخُلقًا نبيلاً. فَمِنَ الضَّرورةِ بِمكانٍٍ أن تَجتمعَ السِّياسةُ والأخلاقُ فَلا يُؤتَى إلى الفَصلِ بينهما في أيَّةِ لحظةٍ من اللَّحظاتِ. لأنَّ الأخلاقَ القائمَةَ خارجًا من السِّياسةِ لا تَفِي، وهذا ما يُدعَى أخلاقًا بلا سياسةٍ، وَلأنَّ السِّياسةَ المُنفصلَةَ عن الأخلاقِ لا تَستقيمُ وهذا ما نُسمِّيه بِالقَلَمِ العريضِ سياسةً بِلا أَخلاقٍ. 

فيا أيُّها الحاكِمُونَ لا تَضِيقُوا ذرعًا لا بِوَليٍّ يُنبِّهُ ولا بإمامٍ يُصلحُ واعلمُوا أنَّه لا عظمةَ إلاَّ للهِ وَحدِهِ تَباركَ اسمُهُ وتَعالَى. وما مِن أحدٍ منكم هو ظلُّ اللهِ على الأرضِ كما قالَ أحدُ مُفكِّرينا، وكما أضافَ للتِّبيانِ: «إنَّ الله نورٌ كلُّه ولا ظلَّ له».   
واضاف المطران مطر : 
في هذا الجوِّ العابقِ بالمحبَّةِ والفِداء، جوِّ ذِكرَى تقدمةِ الحُسَين لذاتِهِ قُربانًا لله وفِدَاءً عن أُمَّتِهِ من أجلِ أن تَسلمَ من الأَذَى، نَرَانَا نحنُ اللبنانيِّينَ جميعًا أمامَ مُناسبةٍ رُوحيَّةٍ تَحملُنَا على التَّقرُّبِ من مكامنِ الخيرِ في نفوسِنَا. لقد سَبقَ وقدَّمنا قَرابينَ طاهرةً من أجلِ بِلادِنا. وقد آنَ الأوانُ لكي نَجمعَهَا من أجل وطنِنَا المُوَحَّدِ، وأن نَتمسَّكَ بِهذا الوطنِ قَولاً وعَمَلاً، وأن نَبذلَ الغالِي والثَّمينَ من أجلِ إنقاذِهِ ممَّا يتخبَّطُ فيه، وَاضِعِينَ مَصالحَهُ فَوقَ كلِّ مصلحةٍ شخصيَّةٍ أو فئويِّةٍ، وَأن نُقدِّمَهُ للعالَمِ بفرحٍ واعتزازٍ، وَطن رسالةٍ فريدةٍ في العيشِ المشتركِ الكريمِ بين أبنائهِ المَيامِينَ. وإنَّ لِحالِ الطوارئِ مُستلزماتِهَا وَنحنُ اليومَ في صلبِهَا: فعندما تَتعرَّضُ طائرةٌ لِخطرٍ داهمٍ، يُطلَبُ من المسافرين أن يغادِرُوهَا دون أن يَحملُوا بأيديهِم أيَّةَ حقيبةٍ على الإطلاقِ. فهَلْ نتمسَّكُ نحنُ بالحقائبِ عندما يصلُ الأمرُ إلى النَّجاةِ بنفوسنا قبلَ كلِّ شيءٍ؟ وفيما نذكرُ اليومَ أنَّ الحُسَينَ بنَ عليٍّ وَبما لهُ من رِفعةٍ ومن مكانةٍ عندَ الله والنَّاسِ، وبما كان يُعقَدُ عليهِ من آمالٍ، يُقدِّمُ نَفسَهُ قُربانًا فِداءً عن أمَّتِهِ لِيُنقذَهَا من شرٍّ مستطيرٍ، ألا يجدرُ بنا أن نَتحرَّرَ مِن الأَسرِ ضمنَ منافِعِنا الضيِّقَةِ، وَانْ نرتفعَ إلى مستوى العطاءِ السَّخيِّ لتبقَى الجماعةُ ويبقَى لُبنانُ؟ وإذا لم تُلهِمنَا الذِّكرى الحاضرةُ إلى البَذلِ من أجلِ مُستقبلِنَا، فإنَّنا نُقصِي بذلكَ نفوسَنَا عن دَعوتِنَا السَّاميةِ وعن الرِّسالةِ الَّتي أُوكِلَتْ إلينا بِنعمةٍ من الله. 
وفي هذا الجوِّ المُفعَمِ أيضًا صفاءً وارتِقاءً، نسألُ الأَفرِقاءَ في بِلادِنا أن يتلاقَوا بِرُوحٍ من الأخوَّةِ المُضحِّيةِ وَليس بروحٍ شَركةٍ مُساهمةٍ تقسمُ الحصَصَ. فالشَّركةُ هذه يَحكمُها الأخذُ أَمَّا الأخوَّةُ فَيَحكمُها التَّبادُلُ السَّخيُّ من غيرِ حسابٍ. وإِنْ لمْ نَحلّْ قضايانا بِأيدِينا فلن يحلَّها لنا أحدٌ بما يَتَوافقُ مع ما نبتَغِي ونُريدُ.
 فيَا أيُّها الحنَّانُ الرَّحيمُ، أَعطِنا مزيدًا من الإيمانِ بكَ ومن المحبَّةِ بعضنا لبعضٍ، وإنَّ عليكَ اتِّكالَنا فَأنتَ نِعْمُ المَولَى وأنتَ السَّميعُ المُجيبُ
واختتم المجلس بالسيرة الحسينية تﻻها الشيخ حيدر المولى .
كما احيت عقيلة رئيس مجلس النواب السيدة رندى عاصي بري احيت الليلة السادسة من ليالي عاشوراء بمجلس عزاء اقامته في دارتها في المصيلح حضره حشد من الفعاليات النسائية وعقيﻻت عدد من النواب والوزراء ووفود نسائية كشفية ومن مكتب شؤون المرأة في حركة أمل وحشود نسائية   من مختلف المناطق .