الأربعاء 14 شباط 2018 08:18 ص

تأجيل الموازنة الى ما بعد الانتخابات سيفاقم العجز ويضرب الثقة بلبنان


تطرح الكثير من علامات الاستفهام حول الاسباب التي لا تزال تمنع وضع موازنة العام الحالي امام مجلس الوزراء، تمهيداً لاقرارها ورفعها الى مجلس النواب لكي يصار الى مناقشتها في لجنة المال والموازنة ومن ثم التصويت عليها في جلسة نيابية عامة قبيل موعد الانتخابات النيابية.
كما ان علامات استفهام اخرى تطرح حول الاعتبارات التي تدفع رئاسة الحكومة الى عدم الدخول الجدي في بحث مكامن الهدر الحقيقية في كثير من مزاريب الدولة، التي ينتج منها خسارة الدولة لمئات مليارات الليرات اللبنانية.
وفي معطيات لمصدر وزاري انه من المفترض في ضوء اتفاق بعبدا الاسبوع الماضي ان يبدأ مجلس الوزراء نهاية الاسبوع الحالي او مطلع الاسبوع المقبل دراسة الموازنة، بعد دعوة رئيسها لجلسات متتالية بهذا الخصوص، على اعتبار ان اولى تبوؤ الجلسة الاستثنائية التي يتوقع ان يتم فتحها خلال الايام المقبلة، سيكون موضوع الموازنة، وتقول انه اذا انقضى النصف الاول من الشهر المقبل دون ان يكون مجلس الوزراء قد انتهى من مناقشة الموازنة، فهذا يعني انه سيصار الى تأجيل اقرارها في مجلس النواب الى ما بعد الانتخابات النيابية، اي ان الدولة ستبقي على آليات الصرف الاثنتي عشرية، حتى الاشهر الاخيرة من هذا العام، على اعتبار ان مجلس النواب المقبل لن يكون في استطاعته مناقشة الموازنة قبل تشكيل الحكومة الجديدة التي ستنبثق من الانتخابات وإبداء رأيها في مشروع الموازنة.
وفي هذا السياق يقول احد الخبراء الاقتصاديين ان عدم اقرار الموازنة قبل الانتخابات، من شأنه ان ينعكس سلباً على طبيعة العجز في الموازنة وعلى الشاشة الدولية بالمالية العامة، يضاف الى ذلك عدم الايفاء بالوعود التي اعطيت خلال اقرارموازنة العام 2017 بأن قطع الحساب عن الأعوام السابقة سيتم اقراره في خلال ستة اشهر على ابعد تقدير من ذلك التاريخ، كما ان الصرف على القاعدة الاثنتي عشرية سيزيد من العجز والدين حتى لو جرى تخفيض موازنات كل الوزارات والمؤسسات بنسبة 20 بالمئة كما طلب رئيس الحكومة سعد الحريري من الوزارات.
كما ان سؤالا آخر يجري تداوله في الاوساط النقابية والاقتصادية عن مدى انعكاس تخفيض الموازنة بكل بنودها نسبة 2 بالمئة، ليس على طبيعة العجز في المالية العامة، بل ايضاً على مستوى عدم الخوض جدياً في الاجراءات والخطوات التي من شأنها ان تحدث نقلة نوعية في تخفيض العجز وتحسين الجباية للدولة؟
مصادر نقابية تطرح اكثر من سؤال حول اصرار الحكومة على السياسات السابقة نفسها، من حيث العجز عن وضع اليد بصورة جدية على مكامن الهدر والفساد في كثير من مؤسسات الدولة، بدءاً من معالجة التهرب الضريبي في المرافىء العامة، مروراً بإخضاع كل الصفقات للمراقبة المسبقة، ومرورها عبر دائرة المناقصات في التفتيش المركزي. ان المصادر تبدي قلقها من ان يؤدي تخفيض موازنة كل الوزارات الى تراجع العديد من الخدمات للطبقات الفقيرة، بدءا من خدمات الاستشفاء والادوية المرتفعة الثمن التي تتكفل بها وزارة الصحة، وحتى بما خص امكانية خفض المنح المدرسية وامور اخرى.
لكن الخبير الاقتصادي المذكور يذهب ابعد من ذلك ويرى ان عملية تخفيض الموازنة يفترض ان تخضع لبحث دقيق، وان لا يكون الخفض نوعاً من الطريقة الحسابية من خلال قرار بتخفيض نسبة 20 بالمئة، في كل الوزارات، بل يفترض ان تتم دراسة موازنة كل وزارة وادارة ليصار الى التخفيض في النفقات غير الضرورية او التي تذهب لمحسوبيات سياسية وطائفية مثل المساعدات للجمعيات او المدارس المجانية، وحتى الى هيئات ذات طابع ديني، في مقابل زيادة موازنة العديد من الخدمات التي تشمل شرائح واسعة من المواطنين، تضاف الى ذلك ضرورة رفع موازنة بعض الوزارات مثل وزارات الزراعة او الصناعة، حتى يمكن تشجيع هذه القطاعات، واعادة انعاشها على اعتبار انها تمثل «صمام الامان» للاقتصاد اللبناني.
كما يشير الخبير المذكور الى ان بامكان الحكومة توفير مئات مليارات الليرة اللبنانية على الخزينة، من خلال اعتماد سياسة شفافة في قضايا التلزيمات والصفقات تنطلق من تكليف دائرة المناقصات كل هذه الامور، وكذلك وقف عمليات التهرب الضريبي سواء في المرافئ العامة او كثير من الدوائر الرسمية، ويضاف الى ذلك ما له علاقة باستيراد «الفيول» لمؤسسة كهرباء لبنان، فلو يتم استيراد الفيول عبر الدولة لكان يمكن توفير مبالغ كبيرة، والامر نفسه ينطبق على تهرب مئات الشركات الكبيرة من دفع ما هو متوجب عليها من ضرائب ورسوم، اذ يعتمد الكثير منها دفترين، رسمي واخر «اسود»، حتى تتهرب من دفع ما هو متوجب ما يؤدي الى خسارة المالية العامة لمبالغ هائلة.

المصدر :الديار - حسن سلامة