لبنانيات >أخبار لبنانية
صراع التوازنات.. الحريري وباسيل يداً واحدة
صراع التوازنات.. الحريري وباسيل يداً واحدة ‎الثلاثاء 5 02 2019 11:56
صراع التوازنات.. الحريري وباسيل يداً واحدة

جنوبيات

وأخيرا ولدت الحكومة العتيدة، والتي يبدو أنها ستنال ثقة المجلس النيابي الاسبوع المقبل. فالقصف "التويتري" على جبهات كليمنصو من جهة  و"بيت الوسط" والرابية من جهة أخرى، لم يستهدف قاعة اجتماع لجنة صياغة البيان الوزاري في السراي الحكومي، وإن كان مرده (القصف) مخاوف وهواجس لدى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط ، في الوقت الذي حضّ فيه الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، القوى السياسية على أن تعترف بها والتعاطي معها بإيجابية، من دون أن يأتي على اسم "بيك" المختارة.

لكن هل ثمة تغييرات جوهرية في توازن القوى داخل الحكومة ؟

إن التوازن الجوهري الذي يمكن أن يسمى تحولاً هو أن فريق الثامن من آذار مع فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتكتل "لبنان القوي" باتا يشكلان أغلبية ساحقة في مجلس الوزراء، وبالتالي ثمة تراجع ملحوظ في  وضعية القوى المسماة تقليديا 14 آذار.

لكن بطبيعة الحال، فإن هذه القراءة لا تستقيم إلا في حال أخذت في الاعتبار مكانة التحالف بين 8 آذار و"التيار البرتقالي"، وهذا ما تحيط به الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام. فالمسألة لا تقتصر حتماً على علاقة "حزب الله" –"الوطني الحر"، وهي لا تزال تحافظ على جوهرها ومرتكزاتها الأساسية، لكن هذا الواقع لا ينطبق على علاقة حركة "أمل" بـ "لبنان القوي" على سبيل المثال. فعلى خط عين التينة، فإن الترقب سيد الموقف لما بعد تلبد الغيوم في سماء العلاقة الحريرية – الجنبلاطية. فالرئيس نبيه بري، بحسب مصدر مطلع لـ"لبنان24"، لا يشعر بارتياح لعلاقة بيت الوسط ـ  الرابية، انطلاقاً من أن تجاربه مريرة مع رئيس "التيار البرتقالي"، ومفاوضات تشكيل الحكومة لم يشارك فيها،  إلا في ما يتصل بالثنائي الشيعي وحلفائهما، بمعزل عن تأكيد بري مراراً أنه قدم كل ما أمكن من أجل تأليف الحكومة ولن يندم على جهوده، وأن الحكومة تشكلت في النهاية وفق طرح كان تقدم به قبل أشهر.

لقد سعت الأوساط العونية عقب التأليف الحكومي، إلى إشاعة أن تكتل "لبنان القوي" حافظ على إمساكه بالثلث الضامن أو المعطل، وهو بذلك يريد أن يقول إن الوزير حسن مراد الذي سمي ممثلاً حصرياً للقاء التشاوري، إنما سيكون في اللحظات المصيرية التي تفترق القوى في ما بينها إلى جانب تياره، وهذا الأمر تنفيه مصادر "السنة المستقلين" بصورة جذرية وتتمسك في كون الوزير مراد ممثلاً لها وملتزما بخياراتها عند التصويت على القضايا المختلفة داخل مجلس الوزراء.

ما تقدم يعني أن ما سمي بمقعد الوزير الملك محل التقاطع بين "اللقاء التشاوري" ومن خلفه 8 آذار من جهة، و"التيار الوطني الحر" من جهة أخرى، سيكون مقعدا ملتبساً وربما مضطرباً وله قابلية أن يكون متفجراً.

ليس ما تقدم، فقط ما يشغل بال المراقبين حيال التوازنات. فالتوتر المتصاعد في علاقة رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل من جهة ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط من جهة أخرى، بات يثير قلق التقدمي  وصقور تيار "المستقبل" وأصدقاء الحزبين.

وإذا كان الأمر مفهوماً من زاوية حسابات البرتقاليين في "الثأر" من "بيك المختارة" على مواقفه في الجبل وفي فترة الانتخابات النيابية، والذي تظهر بشكل واضح  من خلال إسناد وزارة المهجّرين إلى القيادي في "التيار الوطني" غسان عطاالله الذي خاض الانتخابات النيابية عن المقعد الكاثوليكي في دائرتي الشوف - عاليه في وجه النائب نعمة طعمة، كذلك الحال مع توزير صالح الغريب ابن كفرمتى التي شهدت ما شهدته ابان حرب الجبل؛ لكن ما ليس مفهوماً هو أن يمضي الرئيس الحريري قدماً في التصعيد ضد كليمنصو، فهو يطيح بذلك، بإحدى أعرق التحالفات التقليدية التي نسجها الرئيس الشهيد رفيق الحريري واستمرت مع الحريري الإبن.

ما يجري على خط بيت الوسط، يتجاوز، بحسب أوساط مطلعة لـ"لبنان24" ، التصدع السياسي في العلاقة، ليصب في خانة العمل المزدوج على تهميش رئيس الاشتراكي وإبعاده رويداً رويداً على دوائر القرار والطبخات السياسية، بما يعني أن سياسة الترقيع لن تعطي مفعولاً بعد اليوم. فالعلاقة باتت في مهب الرياح البرتقالية. اتفاق الطائف الضمانة يتآكل. والحريري بعلاقته مع الرئيس عون وباسيل يدفع الطائف الى الهاوية.

فهل يخفي هذا التصعيد تحالفاً استراتيجياً معقوداً بين الحريري وباسيل؟

لم تظهر معالم التحالف إلى السطح لغاية الآن، لكنه يقوم على تفاهم مضمر مفاده أن الحريري يتبنى باسيل في معركة الرئاسة ويعمل للتسويق له عربياً ودولياً، ويتولى وزير الخارجية في المقابل، التمسك بالحريري رئيساً لكل حكومة آتية، هذا فضلاً عن التفاهم على ملفات جزئية تتصل بالكهرباء والاتصالات وغيرها.

وتأسيساً على ما سبق هل سيُحول هذا المشهد بخلفياته الحكومة إلى ساحة تنازع في صراع التوازنات بين القوى، أم أن مجلس الوزراء سينعقد بسلام وتمر جلساته بمرحلة تهدئة يتفق عليها الجميع بهدف معالجة الملفات الاقتصادية والمالية والمعيشية؟