لبنانيات >أخبار لبنانية
مَن يريد إلغاء مَن؟!
مَن يريد إلغاء مَن؟! ‎الخميس 20 09 2018 12:50
مَن يريد إلغاء مَن؟!

جنوبيات

"إن ما يجري الآن هو صراع بين افرقاء سياسيين في البلد ونقطة على السطر. ودعونا لا نذهب ابعد من ذلك بكثير. الموضوع شأن لبناني مئة بالمئة وافرقاء يريدون ان يلغوا بعضهم بعضًا".
هذا الكلام ليس مفبركًا أو مرّكبًا أو مدسوسًا بهدف التشويش، وتقف وراءه جهات لها أهدافها الخاصة وتسعى إلى العرقلة وإبقاء البلد في حال من المراوحة من دون حكومة فعلية تمثّل كل المكونات السياسية الاساسية والفاعلة.
إنه كلام صادر عن الرئيس المكّلف تشكيل الحكومة، التي لن تبصر النور إن لم تقترن بتوقيع رئيس الجمهورية، وفق ما ينصّ عليه الدستور، في الفقرة الرابعة من المادة 53 التي تقول: "يصدر رئيس الجمهورية بالإتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة ومراسيم قبول استقالة الوزراء أو إقالتهم".
فإذا لم يكن بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، ولم يسّمه الدستور بـ"الرئيس المكلف"، "إتفاق" لن تبصر الحكومة النور وتبقى البلاد من دون حكومة إلى أن يتفق الرئيسان. فهذا "الإتفاق" هو المعبر الإجباري لتشكيل الحكومة ومن دونه تدخل البلاد في أزمة طويلة وعريضة، لأن الدستور لم يشترط مهلة محدّدة لعملية التشكيل، على عكس ما حدّده بمهلة شهر للإتفاق على البيان الوزاري.
ولأن هذا "الإتفاق" غير متوافرة له الظروف الطبيعية لكي يصبح ساري المفعول ويُترجم ببلورة صيغة واضحة للحكومة العتيدة، كان كلام الرئيس سعد الحريري أمس الأول معبّرًا خير تعبير عن مدى عمق الأزمة التي تشوب علاقة المكونات السياسية في البلد بعضها بالبعض الآخر، حين قال ثمة "أفرقاء يريدون أن يلغوا بعضهم البعض"، وهو كلام جاء بعد الكلام المنقول عن الرئيس ميشال عون، والذي نفاه المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري، ومفاده "أن القوات اللبنانية" تحارب العهد، كما نُقل عنه "إنّ من يراقب سلوك جعجع يلاحظ انّه يدعم العهد في الظاهر ويحاربه في الواقع".
وقد جاء كلام الحريري، الذي قاله بـ"عضمة لسانه"، ولم يُنقل عنه بالطبع أو يُحرّف، بعد اللهجة التصعيدية للبطريرك الراعي في عشاء المركز الكاثوليكي للإعلام وخلال جولته الرعوية في إقليم الخروب، التي أوحى بها بأن لبّ الأزمة هو هذا الصراع السياسي على السلطة، والذي وصفه الرئيس المكلف بأنه "حرب إلغاء".
ويبقى السؤال، الذي يتردّد صداه على كل لسان وشفة، من يريد أن يلغي من؟ وهنا ندخل في لعبة الإجتهادات لحل لغز هذا السؤال، الذي تبقى الإجابة عنه نسبية عند هذا الفريق أو ذاك، تمامًا كما جاء في مسرحية "فخر الدين" للأخوين رحباني، حين قال الأمير فخر الدين (الفنان الراحل نصري شمس الدين) "مين ما خبّر الخبرية بيطلع معو حق".

هذا هو الواقع الذي يتخطى كل التمنيات، والذي يبقي العقد المستعصية من دون حلحلة فعلية، إلاّ إذا عاد زمن الأعاجيب، فتعود المياه إلى مجاريها الطبيعية، ويعود مفعول الإتفاقات والتفاهمات، التي لم يجف حبرها بعد، إلى ما كانت عليه الأمور قبل سنتين من تاريخ اليوم.