![]() |
الأربعاء 25 حزيران 2025 09:56 ص |
الحق في زمن الباطل |
* جنوبيات في خضم الصراع الأزلي بين الحق والباطل، يبرز الثبات على الحق كقيمة جوهرية تمثل محور حياة الإنسان والمجتمع، إذ هو السبيل إلى تحقيق العدالة والكرامة، ومواجهة الظلم والفساد الذي يهدد كيان الأفراد والأمم. يقول الله تعالى:
{فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون} (الأعراف:118)،
في مواجهة هذه الحقيقة، يوجه الإمام علي عليه السلام الإنسان إلى ضرورة الثبات على الحق وعدم التهاون في مواجهته، إذ يقول:
إن الثبات على الحق لا يقتصر على موقف فردي فقط، بل له أبعاد نفسية وإنسانية واجتماعية عميقة. نفسياً، فإن التمسك بالحق يمنح الإنسان الطمأنينة واليقين، ويقوي روحه في مواجهة الضغوط والفتن، إذ يقول تعالى:
أما على الصعيد الاجتماعي، فإن نصرة الحق والوقوف مع المظلوم في وجه الظالم يخلق مجتمعاً متماسكاً قوياً، يحترم العدالة ويكافح الفساد، ويعزز قيم التعاون والتكافل. يقول الإمام علي عليه السلام:
إن الباطل، بتعدد أساليبه الملتوية، يؤثر سلباً على الإنسان والمجتمع، فهو يزرع الفساد في النفوس ويهدم القيم، ويخلق الانقسامات الاجتماعية، ويؤدي إلى تدهور الأخلاق والعدالة. يقول تعالى: وقد أشار الفكر الإسلامي المعاصر إلى أن الثبات على الحق ومواجهة الباطل يتطلبان وعياً فكرياً وسياسياً، وصبراً على المحن، لأن النصر الحقيقي لا يتحقق إلا بالثبات على المبادئ، والاعتماد على الله، والاستعداد للمجاهدة. فالحق هو مسار الإنسان نحو الكمال والنجاة، والباطل هو طريق الضلال والهلاك.
إن نصرة المظلوم والوقوف في وجه الظالم ليست فقط حقاً، بل واجباً إنسانياً وأخلاقياً، يعزز من قيم العدالة ويكسر شوكة الظلم. يقول الإمام علي عليه السلام: الآثار الإنسانية لنصرة الحق واضحة في بناء شخصية الإنسان القوية، التي تتسم بالثقة والشجاعة والكرامة، وتجعله قادراً على مواجهة التحديات والفتن. أما الآثار الاجتماعية فتتمثل في بناء مجتمع عادل متماسك، يحترم حقوق أفراده، وينهى عن الظلم والفساد. وهذا هو الطريق لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار.
في ضوء ذلك، فإن الصراع بين الحق والباطل ليس مجرد نزاع فكري أو سياسي، بل هو صراع وجودي يؤثر على مصير الإنسان والمجتمع. ومن هنا تأتي أهمية التمسك بالحق، والوعي بمخاطر الباطل، والعمل الجاد لمواجهته بكل الوسائل المشروعة، مستندين إلى وعد الله بالنصر للثابتين، كما جاء في قوله: إن الثبات على الحق والوقوف مع المظلوم في وجه الظالم هو تجسيد حي لقيم العدالة والإنسانية، وهو ما يجعل الإنسان والمجتمع في مأمن من الفساد والانحراف. فالحق هو المسار الاستراتيجي للإنسانية، والباطل مهما طال زمنه فهو زائل لا محالة، والنصر حليف من يثبت على الحق ويجاهد في سبيله. لذلك، فإن بناء مجتمع قوي متماسك يحافظ على قيمه ويصون كرامة أفراده، يتطلب من كل فرد أن يكون عوناً للحق، وأن يرفض الظلم بكل أشكاله، مستلهماً من القرآن الكريم وأحاديث أهل البيت عليهم السلام، ومن تجارب التاريخ التي تؤكد أن العاقبة للحق، وأن الباطل مهما اشتدت قوته فهو إلى زوال. في الختام، يبقى الحق هو النور الذي يهدي البشرية، والباطل هو الظلام الذي يهدد وجودها، فلتكن نصرتنا للحق، وصبرنا على المحن، وعملنا من أجل العدالة، هو السبيل لبناء مستقبل أفضل للأمة والإنسانية جمعاء. المصدر :جنوبيات |