لبنانيات >أخبار لبنانية
نصرالله "إطفائي".. ولكن لغير الحرائق داخل مجلس الوزراء!
نصرالله "إطفائي".. ولكن لغير الحرائق داخل مجلس الوزراء! ‎الثلاثاء 5 02 2019 11:50
نصرالله "إطفائي".. ولكن لغير الحرائق داخل مجلس الوزراء!

جنوبيات

 

في الوقت الذي كانت فيه "جبهة" المختارة ـ "بيت الوسط" مشتعلة، وقد امتدّت بعضٌ من شراراتها إلى معراب، مع ما لمفاعيل هذه الحرائق من تداعيات سياسية، قد تعيد خلط الأوراق التحالفية على أسس جديدة، أطل الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، بالأمس وقد بدا أكثر هدوءًا من أي مرّة، وعكس المرّات السابقة التي أطلّ فيها قبل تشكيل الحكومة.

فبين إطلالته بالأمس وإطلالته في "يوم الشهيد"، فرق شاسع وكبير تمامًا كالفرق بين النار والماء. وكانت الحكومة على وشك الولادة، بعدما قبلت "القوات اللبنانية" بما عرض عليها من حقائب، وتجاوبت مع تمنيات الرئيس سعد الحريري بـ"التسهيل"، جاءت شروط نصرالله بضرورة تمثيل أحد من "اللقاء التشاوري" لتنسف كل الجهود وتعيد الأمور إلى المربع الأول، بعدما كانت"العقدة الدرزية" قد مهدّت الطريق لحلحلة "العقدة المسيحية.

ففي إطلالة "فرملة" الحكومة بدا نصرالله مهدّدا ومتوعدًا، وهو الذي قال أن "زمن التواضع قد ولى إلى غير رجعة، وفرض شروطه لكي تبصر الحكومة النور، وهي لم تبصر النور بالفعل إلاّ بعدما قبل الحريري بشروط نصرالله – باسيل، من خلال توزير حسن مراد عن "اللقاء التشاوري" من حصة رئيس الجمهورية، ويشارك بالتالي في لقاء تكتل "لبنان القوي"، إلاّ أنه عندما يكون التصويت جدّيًا يذهب صوته إلى الثامن من آذار، أي إلى "حزب الله"، وكذلك سُحبت حقيبة الدولة لشؤون النازحين من يد الحريري وأعطيت للوزير صالح الغريب، القريب من النائب طلال إرسلان، القريب بدوره من النظام السوري، مما يعني أن ملف النازحين السوريين سيأخذ مناحي غير تلك التي كان يطالب بها جنبلاط، وربما هنا يكمن بيت القصيد في وصول علاقته بالرئيس الحريري إلى ما وصلت إليه من توتر، لم يكن باديًا خلال العشاء الذي جمعهما في أحد مطاعم الأشرفية تحت شعار"عشاء الأصدقاء"، حيث لم يكن جنبلاط في جو إسناد حقيبة "النازحين" لمصلحة الغريب، فنام صديقًا لحليف الأمس ليفيق على تشكيلة صادمة قلبت الموازين، فتحّول الصديق إلى خصم، وذلك لعلم الزعيم الدرزي بما سيؤول إليه هذا الملف من خطوات صغيرة سرعان ما تتحول إلى واقع على خط بيروت ـ  دمشق، مع ما يصل إليه من إشارات عن نية الوزير جبران باسيل بالقيام بزيارة قريبة إلى العاصمة السورية، وتمهيد الطريق أمام تطبيع العلاقات قبل قمة تونس، وقبل إتخاذ جامعة الدول العربية قرار إستعادة سوريا لمقعدها في الأسرة العربية.

وسط هذا الخليط السياسي من التناقضات يجد البعض من حلفاء الحلفاء حراجة في أي موقف سيتخذونه، وبالأخص لدى حليفي "حزب الله" الأساسيين، أي الرئيس نبيه بري والوزير السابق سليمان فرنجية، عندما تكون الأمور تميل لمصلحة "التيار الوطني الحر"، وبالتحديد لمصلحة الوزيرباسيل، وفي ذلك يلتقيان مع جنبلاط و"القوات اللبنانية"، ولكنهما سيجدان أنفسهما في موقعهما الطبيعي عندما يتعلق الأمر بسوريا. وهذا الأمر سيخلق نوعًا من إزدواجية المعايير، التي حسمها الرئيس الحريري عندما وضع كل بيض تيار "المستقبل" في سلّة العهد.

ولهذا كانت مواقف نصرالله بالأمس مغايرة تمامًا لمواقف ما قبل الأمس، فقال "نحن نحتاج الى الهدوء، وأخذ نفس، والابتعاد عن السجالات الاعلامية وللمزيد من التلاقي".وطالب القوى السياسية المشاركة في الحكومة الى التعاطي بإيجابية مع القلق الموجود كي نعالجه".وأعتبر أن "السجالات لا تقدم ولا تؤخر لا سيما لدى القوى المشاركة في الحكومة".وخاطب جميع القوى في الحكومة بأن "يستمعوا لبعضهم ويناقشوا"، وقال: "إذا بقينا نحل الأمور من منطلقات شخصية أو حزبية أو مناطقية فلا يكون هناك حل، لأن الحلول المتعلقة بحياة الناس تستحق الدراسة بهدوء".وطالب "بمعالجة القضايا الكبرى بمنطق التفهم والتوافق وليس على قاعدة الغلبة والحسم."

وبذلك بدا نصرالله إطفائيًا لحريق بعيد عن الضاحية وبعيدة عن طريق بعبدا ـ حارة حريك، وهذا ما سيزيد من حدّة الصراع داخل مجلس الوزراء، الذي لن يسمح كل من رئيسي الجمهورية والحكومة إلى سوق عكاظ سياسي وإلى تفشيل المشاريع المتفق عليها مسبقًا بين الحريري وباسيل. ومن لا يعجبه يمكنه أن يترك الساحة لغيره.