ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
د. طلال حمود وعلاج الشرايين التاجية المُتكلّسة بواسطة النحت الدائري
د. طلال حمود وعلاج الشرايين التاجية المُتكلّسة بواسطة النحت الدائري ‎الأحد 28 07 2019 17:42
د. طلال حمود وعلاج الشرايين التاجية المُتكلّسة بواسطة النحت الدائري

جنوبيات

علاج الشرايين التاجية المُتكلّسة بواسطة النحت الدائري للترسبات الشريانية (Rotational atherectomy)     
1- مقدمة:
لا تزال إنسدادات شرايين القلب المُتكلّسة (Calcified lesions ) تُشكّل مُعضلة كبيرة أمام العلاج الكلاسيكي بواسطة البالون والروسور. ذلك لأنها قد لا تسمح بإيصال هذه الأجهزة او المعدات  الصغيرة  إلى داخلها بسبب كثرة التكلُّس الموجود في جدار الشريان . وقد لاتسمح أحيانا بفتح الروسور بشكلٍ جيد، مما قد يُعرّض المريض لحالات خطيرة من الإنسداد المفاجئ في الروسور، وهذه ظاهرة  قد تكون خطيرة جداً مع الروسورات الذكية من الأجيال الجديدة حيث أن عدم إلتصاق الروسور بالجدار يُعرّض المريض لخطر إنسداد مفاجئ في الروسور ولخطر حصول وفاة مُفاجئة أو ذبحة قلبية حادّة ولحالات معاودة إنسداد قد تكون لها أيضا نتائج سريرية خطيرة. لذلك فقد حاول الأطباء منذ حوالي 20 سنة إختراع طرق ميكانيكية لنحت الكلس والمواد الأخرى الموجودة في جدار الشريان بهدف تحضير هذه الأنسدادات لزراعة الروسور فيما بعد، خاصة في الأنسدادات المُتكلّسة والإنسدادات الموجودة على فم الشرايين  (Ostial lesions) أو الإنسدادات المُمتدة والطويلة أو أخيرا الأنسدادات الكاملة المزمنة.
لكن الدراسات العلمية الدقيقة لم تُظهر أن تحضير هذه الشرايين بواسطة هذه التقنيات ومن ضمنها النحت بواسطة الجهاز الذي يدور بسرعة حول نفسه، إن هناك تحسّن كبير في تخفيض نسبة الوفيات على المدى البعيد، وقد تمّ إهمال هذه التقنيات لفترات طويلة ومرّ إستعمالها بفترات إرتفاع وإنخفاض نسبي بحسب الموضة وحسب الإمكانيات المادية للمستشفيات والدول بحيث ان إستعمالها كان أكبر في الدول والمجتمعات الغنية واقل في الدول المُتخلّفة طبياً والفقيرة.  لكن مُجدداً ومع التقدُم العلمي الذي حدث مع الروسورات الذكية من الأجيال الجديدة التي خفضت نسبة معاودة الأنسداد إلى حوالي %5 بما في ذلك الإنسدادات المُتكلّسة جداً والطويلة. ومع تقدّم سن المرضى بشكلٍ كبير في السنوات الأخيرة لا يزال هناك دور نسبياً كبير لهذه التقنية في تحضير الإنسدادات لكي نزرع فيها الروسورات المُتطورة الحديثة وليس فقط من حيث فائدتها في نحت الكلس بحد ذاتها.وهذه التقنية تعود كما سنرى للواجهة مع تقدّم سن المرضى الذين نعالجهم في بعض مراكز القلب المتقدمة والمتخصصة خلصة في الدول الغنية التي تملك إمكانيات إقتصادية عالية لطبابة مواطنيها حيث ان تطور النظام الصحي في هذه المجتمعات سمح لوصول المرضى إلى اعمار متقدمة جدا بحيث أن متوسط العمر المأمول(  life expectancy) اصبح حوالي ٩٠ سنة للنساء و ٨٠ سنة للرجال في معظم الدول المتقدمة . وكلما نعرف ان الترسبات الكلسيّة داخل الشرايين تزداد بشكل كبير مع التقدم بالسن او مع وجود مرض السكري أو تلتدخين أو وجود فشل كلوي مزمن أو بعض ألأمراض التي يوجد فيها خلل في عمليات إستقلاب الكالسيوم . وقد اظهرت إحدى الدراسات مثلا أن حوالي ٩٠% من الرجال و ٧٠% من النساء البالغ عمرهم ٧٠ سنة وما فوق يعانون من وجود تكلسات مهمة في جدار الشرايين التاجية عندهم. وبما ان اطباء القلب  يعالجون حاليا هذا النوع من المرضى المتقدمين في السن وسوف يواجهون في المستقبل حالات أكثر تعقيدا مع تقدم عمر المرضى المعالجين مستقبلا  فقد لجؤوا الى إعادة إحياء وتطوير هذه التقنية الموجودة منذ سنة ١٩٨٠  وهي متوفرة في بعض المراكز وبعض المستشفيات الجامعية في لبنان( كلفتها حوالي ١٥٠٠$ للمريض الواحد) ولجؤوا ايضا الى تطوير تقنيات جديدة لتفتيت الكالسيوم الموجود في جدار الشرايين التاجية  للقلب عبر إستعمال  تقنية الموجات الصوتية( intravascular lithotripsy) وهي تقنية مستعملة منذ زمن بعيد لتفتيت الحصى الموجود في الكلى أو المجاري البوليّة (kidney stones)  وهي تقنية ثورية جديدة تم استعمالها  حتى اليوم بنجاح كامل ودون أية أعراض جانبية كبيرة  عند حوالي ٥٠٠٠ مريض عبر مختلف أنحاء  العالم. وقد وصلت مؤخرا إلى لبنان وهي متوفرة حاليا في بعض المراكز الجامعية.

