عام >عام
يوميات سجينات لبنانيات بعدساتهن
يوميات سجينات لبنانيات بعدساتهن ‎الخميس 22 09 2016 12:59
يوميات سجينات لبنانيات بعدساتهن

رولا حميد

أطلق يدي" صرخة سجينات سجن القبة في طرابلس في افتتاح معرضهن، فكان عنواناً لأعمالهن الفوتوغرافية التي تدرّبن عليها في السجن بمبادرة من "جمعية دار الأمل" وبالشراكة مع "مؤسسة الصفدي"، وبالتعاون مع المديرية العامة لقوى الامن الداخلي.
والتسمية أطلقتها الجمعيتان المنظمتان للمعرض، اختصرتا به المعنى الضمني للعبارة المجتزأة: "أعطني حريتي، أطلق يدي".
يحكي المعرض عن تدريبات السجينات، وكيفية التقاطهن للصور، ثم يستعرضن من خلاله معاناتهن مع حياة السجن، وانعدام التفاعل فيه في تعابيرهن عن التوق للحياة الطبيعية خارجه. نقرأ ذلك في عبارات كتبنها تحت الصور، مثل: "وجع ومداواة"، "البراءة المسجونة" (رفضا لظلامة تشعر بها صاحبة الصورة)، "أين طفولتي؟" والظاهر انها لطفلة قضت طفولتها في السجن، وباتت صبية فيه في انحباس مفتوح، و"شوقي إلى الخارج"، ويبقى الأمل".

عبور النور
في صورة لما يشبه نصبا من تقاطعات مربعات حديد يسدها شريط، مخصص لعبور النور إلى الداخل، ومنع الخروج، يشكل عبور الشمس اليومي استفزازاً للنزيلات، يتلمسن منه رائحة الحرية، ولا يستطعن إليها سبيلاً، وثمة يد تمتد إلى الهاتف، تتواصل عبره بكلمات مع الخارج، تقول: "عودة الحياة لدقائق معدودة"، فليس في السجن تفاعل، ولا تواصل يعني الحياة، فاختزلت السجينة صاحبة الصورة الحياة بهذه الدقائق.
وتساؤل بديهي "وإلى متى"، و"نتعلم رغم القيود"، هي معاناة السجين الطبيعية، وشكواه من واقعه، وتذمره من ظلامته المفترضة.
تعابير أخرى كثيرة يخرق رتابتها، وتكرار تنهدها وشكواها، عبارات الأمل الذي ينمو بطيئا في التدريب على بعض المهن، مثل شك الابرة، والخياطة، والتصوير: "أتعلّم لأعمل"، و"الحياة أمامي وسأحقق أحلامي"، و"تستمر الحياة"، وفي العبور بين السجن وخارجه جمعيتان - أمل والصفدي- تتدخلان لتخفيف وطأة السجن بما يمدّ السجينات بالأمل للصمود ريثما جاء الأمل بالحرية، وقرار الإخلاء غير المنظور.
لكن ما يفوت لا يعوض: "بعيدك يا أمي...غصة"، فكم عيد أمهات مر على السجينات، ولم يقلن لأمهاتهن "كل عيد وانت بخير" مطلع الربيع من كل عام!

استهل اللقاء بالنشيد الوطني اللبناني، ثم كلمات للمنظمين، بداية مع رئيس جمعية "أمل" حبيب حاتم، ركز فيها على البرامج التي تقدّمها جمعيته للسجينات لـ"تطوير قدراتهنّ، وتأمين المساعدة للمحتاجات لها، لافتا إلى التعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، وبلدية طرابلس التي قدمت مقرا للجمعية.
كلمة مؤسسة الصفدي ألقتها مدير عام المؤسسة رنا مولوي، قالت فيها: "شراكتنا مع جمعية الامل في هذا المشروع تأتي استنادا لمفاهيم التنمية الاجتماعية بابعادها القائمة على تنمية الذات والتحضير للحياة العملية الاقتصادية وثقافة الانسان وتطوير معرفته، خاصة لفئة النساء، حيث تلاقينا معا في رؤية مشتركة تهدف الى مساعدة الفتيات والنساء وتوجيههن وتمكينهن اقتصاديا واجتماعيا وعلى المستويات كافة، خاصة ان برنامج المرأة هو احد برامج المؤسسة الاساسية، وهي توليه اهتماما خاصا في مشاريعها ومن خلال مراكزها الاجتماعية في الاحياء الاقل فرصا من طرابلس".
واضافت: "ان المعرض الذي نحتفل معًا اليوم بافتتاحه، اضافة الى اهميته المرتبطة ببناء قدرات السجينات وتأهيلهن تمهيدا لاعادة دمجهن في المجتمع بعد الخروج من السجن، الا انه يعكس صورة معايشة السجينات لواقعهن داخل السجن حيث فتح لهن هذا التدريب فرصة للتعبير عن انفسهن من خلال تعليمهن فن التصوير فاستطعن نقل مشاهد لمعاناتهن ومخاوفهن مترافقة بالامل والحلم بالحرية".
واستطردت:"ان البرامج التي ينفذها المشروع، وبالاخص دورات التدريب المهني هي بطاقة مرور للسجينات حيث تمنحهن فرصة للاكتفاء الذاتي وتضفي لديهن شعور بالثقة بامكانية تقديرهن اجتماعيا، اضافة الى مساعدتهن على اجتياز مرحلة صعبة من حياتهن بسهولة وتفاؤل".
وختمت بالشكر للقوى الامنية التي واكبت وسهلت تنفيذ البرامج ولجمعية دار الامل، وللمتدربات اللواتي أثبتن بعزيمتهن ومثابرتهن وتشبّثهن بالامل بغد افضل.

وكانت كلمة السجينات، وفيها: "صرخة من خلف القضبان تقول لقد سجنتم جسدي ولم تسجنوا روحي، حرّرت روحي بيدي، بفنّي، بإبداعي. نعم ها انا موجودة اليوم هنا، وغدا سأخرج من خلف هذه الاسوار لاستقبل الحياة بنظرة جديدة، مشعة بالامل، ونغير نظرة المجتمع للسجين لان المجتمع ينظر إلى السجين على انه مجرم، ولا يملك اي نوع من المشاعر والاحاسيس ولكن نسوا أن السجين هو انسان ، لديه قلب ينبض، وله يد عاملة، ونحن في هذا اليوم نثبت أننا نحمل داخلنا مشاعر وقلبًا من خلال الصور. في المجتمع الخارجي المصيبة تفرق، ولكن هنا المصيبة جمعت كل الاديان والجنسيات والطوائف".
منى عيسى، الاخصائية الاجتماعية في "جمعية دار الامل" في سجن النساء في القبة، شرحت عن المعرض لـ"النهار" قائلة: "السجينات الـ 12 صوّرن 1000 صورة، لكنهن انتقيْن 30 صورة . واللوحات تحكي عن واقع السجينات، وحياتهن اليومية في السجن، والهدف عكس واقع حياة السجينات الى خارج السجن. طوّرنا لهنّ موهبة التصوير وشجّعناهن على امل ان نؤمن لهن كاميرات عند خروجهن من السجن".

 

 

 

 

المصدر : النهار