لبنانيات >أخبار لبنانية
دولة موتوراتها معطلة: الوزارة Vs المولدات
دولة موتوراتها معطلة: الوزارة Vs المولدات ‎الاثنين 17 09 2018 12:59
دولة موتوراتها معطلة: الوزارة Vs المولدات

جنوبيات

الترف والخفّة والسماجة التي تطبع ممارسات أهل السلطة لا تعكس وعي هؤلاء، بقصد أو من دون قصد، لحجم التحديات السياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية والحياتية التي تطبق على لبنان. كيف لبلد يعيش على الاستدانة الخارجية والصرف من خارج الموازنة أن يواصل الغرق في دوامة الجدل العبثي حول أمور لا طائل منها ولا مصلحة، ثم يقدم وعوداً للعالم بالإصلاح ومحاربة الفساد؟!
انطلق العام الدراسي الجديد على كوارث لحقت بمئات المعلمين المصروفين من عملهم، وبعشرات آلاف الأهالي المتضررين من زيادات الأقساط الجنونية، و"الفضل" في هذا وذاك يعود لتسرّع وسوء تقدير من اندفع لإقرار سلسلة الرتب والرواتب صيف 2017 من دون دراسة تداعياتها على المالية العامة بدقة ومسؤولية وتبصّر، لا بل تحويلها من حق مكتسب لفئات كادحة إلى قنبلة موقوتة تهدد الأمن الاجتماعي والاقتصادي.

وكأنما كتب على اللبناني الشقاء في هذا البلد الذي كان يوماً ما واحة تقدم في محيطه، فأضحى بفعل فشل السياسات يحتل صدارة لوائح الفساد وافتقاد الخدمات وغياب الشفافية، فما يسري على المدارس ينسحب على الكهرباء. قبل أيام كان السؤال هل تطبق مافيا المولدات قرار وزارة الاقتصاد والتجارة بتركيب عدادات على اشتراكات المواطنين لضبط فوضى التسعير والالتزام بالتعرفة التوجيهية، واليوم، مع انتظار فصل الشتاء، يبدو السؤال هل تغرق البلاد في العتمة والظلام بسبب عدم توفر مادة "الفيول" لتشغيل معامل انتاج الطاقة وبواخر توليد الكهرباء، أو بسبب تلويح مافيا المولدات بوقف التغذية في حال اصرت وزارة الاقتصاد على تركيب العدادات؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه تقسيم أدوار لالتهام ما بقي من المالية العامة أو إمكانات في أيدي وجيوب المواطنين؟

ففي وقت يتلهى أهل السلطة بتقسيم ما بقي مما يسمى دولة، تبدو بقعة السواد إلى ازدياد. جديدها ما كشفته وسائل إعلام اليوم نقلاً عن مصادر في مؤسسة "كهرباء لبنان" أن الاعتمادات المتبقية لشراء مادة الفيول للمعامل والبواخر لن تكون كافية حتى آخر السنة، وتالياً ستضطر المؤسسة إلى خفض التغذية إلى أقل من 8 ساعات يومياً، هذا في الوقت الذي يستمر اصحاب المولدات في اعتراضهم على تركيب العدادات (علماً أن زيادة التقنين يجعل من "خدماتهم" حاجة ملحة وضرورية)، ما ينذر بالمزيد من العتمة والبؤس واليأس من سوء الإدارة والانزلاق إلى حضيض الفشل.

سبق ذلك سجال تابعه اللبنانيون بين وزارة الطاقة واصحاب المولدات، حول المهلة التي حددتها الوزارة للالتزام بتركيب العدادات تنفيذاً لقرار بهذا الخصوص، يومها اجتمع 3 وزراء للإعلان عن هذا الانجاز الوطني الكبير (العدادات وليس تأمين التيار الكهربائي 24 ساعة). في العموم، وزارة الطاقة لم ولن تستطيع تأمين الكهرباء للمواطنين، وأصحاب المولدات لم يقدموا على أي خطوة بخصوص العدادات، لأنهم ببساطة لم يأخذوا القرار على محمل الجد وراهنوا منذ البداية على اسقاطه لخوف المواطن من قطع الكهرباء عنه من جهة، وعلى التناقض العميق بين الوزراء المعنيين من جهة ثانية...

هكذا تبدو صورة الكهرباء، ومعها صورة الدولة المشرذمة الغائبة عن احتياجات مواطنيها (كدجنتير لا يقوى على التحمّل من شدّة الضغط عليه أو كمولد كهرباء معطل). صورة سلبية وسوداوية لكنها، للأسف، حقيقية وواقعية. عندما تغيب الدولة كسلطة حاكمة وراعية تتحكم المافيات ويستفحل أمرها. ووسط هذه العتمة، ومن باب التنكيت لا أكثر، هل سيلتزم أصحاب المولدات بقرار تركيب العدادات؟  أول تشرين موعد تنفيذ القرار قريب، و"يا خبر بفلوس".