عام >عام
المطران درويش في لقاء عن وثيقة الأخوة الإنسانية: جديرة بأن تعلم في المدارس
المطران درويش في لقاء عن وثيقة الأخوة الإنسانية: جديرة بأن تعلم في المدارس ‎الثلاثاء 26 03 2019 19:51
المطران درويش في لقاء عن وثيقة الأخوة الإنسانية: جديرة بأن تعلم في المدارس

جنوبيات

 استضافت "الكلية الشرقية" في زحلة، بدعوة من "اللجنة الأسقفية للحوار المسيحي - الإسلامي" و"لجنة الأخوة الإنسانية في البقاع"، ندوة بعنوان "قراءة في وثيقة الأخوة الإنسانية" تحدث فيها المطران عصام يوحنا درويش رئيس اللجنة الأسقفية للحوار المسيحي - الإسلامي، وجيه فانوس الامين العام لـ "اتحاد الكتاب اللبنانيين"، فيرا يمين عضو المكتب السياسي في "تيار المردة"، حسن قبلان الباحث في العلاقات المسيحية - الإسلامية، وفي حضور راعي ابرشية زحلة المارونية المطران جوزف معوض، ممثل نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى السيد عبدالسلام شكر، الشيخ احمد سرحال من المجلس المذهبي الدرزي، وفد من ازهر البقاع، النائب سليم عون، الوزير حسن مراد ممثلا بايلي نورية، النائب سيزار معلوف ممثلا بجورج حجيج، النائب السابق فيصل الداود، السفير ايلي الترك، المدير العام في مجلس النواب كريستين زعتر المعلوف، المدير العام السابق عدنان نصار، مدير "المباحث الجنائية المركزية" العميد موريس ابو زيدان، العميد الركن ميشال نحاس، قائد فوج التدخل السادس في الجيش اللبناني العقيد الركن دافيد بشعلاني، وفد من قيادة حركة امل في البقاع، منسق تيار المستقبل في البقاع الأوسط سعيد ياسين، منسق "تيار المردة" في البقاع غابي لبس، مديرة ثانوية مار الياس لراهبات العائلة المقدسة ريموند ابي حبيب، رئيس "نادي الشرق لحوار الحضارات" ايلي سرغاني على رأس وفد من النادي إضافة الى رؤساء البلديات والمخاتير والمشايخ والكهنة والراهبات. 

درويش
الإفتتاح بالنشيد الوطني ثم كلمة للمطران درويش قال فيها: "إثر توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك في شباط 2019 في دولة الإمارات، بين البابا فرنسيس ومفتي الديار المصرية الشيخ أحمد الطيب، تداولت مع بعض الأخوة والأخوات فكرة إنشاء فريق يهتم بتسويق هذه الوثيقة وشرحها. وبعد الاجتماعات الدورية التي عقدناها والتي كانت مفعمة بالصداقة والتفاهم، تكون فريق الأخوة الإنسانية في البقاع من السادة ربيع الدبس، أنطوان سيرافيم، محمد ياسين، عباس ضاهر، ماجد سعيفان، وليد شويري، جوزف خزاقة، خليل عاصي والسيدة سابين الكك والأب ايلي أبو شعيا".

واضاف: "نأمل في ألا تكون ندوة اليوم فريدة وعابرة، بل نطمح لأن تكون انطلاقتنا هذه بداية مسيرة نعبر من خلالها عن أخوتنا الإنسانية. كما ونريد أن تكون هذه الوثيقة موضوع بحث ودراسة في المدارس والجامعات والمدارس اللاهوتية والفقهية، وأن تدخل في صلب المناهج التعليمية. لأنها تحمل في طياتها أفكارا اجتماعية وتربوية وروحية يمكن أن تساهم في بناء أجيال جديدة تحمل الخير والسلام إلى مجتمعاتنا".

وتابع: "تضع الوثيقة بين أيدينا مبادئ واضحة للعيش المشترك، وأبرز ما فيها أنها تندد بنهج العنف باسم الدين، وتستنكر استخدام اسم الله لتبرير العنف والقتل. وتتوجه الى قادة العالم ورجال الدين والمفكرين والفلاسفة والإعلاميين بنشر قيم التسامح والعدل والخير والجمال. كما وتدعو الوثيقة إلى المصالحة بين جميع المؤمنين بالأديان وبين المؤمنين وغير المؤمنين، والى نبذ العنف والتطرف".

