أوّل ما بتبادر إلى ذهن القارئ معنى كلمة "هجرع". وعليه، أجيب بأنّي تعمّدت استعمال كلمة "هجرع"، وهي من أسماء "الكلب"، لندرة استعمالها، ولكونها تخدم مقال اليوم لتعطيه عنوانًا جديدًا ملفتًا بأحداثه ومغزاه. 

يُحكى أنّ هجرعًا يعيش في إمارة تُدعى "شفطستان" جار عليها الزمان وأصبح سكّانها في خبر كان، بسبب الجوع والقهر والاستبداد والظّلم والكذب والبهتان. 

وقد كان هذا الهجرع يعيش في بستان عائد لصاحبه "طرمان" الذي كان يطعمه أفضل الطعام ويهتمّ به على أحسن ما يرام. 
بيد أنّ تقلّبات الدّهر خيّمت على البستان وصاحبه، فلم يعد بالإمكان إطعام الهجرع كما كان، لا بل لم يعد هناك فضلات من طعام يمكن أن يقتات منها الهجرع. 

خرج الهجرع الجائع من البستان الخاوي على عروشه وأخذ يبحث عن بقايا الطعام ليقتات فلم يجد، حتّى أخذ الجوع منه مأخذًا قاتلًا جعله هزيلًا إلى أبعد الحدود، فأخذ يفكّر بالهجرة إلى بلد مجاور يُدعى "قهرستان" علّه يحظى بالمأكل والمشرب. 
وعند نقطة الحدود أوقفه حارسها قائلًا: إلى أين أنت ذاهب يا هذا؟!

أجاب الهجرع: إنّي ذاهب إلى "قهرستان" باحثًا عن الطّعام لأنّه لم يعد هناك في "شفطستان" ما آكله! 
وبعد ساعات قليلة عاد الهجرع إلى الحدود. فسأله الحارس: أراك عدت مجدّدًا، ما القصّة؟ هات أخبرني!
وهنا أجاب الهجرع، "ودمع العين ينهمر": ليس هناك ما أقتات به في "قهرستان"، فعدت إلى "شفطستان" لأنّه (يا حبّاب) وبالحدّ الأدنى من الحرّيّة أستطيع أن "أنبح هناك، وأعوي كالذّئاب"!