الخميس 16 كانون الثاني 2025 16:40 م

إعادة إعمار غزة.. عقود من العمل وكلفة باهظة تتجاوز "المليارات"


* جنوبيات

 

أعلنت الولايات المتحدة وقطر، يوم الأربعاء، التوصل إلى اتفاق رسمي لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، على أن يبدأ تنفيذه الأحد المقبل. وأثار هذا الإعلان فرحة عارمة بين الفلسطينيين الذين سارعوا للاحتفال في أنحاء القطاع، وسط ترحيب عربي ودولي بالاتفاق الذي يُفترض أن ينهي حرباً استمرت أكثر من 15 شهراً.

التحديات أمام إعادة الإعمار

رغم أجواء التفاؤل، كشفت تقارير أممية أن إعادة إعمار قطاع غزة ستستغرق سنوات طويلة وتحتاج إلى مليارات الدولارات. وأشارت إلى أن كمية الركام الناتج عن الحرب بلغت أكثر من 42 مليون طن، وهو ما يعادل 14 ضعف الكمية المتراكمة في غزة منذ عام 2008 وحتى بداية الحرب الحالية.

وفقاً للأمم المتحدة، ستستغرق إزالة الركام 14 عاماً وستكلف نحو 1.2 مليار دولار. المهمة معقدة بسبب وجود ذخائر غير منفجرة ومواد ملوثة، إضافة إلى بقايا بشرية بين الأنقاض، مما يزيد من مخاطر الصحة العامة.

كما أن الأنقاض تُعد بيئة مثالية لنقل الأمراض، مثل داء الليشمانيات الذي قد يكون مميتاً دون علاج، فضلاً عن انتشار العقارب والأفاعي، واحتواء الركام على مواد خطيرة كالأسبستوس، التي تشكل تهديداً صحياً طويل الأمد.

التدمير الشامل وآثاره

أظهرت تقارير أن الحرب أودت بحياة أكثر من 46,000 فلسطيني، وتركت أكثر من 10,000 جثة تحت الركام، وفقاً لتقديرات وزارة الصحة الفلسطينية. كما دمرت 70% من البنية التحتية، بما في ذلك المساكن والمدارس والمستشفيات.

وأشارت الأمم المتحدة إلى أن معالجة نصف كمية الركام قد تكون كافية لإعادة بناء شبكة الطرق بأكملها. كما اقترح الخبراء استخدام الحطام غير الملوث في مشاريع مثل حواجز الأمواج والبنية التحتية للطرق.

الآثار الإنسانية والنفسية

تجاوزت الأزمة الجانب المادي لتصل إلى التأثيرات النفسية على سكان غزة، خاصة الأطفال. وأكد دانييل إيجل، كبير الاقتصاديين في مؤسسة "راند البحثية"، أن "إعادة بناء المباني أمر ممكن، لكن إعادة بناء حياة مليون طفل أصيبوا بصدمات نفسية أمر بالغ التعقيد".

كما لفت مارك غارزومبيك، أستاذ تاريخ العمارة، إلى أن ما حدث في غزة يمثل تدميراً شاملاً للحياة الطبيعية، مشيراً إلى أن إعادة البناء على هذا النطاق ستتطلب إخلاء المناطق المتضررة، مما سيؤدي إلى موجة نزوح جديدة.

آفاق المستقبل

رغم صعوبة الوضع، يبقى الأمل قائماً في أن يساهم وقف إطلاق النار في فتح أبواب جديدة نحو الاستقرار وإعادة الإعمار. ومع ذلك، تتطلب المرحلة المقبلة جهوداً دولية هائلة للتعامل مع الدمار والتحديات الإنسانية والبيئية في غزة.

المصدر : جنوبيات