عام >عام
القهوة التركية والنصيب
القهوة التركية والنصيب ‎الجمعة 15 02 2019 14:40
القهوة التركية والنصيب

الدكتور مجدي شحادة

 

ما تزال الثقافة التركية العريقة تتحفنا بعاداتها المميزة، وتقاليدها الفريدة، والتي تمتدُّ لمئات السنين عبر تاريخها التركي والعثماني الطويل.

عادة “قهوة العريس المالحة” هي واحدة من تلك العادات العجيبة في الثقافة التركية، والتي ما زالت مستمرّة إلى يومنا هذا. تقوم هذه العادة على أن تُقدَّم للعريس، عندما يأتي لخطبة عروسه، قهوة بالملح بدل السكر، وعلى العريس أن يشرب تلك القهوة كاملة، دون أن تَظهر عليه أيّ علامة من علامات النفور أو التعجب.

تُروى العديد من الروايات حول هذا التقليد، وسببه، والفكرة من ورائه، وكيف يجب أن يتعامل العريس مع هذا الفنجان المليء بالملح.

أشهر هذه الروايات تقول، أنه عندما يلتقي العريسان لأوّل مرة في منزل العروس ويتبادلان أطراف الحديث، تذهب العروس بعد ذلك إلى المطبخ لعمل القهوة، فإذا كانت هي موافقة على الزوج، تصنع له قهوة حلوة، وفي حال رفضها تصنع له قهوة مالحة، وعندها يعلم العريس وأهله، إذا كانت العروس من نصيبهم أم لا، تجنّبَا للتصريح المباشر والإحراج.

وتقول رواية أخرى، أنَّ الفكرة من وراء ذلك هي اختبار العريس، ومدى التحمّل والصبر الذي سيعطيه لعروسه، فيوضع له في فنجان القهوة كمية من الملح، فإذا شربها بنفور، دلّ ذلك على قلة صبره واحتماله، أما إذا شربها بكل راحة وسرور دلّ ذلك على صبره وحبه لها.

حتى أن بعض العرسان، يقولون بعد شربهم لهذه القهوة المالحة “أليس لديكم قهوة أملح من هذه، فهي ليست مالحة”، تعبيرًا عن مدى استعدادهم لقبول وتحمّل الزوجة القادمة.

وتروي بعض قصص التاريخ أنَّ أحد القادة العثمانيين أرسل لخطيبته وهو في المعركة هذه الرسالة “لقد تعوّدت على قهوة الحرب والمعارك المالحة (تعبيرًا عن حبه للحرب)، لذا إذا عدتُ من هنا، وتزوجت بك، فاصنعي لي مثل هذه القهوة المالحة كل يوم”. وعندما انتهت المعركة وعاد القائد العثمانيّ، تزوج من تلك الفتاة، وأصبحت تعدُّ له قهوة مالحة كل يوم.

المصدر : جنوبيات