وختم درويش: "هذه الوثيقة التاريخية تحرضنا جميعا لنحقق معا اخوتنا الإنسانية. وباجتماعنا معا اليوم، نشهد بأننا أخوة وأخوات نؤمن بالإله الواحد ونعمل معا متحالفين، بقوة صلواتنا، من أجل مستقبل أفضل للإنسان".

فانوس
الدكتور وجيه فانوس تحدث في كلمته عن "تجليات الثقافة المريمية في النص القرآني" فقال: "يعتبر النص القرآني، من النصوص الدينية المقدسة التي خصت السيدة العذراء مريم، بقدر كبير من رحابة الذكر؛ إذ ورد الكلام عنها في أربع من سور القرآن، هي: آل عمران، ومريم، والتحريم والأنبياء. ويبلغ مجموع الآيات التي ذكرت فيها السيدة مريم، في سور النص القرآني، ثلاث وعشرين آية؛ مع الإشارة إلى أن مريم يشكل، في حد ذاته، اسما لواحدة من سور القرآن، يبلغ عدد آياتها ثمان وتسعين آية. يمكن التأكيد على أن ما يرد في هذه النصوص القرآنية، المقدسة عند المسلمين قاطبة؛ والمحترمة، في كثير مما يرد فيها، من قبل أهل الديانات السماوية الأخرى وعند كثير من المفكرين وأهل الرأي، وحتى عند بعض ناكري قدسية هذه النصوص، أنها تؤكد، مع الموافقة الإلهية الكاملة على اعتبار مريم مثالا أعلى اصطفاه الله وطهره؛ وتثبت، تاليا، عبر ما ترويه من قصة السيدة مريم العذراء، حقوقا كثيرة للأنثى، وهي حقوق طالما جرى الاختلاف بين ناس الدين والفقه واللاهوت عليها وحولها، في حين هي حقوق واضحة وضوح الشمس لدى أي متدبر موضوعي لهذه النصوص القرآنية؛ بل هي الحقوق التي ما أنفك المجتمع المدني المعاصر يسعى إلى إقرارها والعمل بموجبها".

وختم: "إن النص القرآني يؤكد، عبر ما يشير إليه من موضوع السيدة العذراء مريم وأحوالها، على ممارسة الأنثى لحقوق كبرى، ما انفكت مؤسسات رسمية وأهلية تسعى إلى إثباتها والعمل على تحقيقها، لعل من أبرزها:
- حق الوجود، متمثلا في الحق في الوجود الانساني الكامل، والحق في ممارسة عبادية كاملة، والحق في أن تكون الأنثى، بصلاحها، قدوة للجميع.
- الحق في التواصل مع الآخر، متمثلا بالحق في التوجه المباشر إلى الآخر، وحق عرض الرأي، والحق في المعرفة.
- الحق في حماية الذات؛ متمثلا بالحق في الانزواء، والحق في الاعتراض، والحق في تلقي الدعم، والحق في التحوط، والحق في المصارحة، والحق في المناورة".

يمين
ورأت يمين في كلمتها أن "ليس من السهل قراءة وثيقة موقعة من مرجعين دينيين على هذا المستوى والقدر والقيمة، ولكن في المقابل فالهروب من المقاربة كالتهرب من القراءة فنحن شعوب لا نقرأ ولا نسمع وبالتالي نعاني من أزمة إنتاج فكري وثقافي".

