لبنانيات >أخبار لبنانية
الكتائب في مؤتمرها العام الـ31: نموذج مغيب للحياة السياسية اللبنانية
الكتائب في مؤتمرها العام الـ31: نموذج مغيب للحياة السياسية اللبنانية ‎الثلاثاء 19 02 2019 13:12
الكتائب في مؤتمرها العام الـ31: نموذج مغيب للحياة السياسية اللبنانية

جنوبيات

من يتابع عن قرب أعمال المؤتمر العام الحادي والثلاثين لحزب الكتائب اللبنانية الذي انعقد على مدى ثلاثة أيام نهاية الأسبوع الماضي في مجمع البيال – فرن الشباك، يخال نفسه خارج الحياة السياسية اللبنانية بنسختها الحالية، وتعود به الذكريات الى "أيام العز" الديموقراطية التي عاشها لبنان لفترات متقطعة في زمن "عمالقة السياسة" قبل الحرب.

وفي موازاة المعاني الكتائبية السياسية والتنظيمية الداخلية للمؤتمر، فقد كان له معان وطنية مهمة تترك الانطباع بأن الحياة السياسية والحزبية في لبنان لا تزال قابلة للحياة، وهي لا تزال تمتلك الخميرة الضرورية لإعادة انطلاقة فاعلة ومؤثرة تنقذ لبنان واللبنانيين من "عصر الإنحطاط السياسي" التي تسببت به الإحتلالات والوصايات الخارجية والحروب الداخلية التي قضت على صوت العقل والمنطق وعلى المعاني السامية للتنافس الديموقراطي وسباق المشاريع في اقناع الرأي العام اللبناني واجتذابه.

وعلى الرغم من محاولات "العزل" التي يتعرض لها حزب الكتائب منذ سنوات نتيجة رفضه الإنخراط في صفقات التسوية غير المستندة الى اتفاقات وتصورات سياسية واقتصادية واضحة في غياب التفاهم الوطني على مشروع متكامل، انتهى المؤتمر بتقديم "نموذج" من العمل الحزبي والسياسي، ومشروعا سياسيا – اجتماعيا – سياديا متكاملا، لا بد أن يترك عدواه على بقية الأحزاب التي ستجد نفسها محرجة حيال محازبيها وجمهورها ما لم تستلحق نفسها بخطوات وتدابير مماثلة وبخطاب سياسي منسجم مع قناعات أتباعها تواكبه حالة تنظيمية تفتح مجال النقاش السياسي أمام المفكرين والناشطين وقادة الرأي فيها للتعبير عن آرائهم وتطلعاتهم.

بكلام آخر، فإن حزب الكتائب الذي أراد خصومه تطويقه وإضعافه من خلال الإنتخابات النيابية الأخيرة، بدا في موقع "الهجوم" بعد أقل من تسعة أشهر على الإنتخابات التي صور خصوم الكتائب النتائج "المتواضعة" التي حققها الحزب نيابيا على أنها هزيمة سياسية. وبات "المهاجمون" في المقابل في موقع الدفاع السياسي والتنظيمي عن مواقعهم ووجهات نظرهم لا سيما في ظل الإفلاسات المتلاحقة التي طبعت إداءهم، وفي ظل بروز صحة المقاربات التي تمسكت بها الكتائب ورفضت المساومة عليها من أجل تحالفات نيابية ووزارية مرحلية وآنية.

وقد أثبت المؤتمر العام الحادي والثلاثين لحزب الكتائب أن "الخسائر" الإنتخابية سرعان ما تبين أنها مكاسب وأرباح سياسية تتراكم على المديين المتوسط والبعيد لا سيما في ظل صفاء ذهني وسياسي في مقاربة المشاكل واقتراح الحلول الوطنية في مقابل التخبط في المقاربات الذي يطبع إداء أركان الحكم. في حين أن "الأرباح" الإنتخابية لخصوم الحزب ومنافسيه باتت ثقلا عليهم ومجرد شيكات بلا رصيد سياسي غير قابلة للصرف في ظل "المؤامرات" المتبادلة بين أركان صفقة التسوية والإنقلابات المتلاحقة على الوعود والتفاهمات السابقة في ما بينهم.

ولعل مصادفة توقيت المؤتمر الكتائبي مع انتهاء جلسات مناقشة البيان الوزاري للحكومة وما تخللها من "مشاهد مخزية" للحياة السياسية والبرلمانية في لبنان، ساهم في تقديم خدمة بالغة للكتائب التي ظهرت أمام محازبيها وأمام الرأي العام اللبناني متماسكة في رؤيتها، قادرة على مناقشتها ووضع الأطر التنظيمية المطلوبة لإعطائها الدفع التطبيقي المطلوب، خلافا للواقع المربك والصدامي الذي طبع إداء الأحزاب والتيارات والقوى السياسية المتحاصصة داخل الحكومة.