2- مكونات الجهاز وكيفية عمله:
تم تطوير هذا الجهاز على يد David .C.Aut سنة 1980 كطريقة لنحت المواد الدهنية الموجودة داخل الشريان وهو اليوم سوق بأسم (Rotablator) من قبل شركة (Boston Scientific) وهو مكون من 3 أجزاء:

أ- الجهاز الدافع  (Advancer)الذي يستعمل لقيادة وتقدم المنقب أو المسحل (Burr)  داخل الشريان وهو قطعة خارجية تستعمل لتصويب قيادة هذه الأخيرة في داخل شجرة الشرايين التاجية للقلب.

ب- المنقب أو المسحل (Burr) وله ساق أو قصبة طولها 135cm والمنقب شكله بيضاوي ومغطى بحوالي 2000 إلى 3000 قطة صغيرة جدا (مجهرية) من الألماس في قسمها الرئيسي وسطحها أملس وكل قطعة من الألماس حجمها حوالي 20 µm وهناك عدة أحجام من المناقب تتراوح بين 1.25mm إلى . 2.5mm

ج- جهاز التحكم (Control unit) :
وهو يوضع على الأرض من أجل إدارته بواسطة القدم وهو موصول على القسم الأول (الجهاز الدافع) الذي يوجد فيه خط يستعمل المياه المالحة للتبريد أثناء العمل ولكي يغسل ويزيل القطع الصغيرة والبقايا التي تنحتها الآلة. ويتم إدخال المنقب إلى داخل الشريان عبر سلك خاص (Rota wire) قطره فقط 0.009 inch وطوله 300cm وهو له قسم أخير مصنوع من البلاتينيوم وطوله 22mm وقطره 0.014 inch .

أما طريقة عمل المنقب فهي عن طريق نحت الكتلة الدهنية خاصة المواد الكلسية التي تغطيها والمواد الغير متمددة التي توجد على غطاء تلك الكتل الدهنية مثل الكالسيوم والألياف بينما هي لا تنحت المواد التي تتمدد. أما عن كيفية العمل بحد ذاته فيجب أن تراعي إختيار المنقب الذي يجب أن يكون معدل قطره على معدل قطر الشريان يساوي 0.7 لأن إختيار منقب أكبر قد يعرض المريض لمخاطر كبيرة مثل تمزق الشريان أو تباطئ أو إنعدام السيلان في داخل الشريان (Slow or No reflow) أو لخطر ثقب الشريان (Perforation) ويجب أن تكون سرعة الدوران حوالي 150.000 إلى 180.000 دورة في الدقيقة ويجب أيضا تحضير المريض جيدا مع إعطاء 300-500mg من الـASBIRIN و 300-600mg من الـ Clopidogrel على الأقل 6 ساعات قبل العملية من أجل منع الإختلاطات المهمة التي قد تنتج عن الجلطات في داخل الشريان، كذلك ويجب إعطاء دواء الـ Heparin وذلك لمنع حالات تباطئ أو إنعدام السيلان في الشريان أثناء العملية والتي تعتبر من الإختلاطات الخطيرة والرائجة جدا ولمنع ذلك يجب أيضا أن نمرر من وقت لأخر في داخل الشريان مصل يحتوي على الـ Heparin و الـ Verapamil  أو الـ Isoket وهي أدوية تمنع التخثر وتسمح بتوسيع الشرايين المنقبضة، كذلك من الممكن إستعمال الـ Nitroprussade أو الـ Adenosine  وهي أيضا أدوية موسعة للشرايين وتحسن سيلان الدم في داخلها.
نشير هنا إلى إمكانية أن تكون مضادات التخثر من الأجيال الجديدة مثل الـ Prasugrel أو الـ Ticagrelol  لها دور أفضل في هذا المجال لأنها أقوى من سابقاتها وهي قيد الدرس في بعض الدراسات في هذا المجال.

3- الحالات التي يجب فيها إستعماله:
هناك عدد قليل من الحالات حاليا لايمكن علاجها إلا بواسطة هذه التقنية ولكنها تبقى نادرة (أقل من %5) وهي مرشحة للزيادة خاصة مع تقدم عمر المرضى وزيادة خبرة المراكز المعالجة. ومن أهم هذه الحالات الأنسدادات التي لايمكن إجتيازها أو فتحها بالبالون، الأنسدادات المتكلسة بشكل خطير مثل الإنسدادات الطويلة على شرايين رفيعة، الإنسدادات على فم الشرايين أو على المفارق، وبعض حالات معاودة الإنسداد وخاصة عندما تكون معاودة الأنسداد متكلسة ومنتشرة بشكل كبير خاصة عندما يكون هناك إمكانية كبيرة لتوسيع الإنسداد الموجود أصلا في الشريان بسبب التكلس أو عندما يكون أصلا حجم الرسور صغير.

4- الأختلاطات الجانبية:
وهي متعددة ويجب منعها والوقاية منها بكل الأساليب ومن أهمها تشنجات الشرايين، إضطرابات خطيرة في كهرباء القلب، تباطئ في ضربات القلب، تمزق في جدران الشرايين، تمزق الشرايين، إنقطاع السلك المعدني للجهاز في داخل الشريان، إنكماش المنقب في طبقة الكلس، إختلاق طريق خارجي غير الطريق الطبيعي للشريان.
لكن كل هذه الأختلاطات من الممكن الوقاية منها عن طريق إستعمال بروتوكول دقيق ومراعاة كل إحتياطات وطرق الأستعمال.
د طلال حمود-طبيب قلب تدحلي-هاتف 03832853