عام >عام
شفيق خالد.. غابت ابتسامته الدائمة رغم مرارة الألم
شفيق خالد.. غابت ابتسامته الدائمة رغم مرارة الألم ‎السبت 15 10 2016 07:17
شفيق خالد.. غابت ابتسامته الدائمة رغم مرارة الألم
الراحل شفيق خالد

هيثم زعيتر

من أصعب الكتابات على الإنسان أنْ يرثي شخصاً عزيزاً على قلبه.. شخصاً عايشهُ وعاصره، وشاءت الأقدار أنْ يكون "جار الرضا" لسنوات عديدة.. الكل في الحي ينوه بحسن جواره وأخلاقه، وطيب معشره، وصدق أفعاله.. 
شفيق إبراهيم خالد "أبو أيمن"، ذلك الأخ الأكبر، الإنسان، صاحب السيرة الحسنة، ودماثة الخلق، والأخلاق الحميدة، البشوش رغم صبره على مرارة الألم..
    أُمسِكُ القلم لأكتب عنكَ، ولا أعرف من أين أبداً، فكلّك صفات حسنة، وخصال طيّبة، كل مَنْ عرفك أو حتى سمع عنك..
    "أبو أيمن"، أصدقاؤك وأهلك وإخوتك، وأسرة "اللـواء" ما كانوا يظنّون بأنك بعدما كُنتَ شريكاً في إيصال الخبر إلى متلقيه، ستكون أنتَ الخبر.. فأنت من أوائل مشتركي "اللـواء"، ومن قدماء قرّائها، ومنتظريها كل صباح، والتاريخ يشهد على أصالتك، منذ انطلاق "لـواء صيدا والجنوب"، وفي ظل الحرب العبثية، وتقطُّع السبل، وفقدان القدرة على التواصل بين مناطق البلد، كُنتَ المُعين لهذه الدار، بالتنسيق والتعاون مع الزميل عاطف السمرا، لإيصال البريد من "عاصمة الجنوب" صيدا، إلى العاصمة بيروت أو إيصال بريد آخر أو نسخ من الأخبار بالعكس من بيروت إلى صيدا..
    "أبو أيمن" تحمّلتَ مرارة المرض العُضال، وتغلّبت عليه، بل وجعلته يركع تحت قدميك، متى تعافيتَ منه، لكن هي مشيئة ربانية لاختبار سعة صدرك، وقّوة صبرك على الآلام، فكان أنْ حلّ بك "فيروس" خبيث، لعب على وتر حرارة جسد، فألزمك المستشفى فترة أطول، حتى برأت منه، وخرجت معافى لساعات قليلة، وما كان من ملك الموت إلا أنْ زارك مسرعاً ليرفعك إلى جوار بارئك رب العرش العظيم.. 
    كثيرون كانوا يتعجّبون لتحمّلك كل آلامك بصمت، بل وبنكران للألم، فما من مناسبة استدعت تواجدك، رغم مرضك، فقد كُنتَ من أوائل الحاضرين، وما من حالة أو وضع كان من الضروري حضورك فيه، ورغم كل ما تعانيه، كُنتَ تلبّي نداء الكبير والصغير، وتساعد كل مَنْ احتاج إليك.. لأنّك كريم النفس، معطاء ومُحب لفعل الخير..
    سنوات من العمل والكد والتعب في مجال المهن البصرية، كان أقل ما يمكن أنْ تفعله "نقابة المهن البصرية"، هو تكريمك بدرع وفاء وتقدير لعطاءات على مدى عقود من الزمن، بحضور كبار أعضاء النقابة، ومع ذلك أنت تستحق أكثر من ذلك..
رحلت وتركت زرعاً بذرة صالحة مع شريكة دربك "أم أيمن"، حيث رفعتما راية التربية المبنية على أُسُس الصلاح فكانت خير حصاد لخير عمل في أخلاقهم وأعمالهم، مع أنجالكما: أيمن، محمد، هيثم وحسام وأماني، ولا يستطيع المرء إلا أنْ يترحّم على مَنْ صبر على الشدائد، الراحل "أبو أيمن"، الذي كان ملتقى للكثيرين، ممن سيفتقدونه، وهم من الأصدقاء، الذين تقبلوا التعازي، حيث كان حوار بين الصديقين الدكتور أحمد باشو وعدنان عيساوي، اللذين كانا يلتقيان صباح الأحد من كل أسبوع في موعد ثابت لدى "أبو أيمن"، فيتواعدان على أن يبقى اللقاء في موعده، لكن بتلاوة الفاتحة على ضريحه في مقبرة صيدا الجديدة في سيروب.