أعلنت وزارة الداخلية السورية، فجر اليوم الإثنين، أن قواتها ستبدأ "تدخلًا مباشرًا في محافظة السويداء جنوب البلاد لفض النزاع، ووقف الاشتباكات، وفرض الأمن"، وذلك بعد مواجهات دامية اندلعت بين مجموعات مسلّحة محلية وعشائر، وأسفرت عن مقتل أكثر من 30 شخصًا وإصابة نحو 100 آخرين، في حصيلة أولية مرشّحة للارتفاع.
وأكدت الداخلية السورية، في بيان رسمي، أن الخطوة تأتي "ضمن خطة لاستعادة الاستقرار وترسيخ سلطة القانون"، متعهدة بـ"ملاحقة المتسببين بالأحداث وتحويلهم إلى القضاء المختص، ضمانًا لعدم تكرار مثل هذه المآسي".
وبالتوازي مع إعلان الداخلية، دفعت وزارة الدفاع السورية بتعزيزات عسكرية إضافية إلى مناطق التوتر في مدينة السويداء، وخصوصًا حي المقوّس، في محاولة لاحتواء الاشتباكات وفرض السيطرة الأمنية.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن ما لا يقل عن 37 شخصًا قُتلوا وأصيب أكثر من 50 آخرين، في المواجهات التي اندلعت منذ نهاية الأسبوع، بين مجموعات مسلّحة تنتمي إلى أبناء العشائر البدوية من جهة، ومجموعات محلية من أبناء الطائفة الدرزية من جهة أخرى. ووفق المعلومات، قُتل في الاشتباكات ما لا يقل عن 27 من أبناء السويداء، و10 من أبناء العشائر.
وأوضح المرصد أن شرارة العنف بدأت بعد حادثة سرقة تعرّض لها شاب درزي على الطريق السريع الرابط بين دمشق والسويداء، ما فجّر التوترات المتراكمة وأشعل الاشتباكات في المنطقة.
ويأتي هذا التصعيد في وقت تُولي فيه الأوساط الدولية اهتمامًا بالغًا بملف الأقليات في سوريا، لا سيما بعد التغيّرات السياسية الكبرى التي شهدتها البلاد عقب إطاحة الرئيس السابق بشار الأسد في كانون الأول الماضي، على يد تحالف معارض بقيادة الرئيس الحالي أحمد الشرع، بعد أكثر من عقد على اندلاع الحرب السورية.
ومنذ تسلّمه السلطة، يسعى الشرع إلى إعادة ترميم مؤسسات الدولة وبناء علاقات متوازنة مع المجتمع الدولي، وسط ضغوط دولية لإرساء إصلاحات عميقة وحماية حقوق الأقليات. إلا أن تفجّر التوترات الطائفية والمناطقية، كما هو الحال في السويداء، يثير قلقًا متزايدًا من احتمال انزلاق البلاد مجددًا إلى دوامة العنف وعدم الاستقرار، في مرحلة دقيقة من إعادة البناء السياسي والأمني.
ويُشار إلى أن محافظة السويداء، ذات الغالبية الدرزية، كانت قد شهدت خلال السنوات الماضية احتجاجات متكررة ضد السلطة المركزية، بالتوازي مع تنامي نفوذ مجموعات محلية مسلّحة وانفلات أمني متصاعد، ما جعلها ساحة توتر متكرّر ومعقّد منذ العام 2011.