أضافت: "ربما تمت قراءة هذه الوثيقة أكثر من غيرها لأن رداءها ديني ولكن أهميتها أنها دينية إيمانية إنسانية، بما يعيد إلى الدين مفهومه وإلى الإيمان حضوره وإلى الإنسانية جوهرها الذي من دونه يتصحر كل فعل. ومن منطلق إيماني المسيحي المبني على المسامحة والإنفتاح، ومن منطلق هاجسي من خسارة الشرق تنوعه من خلال ضرب الوجود المسيحي فيه اطمأنيت إلى الوثيقة مضمونا وتوقيتا ومكانا لأنها في المضمون كرست قناعاتي وفي التوقيت أنها وقعت في زمن التطرف وتشويه الأديان وتحديدا النيل من صورة الإسلام بما يشبه النيل من صورة المسيحية في الغرب، ولو بطريقتين مختلفتين ومكانا أنها وقعت في المنطقة العربية تعزيزا للانفتاح بل الإندماج بما يشكل استمرارا لزيارة قداسة البابا القديس يوحنا بولس الثاني إلى لبنان وسوريا (على خطى بولس الرسول - 2001) و(استنباطا من السينودس - 2008) الذي على ما أظن كثيرون لم يقرأوه وإذا قرأوه نسوه أو تناسوه وهذه مشكلتنا الكبرى".

وتابعت: "إنطلاقا من فكرة دور الأديان أو رجال الدين، كنت اتمنى لو أن الوثيقة قدمت مقاربة واقعية إلى اهمية هذا الدور بخاصة وأن المتطرفين يتخذون من الدين لبوسا وباسمه يرتكبون، يقترفون، يقتلون، يهجرون، يسبون، ويستبيحون ولا يكفي أن نقول: الدين براء منهم أو الإرهاب لا دين له، فهذه العبارات وغيرها - على صوابيتها نسبيا - إلا أنها باتت ممجوجة بل ومستفزة في ظل غياب الحلول وتراخي دور بعض المرجعيات الدينية كيلا أقول معظمها، التي يجب أن تتحمل المسؤولية من خلال المتابعة والرصد والمحاسبة كمثل محاسبة كل خطاب متشدد أو فكر متطرف. وكم عانينا ونعاني من استخدام المحراب منصة والمذبح منبرا لإطلاق سموم طائفية أو مذهبية، وما لذلك من تأثير على المصلين الذين يتأثر معظمهم بما يسمعونه أو يتلقفونه. ومن دور العبادة إلى المدارس والمعاهد التي تعلم الدين ولكن كيف تعلم الدين؟ وفق اي منهجية؟ من يضبطها، من يراقبها، من يحاسبها، وكل يغني على ليلاه وليلاه طائفية مذهبية". 

وختمت: "يبقى أن نرفع صلاتنا في الختام إلى مريم القديسة المقدسة التي بردائها تحتضننا جميعا على اختلاف دياناتنا والمعتقدات هي التي أمرت بتحقيق العجيبة الأولى فاكتمل العرس عسانا وبشفاعتها نصل إلى اختتام الجرح ويتحقق عرس السلام".

قبلان 
وكانت مداخة للباحث في الشؤون الحوار المسيحي - الإسلامي السيد حسن قبلان بعنوان "وثيقة الأخوة الإنسانية وضياع الفرص لبنانيا" جاء فيها: "هذا دأبنا نحن اللبنانيين، كالنحل الذي يستدعيه الرحيق ليحيله عسلا طيبا مصفى، نمتلك حساسية ايجابية وإنشدادا محمودا تجاه كل ما هو بهي في عالم الحوار، وجميل في آفاق اللقاء الإسلامي المسيحي".

وأضاف: "تلقائيا ترانا نتحرك وكأننا بل لأننا وبحق الأوصياء على عهد الله ووصيته بالعيش وبجدارة، تحملنا أمانة هذا التعايش بين الديانات والحضارات والثقافات. وان هذا اللقاء المنعقد تحت عنوان (قراءة في وثيقة الأخوة الإنسانية). هو من هذا الشهد الذي يستسيغه اللبنانيون لأن لقاء مهما بين كبيرين هما قداسة البابا فرنسيس الجالس على كرسي القديس بطرس، وسماحة شيخ الأزهر احمد الطيب، حتى تاريخه لم اسمع ولم أقرأ عن ندوة بحثية أو اهتمام استثنائي بهذا الحدث قد حصل في أي منتدى أو مركز ثقافي في عالم العرب والمسلمين والمسيحيين، بل أنه من لبنان خرجت دعوات ورسائل وبرقيات الترحيب والتأييد كانت قد صدرت عن فخامة رئيس البلاد ودولة رئيس مجلس النواب والحكومة وشخصيات دينية وفكرية".

