لبنانيات >أخبار لبنانية
تصريح وزير التربية حول الشهادة الرسمية صادم.. وهذا المطلوب!
تصريح وزير التربية حول الشهادة الرسمية صادم.. وهذا المطلوب! ‎الأربعاء 13 02 2019 13:24
تصريح وزير التربية حول الشهادة الرسمية صادم.. وهذا المطلوب!

جنوبيات

لم يمرّ التصريح الذي أدلى به وزير التربية أكرم شهيّب لدى تسلّمه مهام الوزارة في الحكومة الجديدة مرور الكرام عند عدد من التربويين والطامحين إلى إرساء تغيير إيجابي في القطاع التربوي في لبنان. الاعتراض طال تحديداً الشقّ الذي تناول فيه الوزير موضوع الشهادة الرسمية و"النجاح الباهر"، فهو كشف عن عزمه على "إعادة الإعتبار للشهادة اللبنانية، قائلاً بالحرف الواحد: "هذا موضوع في غاية الأهمية، ففي أيامنا كان يصل معدل النجاح إلى 11% أو 12% ، لكن اليوم ومع الأسف، تمّ تفريغ بعض المواد من مضمونها ما أدّى إلى "النجاح الباهر". بتنا لا ندخل إلى ضيعة ما إلا ونرى يافطات تهلل للنجاح بنسبة 100%...هذا الموضوع بدو طولة بال"!

بالنسبة إلى المتخصصة التربوية ورئيسة القسم التربوي في وزارة التربية الكندية إليان صعيبي، "فإن هذا الخطاب مرفوضٌ رفضاً قاطعاً". وفي حديث لـ "لبنان24"، تعتبر صعيبي أنّ ما تفوّه به وزير التربية من شأنه إحباط الطلاب وزرع الخوف في نفوسهم. "ماذا سيفهم التلامذة سوى أنّ الامتحانات سوف تكون صعبة للغاية وأن التقييم سيكون صارماً؟!، تقول.

في كندا، حيث تعيش وتعمل وتتعامل يومياً مع نوّاب ووزراء ومعنيين بالقطاع التربوي، فإن خطابات المسؤولين تُدرس بعناية بكل جوانبها وتأثيراتها المحتملة قبل أن تُلقى. هذا ما تشير إليه صعيبي معتبرة أنّ الأجدى بوزير التربية مخاطبة الطلاب بأسلوب مغاير وله وقعٌ إيجابي ومحفّز، فيعدهم ببذل الجهود سوياً لتصويب الأمور بغية حضّهم على الإنتاج واكتساب المعرفة والثقافة وتطويرهم كأفراد في المجتمع.

ومنعاً للالتباس، توضح صعيبي أن الاعتراض ليس على فكرة التشددّ في الامتحانات وعمليات التقييم، إنما على أسلوب التخاطب مع الطلاب.

ويقود الحديث مع المتخصصة التربوية بطبيعة الحال إلى بعض شؤون القطاع التربوي وشجونه في لبنان، فيبرز أولاً موضوع الشهادة الرسمية. برأيها، يجب إلغاء شهادة "البريفيه"، فهي عملياً لا تؤسس لأي مرحلة كما يُشاع، بل على العكس، قد ترسم معالم مستقبل الطالب بخلاف ما يشاء. أما امتحانات الشهادة الثانوية فهي مطلوبة، إنما ليس في كلّ المواد. "الفكرة صحيحة، لكن المشكلة في المضمون. فلماذا، على سبيل المثال، على الطالب أن يجري امتحانات في التاريخ والجغرافيا؟"، تسأل.

وتتطرّق صعيبي إلى موضوع التعليم المهني والفكرة السائدة حوله بحيث يُعتبر الطالب الذي ينتقل إلى "المهنية" فاشلاً:"من المعيب والخطأ تصوير التعليم المهني بهذا الشكل، فهو بخلاف ذلك، يخرّج الطالب بمهنة بين يديه ويمكّنه من دخول سوق العمل بسهولة".

ومن الواضح أنّ ثمة أحكاماً مسبقة كثيرة ومعتقدات خاطئة سائدة في المجتمع اللبناني، ومنها تقييم الطالب وفقاً لعلاماته، بل وتحديد مستقبله أيضاً استناداً إليها. بحسب صعيبي، "باتت إدارات بعض المدارس هي من تجبر الطالب على اختيار فرع معيّن في صفّ الثالث ثانوي بحسب علاماته. كما أنّ النظرة إلى طالب الآداب والإنسانيات تختلف مثلاً عن النظرة إلى الطالب في فرع العلوم العامة أو علوم الحياة والاقتصاد والاجتماع، مع أنّ البعض يختار فرعاً معيّنا رغم أن علاماته تخوّله دخول الفرع الآخر".

