الأربعاء 16 كانون الثاني 2019 08:25 ص

يوم تاريخي لفلسطين بترؤس مجموعة 77 والصين


* هيثم زعيتر

كرّس العالم دولة فلسطين، رئيسة لمجموعة 77 والصين، بتسلّم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رئاستها أمس (الثلاثاء)، في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، من وزير الخارجية المصري سامح شكري، بعدما كانت مصر تتولّى الرئاسة للعام 2018.
وفي أوّل مؤشّر على إلتزام دولة فلسطين القيام بدور فاعل في رئاسة هذه المجموعة، كان حضور الرئيس عباس حفل التسليم والتسلّم.
قرع الرئيس "أبو مازن" بمطرقته، إيذاناً بترؤس المجموعة، وافتتاح الجلسة الأولى لولاية تستمر طوال العام 2019، يسمح فيها بالمشاركة في دورات الجمعية العامة، والمؤتمرات الدولية المنعقدة تحت رعايتها أو الأمم المتحدة، وحق الإدلاء ببيانات وتقديم المقترحات والتعديلات نيابة عن المجموعة، فضلاً عن حقوق أخرى. 
يومٌ تاريخيٌ جديدٌ دُوِّنَ في سِجِل القضية الفلسطينية، بترؤس هذه المجموعة، مع ما يعنيه ذلك من دلالات ورسائل متعدّدة وفي طليعتها إلى:
- إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي مارست منذ دخوله البيت الأبيض، شتّى أنواع الانحياز للكيان الإسرائيلي، وضغوطاً ضد الرئيس "أبو مازن" والقيادة الفلسطينية.
- حكومة رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واليمين المتطرّف، بأنّه مهما مارسوا من ضغوطات وإجراءات تعسّفية، لن يغيّروا من استمرار القيادة الفلسطينية بالعمل من أجل نيل حقوقها المشروعة بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلّة، وعاصمتها القدس الشريف.
- العالم، الذي ساند الحق الفلسطيني، وأقرَّ ثقته بدولة فلسطين لتترأس هذه المجموعة وقيادتها، وتضم 134 دولة في العالم، تمثّل 80% من سكانه، والتي تستحق اعتراف العالم برفع تمثيلها في الأمم المتحدة من عضو مراقب، إلى دولة كاملة العضوية.
وستكون فلسطين أمام مسؤوليات وتحديات متعدّدة لإدارة عمل المجموعة بأفضل السُبُل لترك بصمة فلسطينية على الساحة الدولية، خاصة في مجالات التنمية المستدامة التي تُعنى بها المجموعة بأبعادها الثلاثة: الاقتصادية، الاجتماعية والبيئية، مع ما يتفرّع تحت هذه الأبعاد من مواضيع متعدّدة.
وأيضاً لتغيير الصورة الراسخة في أذهان الكثيرين، بما عرفوه فقط بوجود مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، كتعاملهما مع القضية الفلسطينية وقضايا الأحرار في العالم، بانحياز كامل لصالح الإحتلال الإسرائيلي، وتكريس الولايات المتحدة الأميركية استخدام حق النقض "الفيتو"، وإذا ما تجاوزه، منع تنفيذ ما هو لصالح فلسطين والعرب، ويُدين الإحتلال وجرائمه.
وبعد تسلّم الرئيس عباس رئاسة المجموعة، أكد أنّ "دولة فلسطين لن تدخّر جهداً في ضمان العمل الجماعي من أجل البناء على ما أنجزته المجموعة على مدار 55 عاماً".
وقال: "إنّ تسلّم رئاسة المجموعة بلا شك مسؤولية كبيرة، ستتحمّلها دولة فلسطين بكل تواضع وإخلاص وتفانٍ، إلى جانب الإلتزام والتصميم القوي دفاعاً عن مصالح المجموعة وتعزيز مواقف دولها الأعضاء في الأمم المتحدة".
وشدّد على أنّ "دولة فلسطين ستعمل خلال رئاستها للمجموعة، على تمتين العلاقات بين مجموعة 77 والصين، وبين شركائنا جميعاً في الأمم المتحدة، على أساس احترام السيادة الوطنية، ودعم أجندة التنمية وحماية مصالح بلدان الجنوب والدول النامية وقضاياها العادلة".
من جهته، قال الوزير شكري: "إنّ مجموعة 77 والصين، لديها ثقة كاملة في قدرة فلسطين على إنجاح المجموعة بشكل كامل، وفي تعزيز مصالحها بكفاءة واقتدار".
وأضاف: "نقوم بتسليم الأمانة لدولة شقيقة، هي دولة فلسطين، لتواصل حمل الرسالة والحفاظ على المصالح العليا للمجموعة".