وتابع: "في ورقتي هذه أود أن أشير إلى انني اخترت عنوانا لمشاركتي في هذا اللقاء (وثيقة الأخوة الإنسانية وضياع الفرص لبنانيا)، لأنه وبصراحة اراني اعتقد أن البلد المؤهل لإعلان كهذا هو لبنان مع عظيم تقديري لمبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة لعقدها هذا اللقاء".

وقال: "إذا كان للقاء الأديان أم أو أب فهو بنظرنا لبنان الذي أضاع فرصة أن يتحمل قادته مسؤولية الدفع بهذه الرسالة إلى الأمام. بخاصة وان هذه الوثيقة فيها الكثير من العناوين والافكار التي تعني لبنان مباشرة أو كان للبنان قصب السبق بطرحها. فنحن لو أجرينا مقارنة بين من تتحدث الوثيقة بإسمهم من فقراء ومحرومين ومهمشين وايتام ومستضعفين لوجدنا أن الفكرة، بل المفردات كأنها مستلة من خطاب الإمام موسى الصدر في قسم بعلبك في 17 آذار 1974".

وختم " كانت المسيحية ثورة على ظلم احبار وحكام اليهود وتسلطهم المادي وجشعهم الربوي فقال لهم الفادي: (هذا بيت أبي مكان للصلاة فلا تجعلوه مغارة للصوص). والاسلام ثورة على قريش وفسادها، إذ قال تعالى (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا). نعم من أجل فهم ديني يجيب على أسئلة الشباب، ويحل أزمات الانسان الروحية والمادية، نعم لحوار الحياة وإخراج قضية الحوار الاسلامي المسيحي من الصالونات، ومداولات النخب إلى أن تكون قضية حياة وعيش الناس العاديين في شوارعهم ومدارسهم وجامعاتهم ومؤسساتهم الحياتية، كما صاغوها عبر هذه القرون. ونعم لفهم ديني فوق الحواجز التي تستدعي كاهنا شارك مسلمين فرحهم افطارا رمضانيا، فأذن معهم فعوقب، وبالمقابل تستدعى برلمانية مسلمة لأنها وقفت لتتناول قربانا فتكفر وتستتاب. ومعا لكهنوت اسلامي - مسيحي مناضل ملتزم عامل في حقل الرب والانسان لتكون كلمة الله هي العليا، فالخلق كله عيال الله، اقربهم اليه احبهم لعياله".

لجنة الأخوة
أما كلمة "لجنة الأخوة الإنسانية في البقاع" فالقتها سابين الكك فقالت: "قبل خوض أي حوار بين الأديان علينا أن نعترف بأن الصراع اساسا هو بين النور والظلمة، لذلك علينا جميعا أن نكتشف النور في الدين الآخر، علينا أن ندرك بأننا حين نبصر نورا خارج أسوارنا فنحن حتما منه، وان من يحب الله عليه أن يحب الله في ذاته كما في إشعاعاته على الآخرين، وعلينا أن نربي أولادنا على البشارة في إنجيل لوقا كما البشارة في سورة آل عمران، وأن نعلمهم الاقتداء بيسوع ومناجاة الرحمن. مريم جمعتنا اليوم في قراءة عن وثيقة الاخوة الإنسانية فارتقينا ببتوليتها الى المحبة... بعيدا من الغلول، وجاءت القراءات توحيدية في أبعادها، وعميقة في جوهرها، لذلك... لا بد لنا من الثناء عليها. 
وما هذه الخطوة من لجنة الاخوة الإنسانية في البقاع إلا ايمان منها بأن وثيقة الاخوة الإنسانية هي وثيقة استثنائية في دلالاتها الزمنية، الدولية، والدينية، وثيقة شاملة في مبادئها الروحية، الاجتماعية والقانونية، وثيقة تاريخية بقيمها الإنسانية، الخلقية والفلسفية".

واختتمت الندوة بكوكتيل اقيم للمناسبة.