ولا تخفي صعيبي رأيها بضرورة أن تكون العلامات متساوية، "وإلا نكون بذلك نطلب من الطلاب تفضيل مادة على أخرى، أو التركيز على واحدة دون سواها".

من الواضح إذاً، أن ما تدعو إليه المتخصصة التربوية هو إجراء تغييرات على البرنامج التعليمي. تقول إن "المنهج التربوي في لبنان جيّد جداً، لكننا بحاجة إلى تعديل البرنامج". وتتطرّق هنا إلى مجموعة من الأمور منها على سبيل المثال المواد التي تُدرّس، فتعتبر أنه يجب إعادة النظر بهذا الموضوع بحيث تُوّزع المواد على السنوات الدراسية وفقاً لسنّ الطالب والأهداف التربوية. في كندا مثلاً، يدرس الطلاب التاريخ والجغرافيا في سنّ 13 و14 فقط. إنها ثقافة عامة، فلم إجبار الطلاب على حفظ هذه الكتب طيلة السنوات؟!

وتكشف أنها بكت ذات مرة عندما ذهب طلاب من لبنان واجتمعوا مع طلاب كنديين في حلقة تبادل معرفي حول تاريخ البلدين، إذ تبيّن أن الطلاب اللبنانيين تنقصهم معلومات كثيرة تتعلق بتاريخ  بلدهم الأم!

وترى أنه من الضروري إضافة مواد جديدة على البرنامج التعليمي في لبنان، مثل المواد التي تعلّم كيفية الحفاظ على البيئة، ومادة تصميم الروبوتات..، وإضافة أنشطة مختلفة خلال الدوام من شأنها تعزيز ثقافة الطالب في شتّى المجالات والتركيز على مواهبه وصقلها. "كلّ هذه المواد يجب أن تعلّم من دون إخضاع الطلاب لامتحانات فيها، تماماً مثلما يجب إلغاء الامتحان في مادة التربية مثلاً".

وبمناسبة الحديث عن مادة التربية، تكشف صعيبي أنه من غير المقبول أن يتضمن كتاب التربية في لبنان مصطلح "معاق" لدى الحديث عن شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة! وتبرز هنا أهمية إعادة النظر في مضامين الكتب وليس الاكتفاء بتغيير غلافها كلّ عام كسباً للمال! فهل يُعقل مثلاً أن تظلّ دول الاتحاد الأوروبي 15 في كتاب الجغرافيا؟! وهل مقبول ألا يصار إلى تحديث كتاب التاريخ في لبنان؟

وطبعاً، لا تخفي صعيبي اعتراضها على فكرة الـ Agenda السائدة في لبنان، وهي تثقل كاهل الطالب وأهله على حدّ سواء، كما أنها تضع التلامذة تحت ضغوطات جمّة وتحول دون أن يتمكنوا من عيش حياة طبيعية وممارسة الأنشطة والرياضة…

المشكلة هنا أنّ الأساتذة مرغمون على إنهاء البرنامج المحدد، وهذا ما ينعكس على طريقة التعليم أيضاً.

وصعيبي التي ترى أن "الواجبات المنزلية يجب أن تكون قليلة جداً ومحصورة بمواد قليلة معينة"، تدعو أيضاً إلى توّسل التكنولوجيا في عملية التدريس ، ومنها اللوح التفاعلي وتزويد الطلاب بأجهزة الأيباد، وهذا ما يخفف من وزن الحقيبة التي باتت تسبب أضراراً صحية جسيمة.

أما الأضرار النفسية المحتملة فتتمثل بحسب صعيبي بالزيّ المدرسي الموّحد. تقول:" علينا كتربويين أن نعلّم الطالب تقبّل الآخر كما هو، لا المساهمة في التمييز الاجتماعي. علينا أن نخبر الأطفال بأنهم ليسوا متشابهين كي نقيهم شرّ الصدمات عندما يكتشفون ذلك في الحياة".

أما علامة الصفر، فهذه قصة ثانية. هل يعقل أن ينال طالب صفراً في امتحانه؟! بحسب صعيبي، المشكلة في المعلم (ة)! فهل يعقل ألا يلاحظ المدرس (ة) طيلة السنة الدراسية أنّ الطالب يعاني من مشكلة ما، فيتفاجأ بالنتيجة لدى التقييم؟"

نحن في القرن الواحد والعشرين، وبحسب المتخصصة التربوية ومدربة التدريس، "علينا أن نفكر بالطالب أولاً وأخيراً من أجل بناء جيل منتج ومثقف وقادر على الإبداع. لكن للأسف، الأولوية اليوم هي لكسب المال!.