وتابع: "إنّ مصر استلمت المجموعة العام الماضي، وللمرّة الثالثة منذ نشأة المجموعة، وجاءت رئاستنا كلُبنة إضافية لتراكم الجهود والإنجازات التي حققتها مختلف الرئاسات عبر السنوات الماضية".
وأشار شكري إلى "حفاظ مصر على مدار العام الماضي، على أمانة تمثيل مصالح المجموعة للدول الأعضاء، والدفع قُدُماً بأهدافها".
وأوضح وزير الخارجية المصري أنّه "كان عام 2018 عاماً فارقاً في جهود إصلاح الأمم المتحدة في كافة المجالات، من أجل جعل المنظّمة الدولية أفضل قدرة على مواكبة الأحداث الدولية، حيث قامت المجموعة بدور قيادي في دفّة الإصلاح، وتحقيق الفعالية المرجوة لمنظومة الأمم المتحدة، وفي دعم الأنشطة التنفيذية والإدارة والسلم والأمن".
من جهتها، أعربت رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ماريا فرناندا اسبينوزا عن تشرّفها بتسلّم الرئيس محمود عباس لمجموعة 77 والصين"، عارضة "الإنجازات التي تمَّ تحقيقها خلال ترؤس مصر المجموعة للدورة السابقة".
وأوضحت أنّ "فلسطين ستسترشد من روح الوحدة في هذه المجموعة، وستحقّق النجاح، رغم التعقيدات وحالة الاستقطاب التي يعيشها العالم".
وعرضت "التحديات التي تواجه العالم في مجال التنمية المستدامة وحماية الكوكب والبشر"، مشدّدة على أنّ "رئاسة فلسطين والدول الأخرى ستتبنّى الأهداف العالمية، وستبذل جهداً كبيراً، الأمر الذي يحتاج إلى دعم الأعضاء والعمل بشكل موحّد ومشترك".
من جانبه، هنّأ أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس "دولة فلسطين على رئاسة المجموعة للعام 2019"، معتبراً أنّ "حضور الرئيس محمود عباس يُعطي مؤشّراً كبيراً لإلتزام دولة فلسطين برئاسة فاعلة للمجموعة".
وقدّم شكره إلى "مصر على قيادتها للمجموعة خلال العام الماضي"، موضحاً أنّ "مصر من الدول المؤسِّسة للمجموعة، وركيزة من ركائز دول عدم الإنحياز، حيث حقّقت الكثير من التوقّعات العالية خلال فترة توليها للرئاسة".
وتابع: "إنّ مجموعة 77 والصين عام 2018 ضمن قيادة مصرية قوية، حيث دلّلت مصر على أنّها قوّة لا يُستهان بها في العمل متعدّد الأطراف".
من جانبه، قال ممثّل جمهورية فنزويلا البوليفارية، نيابة عن "حركة عدم الإنحياز": "إنّ تاريخ التعاون بين دول عدم الإنحياز ومجموعة 77 والصين، طويل، وهذا التعاون تعاضد بعد عام 1994، بما يعزّز التعاون والتنسيق بين الكيانين في مختلف المجالات".
وأضاف: "في إطار الاجتماع الوزاري لحركة عدم الإنحياز العام الماضي، تمَّ الاتفاق على تعزيز التعاون بين أعضاء الحركة مع مجموعة 77 والصين، والاستجابة للاهتمامات الدولية واصلاح الأمم المتحدة، وتحقيق أهداف التنمية".
وأكد "تعزيز التعاون بين دول الجنوب، وفلسطين لديها القدرة على الاضطلاع بدورها في رئاسة المجموعة، ونجدّد التزامنا بالعمل للدفاع عن مصالح دول الجنوب والتعاون بين الكيانين، والتزام الحركة بشأن التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق السلام وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
يُذكر أنّ مجموعة 77 والصين تأسّست في العام 1964، قبل أنْ يرتفع عدد أعضائها إلى 134، حيث جرى انتخاب دولة فلسطين لرئاسة المجموعة (27 أيلول 2018)، قبل منحها حقوقاً وامتيازات إضافية، بأغلبية 146 صوتاً، وامتناع 15 عن التصويت، واعتراض 3 دول، هي: الولايات المتحدة، إسرائيل واستراليا (16 تشرين الأوّل 2018).
ويضاف هذا اليوم التاريخي الفلسطيني إلى انتزاع "منظّمة التحرير الفلسطينية" صفة عضواً مراقب في الأمم المتحدة (22 تشرين الثاني 1974)، ودولة فلسطين عضوية مراقب (29 تشرين الثاني 2012) ورفع علم فلسطين فوق مقر الأمم المتحدة (10 أيلول 2015).

 

 

 

 

المصدر : جنوبيات