الأربعاء 19 آذار 2025 08:42 ص

"نبض الحياة" جهنم الإبادة يخلط أوراق المشهد


* جنوبيات

فجر أمس الثلاثاء الثامن عشر من اذار مارس الحالي/ الثامن عشر من شهر رمضان المبارك، لم يكن مباركا على أبناء الشعب العربي الفلسطيني عموما، وفي قطاع غزة خصوصا، حيث ارتكبت حكومة الإبادة الجماعية الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو مع ساعات إعداد المؤمنين طعام سحورهم قبل اذان الفجر مجازر مروعة أودت بحياة نح 1000 شهيد وجريح في مختلف مدن ومخيمات قطاع غزة من الشمال الى الجنوب، ومن الغرب الى الشرق خلال ساعتين أو يزيد قليلا، ومازال النهار بأوله، بتعبير آخر ستشهد ساعات اليوم الطويلة مزيدا من الإبادة الجماعية على أبناء الشعب.
ويعتبر فجر أمس إيذانا ببدء مرحلة جديدة من الإبادة الجماعية أكثر وحشية، وإيغالا في الدم الفلسطيني لتحقيق الأهداف الإسرائيلية الأميركية. ولم يكن بإمكان نتنياهو وائتلافه الذهاب الى جنهم الإبادة لولا موافقة إدارة ترمب، لا بل الاصح، أن رئيس اميركا الشمالية، هو من فتح شهية الائتلاف النازي الحاكم في إسرائيل، وسهل عليه اتخاذ مواصلة الإبادة بشكل تجاوز ما سبقه من مجازر وحشية على مدار 471 يوما حتى 19 كانون ثاني / يناير الماضي، مع بدء الهدنة الأولى قبل 57 يوما خلت، والتي لم تتوقف خلالها عمليات القتل في القطاع، ولا في عموم الضفة الفلسطينية وخاصة في محافظات الشمال، وهذا ما أعلنته المتحدثة باسم البيت الأبيض لقناة "فوكس نيوز"، إن إسرائيل تشاورت مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن غاراتها على غزة يوم الثلاثاء. وهو ما اكدته السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت. التي اضافت مذكرة بما قاله الرئيس الأميركي سابقا، ان "حماس والحوثيين وإيران، وكل من يسعى لإرهاب ليس إسرائيل فحسب، انما الولايات المتحدة أيضا، سيدفع ثمنا باهظا، وستفتح عليه أبواب جهنم.
من المؤكد أن عودة جهنم الإبادة الجماعية أمس جاءت لتعطي رئيس الأركان الجديد، ايال زمير، الذي تولى مهامه قبل أسبوعين بالضبط، الفرصة لإثبات وحشيته، لا سيما وانه واضع خطة التصعيد الجهنمية، وفي تناغم مع نتنياهو في السعي لتحقيق أهدافه الشخصية، وإبقاء ائتلافه النازي في سدة الحكم، والأهداف الإسرائيلية الكاملة، التي ستبوء بالفشل، كما تهاوت خلال شهور الإبادة قبل الهدنة المنهارة على صخرة صمود الشعب العربي الفلسطيني.  
وبالقراءة الأولى، ماذا أراد نتنياهو وائتلافه الحاكم من عودة جهنم الإبادة الجماعية؟ وما هي أهدافه المحددة من إعادة خلط الأمور؟ وما هي رسائله لحركة حماس خصوصا والقيادة الفلسطينية عموما؟ وماذا شاء القول للدول العربية ودول العالم بأقطابه وقاراته ومعهم هيئة الأمم المتحدة؟
أولا شاء رئيس الوزراء الإسرائيلي الالتفاف على احتدام الصراع الداخلي الذي شمل ركائز الدولة العميقة الإسرائيلية جميعها، وخاصة مع رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، الذي رفض الإذعان لقرار الإقالة؛ ثانيا حرف بوصلة اتجاه الرأي العام الإسرائيلي نحو دوامة جهنم الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني؛ ثالثا حماية الائتلاف الحاكم من التفكك والانهيار، وإعادة ايتمار بن غفير وحزبه "القوة اليهودية" للائتلاف، بهدف تمرير الموازنة قبل نهية 31 مارس الحالي، رابعا إسكات أصوات ذوي الرهائن والمعارضة الإسرائيلية تحت ضربات القصف غير المسبوق طيلة الـ471 يوما من الإبادة قبل الهدنة الهشة والمنتهية؛ خامسا التضحية بالرهائن الإسرائيليين، اذا لم يكن هناك مفر من ذلك، واعتبارهم جزءً من مجمل خسائر الحرب، التي زادت عن 15 الف جندي وضابط إسرائيلي، واسقاط ورقة الرهائن من اليد الحمساوية، التي كانت تعتبرها الوقة الذهبية في يدها؛ سادسا فرض الاملاءات على حركة حماس وفق الرؤية الإسرائيلية، فإما ان تسلم ما لديها من رهائن وسلاح والانسحاب من المشهد، او مواصلة الإبادة المفتوحة على نار السعير؛ سابعا استمرار السيطرة الأمنية على قطاع غزة، وإيجاد إدارة محلية وفق المعايير والمقاييس الإسرائيلية؛ ثامنا عدم السماح لمنظمة التحرير والدولة الفلسطينية وحكومتها من تولي مهامها في قطاع غزة؛ تاسعا تحقيق عملية التطهير العرقي والتهجير القسري الواسعة من القطاع، بعدما فشلت إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة في تحقيق ذلك عبر بوابة ما سمي ب"التهجير الطوعي"، حيث تبين لها ان أبناء الشعب في القطاع أقلموا انفسهم مع الواقع الجديد، وزادوا من تمسكهم بترابهم الوطني؛ عاشرا التأكيد للدول العربية ومخرجات قمتها الطارئة، وما سبقها وما تلاها من قمم عربية وإسلامية، أن بيانات قممهم لا تساوي الحبر الذي كتبت به، وان عليهم ان يقبلوا بالرؤية الإسرائيلية الأميركية؛ حادي عشر اسقاط كلي لاتفاق الدوحة، والغائه من حيث المبدأ، وكأنه لم يكن، وهو ما يعني توجيه صفعة للوسطاء العرب وخاصة مصر وقطر، ومن خلفهم السداسية العربية؛ ثاني عشر ارسال رسالة للعالم وهيئة الأمم المتحدة ومنظماتها، إسرائيل لن تذعن لأي قرار أممي، فلا تتعبوا أنفسكم، وعليكم القبول بما تريده إسرائيل المحمية من الولايات المتحدة الأميركية.
ما جرى فجر أمس خلط أوراق المشهد الإسرائيلي الفلسطيني والعربي والإقليمي، وسيكون له ارتدادات مختلفة، إن لم تقم إدارة ترمب بضبط إيقاع حلفائها نازيو إسرائيل، وقد تفلت الأمور من بين ايدي الجميع، رغما عن الواقع البائس الحالي.
http://oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

المصدر :جنوبيات