![]() |
الثلاثاء 25 شباط 2025 08:24 ص |
بين السّيّد والشّيخ.. "الحزب" والدّولة! |
* جنوبيات
ثمّة صعوبة بالغة في تحويل دموع الفقراء إلى كلمات، وهتافات الجرحى إلى عبارات، وحشد مئات آلاف النّاس إلى مفردات في نصّ، والأصعب أن تحتوي، في مقالة، رجلاً حوى من علوم البلاغة والفصاحة وفنون الخطابة ما سيّده على قلوب الملايين من العرب والمسلمين قائداً أمميًّا تاريخيًّا واستثنائيًّا.
فهل تملأ إيران الفراغ، أم تنكفئ لترتيب بيتها الدّاخليّ تحضيراً لمواجهة عاصفة ترامب المجنونة؟! والشّيعة في لبنان والعالم خسروا وجهه الحسن وخلقه الحسن وخطابه الحسن، وخسر السّنّة في لبنان والعالم داعية وحدة بلسانه ودمه، وهو الّذي تحدّث لمرّة واحدة بلهجة طائفيّة عندما قال: «نحن شيعة علي ابن أبي طالب لن نتخلّى عن فلسطين...»، وبالفعل، لم يتخلّ عن فلسطين في أمضّ أوقات الحاجة إلى دعمها، وعندما تخلّى عنها المزايدون عليه في عروبتهم جاد بنفسه قرباناً على طريق القدس في معركة «طوفان الأقصى»! فكم وقتاً ستحتاج الأمّة لتأتي بقائد من سنخ السيد حسن، وكم زمناً سيمضي لتعود الأمّة قادرة على بناء معادلات ردع ورعب يعيد إلى الصّراع توازنه المفقود بفقد السيّد؟! أمّا بعد، فالعين على حزب الله، الحزب الّذي صار إقليميّا بقيادة السيد كيف سيتصرف بغيابه، وهل يستطيع الاحتفاظ بمكانته الاقليميّة، أم سيحوّل كلّ طاقاته نحو الدّاخل ليعيد ترتيب أوراقه وترميم قدراته وبناء هيكليّته؟ هذا وقت صعب على الحزب، والمسؤوليّة الملقاة على عاتق أمينه العام الشيخ نعيم قاسم ثقيلة وخطيرة، فبين إرث السيد وموازين القوى الجديدة في لبنان والمنطقة تجد قيادة الحزب نفسها أمام أسئلة متعدّدة وقرارات معقّدة تقع كلّها تحت عبء حملة إعلاميّة وسياسيّة شرسة تسعى لتحجيم الحزب ونزع سلاحه، إضافة إلى عبء تضميد جراح مجتمع المقاومة ولا تزال «اسرائيل» تحتل نقاطاً استراتيجية في الجنوب! السّيّد نصرالله بتاريخه وشخصه وحضوره أخرج الحزب من حدود الدّولة ورفعه معه إلى فضاء الأمّة، رغم التزامه بنهائيّة الكيان اللّبناني وحدوده الجغرافيّة، والشيخ قاسم رسم مساراً وطنيًّا واضحاً في خطاب التّشييع غلبت عليه الموضوعيّة والواقعيّة في زمن المتغيّرات الدّوليّة والإقليميّة، لكنّ يداً واحدة لا تصفّق، فإذا لم يتحلّ خصوم الحزب في الدّاخل بالواقعيّة والموضوعيّة والوطنيّة سندخل في متاهة صراع داخليّ لا تنتهي، وسنكرّر تجربة قاتلة عشناها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي! المصدر :جريدة اللواء |