الأربعاء 30 كانون الثاني 2019 10:50 ص

قبل أن "يفارقوك"!


احفظ والديك وهما على قيد الحياة بلطفك وعطفك وبرك!

واحفظ والديك وهما ميتين بالدعاء لهما والصدقة والوقف.

اليوم اغلى نصيحة لي ولك «ألا تضيع الوقت» وركز كل اهتمامك وهما في أيامهما الاخيرة إن كانا من الاحياء، أما إذا كانا من الأموات -بعد أن استرد الله أمانته فيهما- فعليك بكثرة الدعاء لهما وعمل الخيرات وما اكثرها: سبيل ماء، مسجد، مركز اسلامي، دور العلم والتعليم من معاهد وكليات وجامعات ودور تحفيظ للقرآن، وغيرها من المشاريع التنموية الخيرية المتاحة لك وبأسعار مختلفة.

قارئي الكريم، ليس هناك اعظم منزلة في حياتنا البشرية من «الأم والأب»، فبعد ذهاب الأب تكون يتيما، أما إذا توفيت أمك فأنت لطيم!

سطوري اليوم للأبناء والأحفاد حول ماذا نستطيع أن نقدم للوالدين وهما على قيد الحياة.

إن كنت مقتدرا ماليا فأغدق عليهما من «فيض مالك» ولن توفي جزاهما، فمهما قدمت تبقى «مقصرا» في حقهما واذا بسط الله لك في الرزق فهذا من دعائهما لك فاحرص على ان تجبر خاطرهما.

ركز على الامور التي يحبها والدك واشترها له، ولا تنس «حلوة اللبن» الوالدة دائما تفحص امورها ولب لها مطالبها، واياك اياك اياك ان تتصور وهما في اعمارهما الاخيرة أنهما شبعا من الحياة!

اجعل جل اهتمامك لأيامهما الاخيرة فلا يغيبا عن بالك وتفقد احوالهما بنفس راضية ساعية لنيل رضاهما وبرهما في سنواتهما الاخيرة قبل الرحيل!

كثير من الذين صادفتهم في الحياة «نادمون جدا» على انهم لم يعطوا والديهم الاهتمام المرتجى في ايامهم وسنواتهم الاخيرة وهم فعلا نادمون، والنصيحة دائما لمثل هؤلاء: اكثر اعمال البر والخير لهم ولا تتردد ابدا، وانفق ما استطعت، فهم -والله- أولى بمحبتك وصدقتك ووصلك من العالمين!

أيها القارئ الكريم: تلاحق وقتك، أمك عايشة، ووالدك على قيد الحياة، اجعلهما «اولى اولوياتك» واجعل هدفك نيل رضا الله ورسوله ووالديك!

معظم الذين قابلتهم في الحياة «يلومون انفسهم لأنهم كانوا مشغولين عن والديهم».. وهم الآن في حسرة وندم!

كم أب في الحياة كان بحاجة إلى وقفة ابنه معه.

كم أم ماتت بحسرتها وابنها مشغول أو أبعدته «زوجته» عن أمه.

٭ ومضة: عزيزي القارئ، آخر الحياة موت، وآخر السكن قبر، وآخر الملابس كفن ابيض، وآخر الاصحاب هجر!

دعوني أذكركم بموقف عظيم لامير المؤمنين هارون الرشيد رضي الله عنه: لما حضرته الوفاة وعاين سكرات الموت، صاح بقواده وحجابه: اجمعوا جيشي، فجاءوا بهم بسيوفهم ودروعهم واسلحتهم ولا يحصي عددهم الا الله، كلهم تحت قيادته وامره، فلما رآهم بكى ثم قال: يا من لا يزول ملكه، ارحم من قد زال ملكه، ثم لم يزل يبكي حتى مات!

وصية اليوم مني لك: بدن في الدنيا وقلب في الآخرة، لا «تغيب» عنك الآخرة؟

يوما ما ستقف أمام ربك فردا، فكيف حالك معه اليوم؟!

لا تنس والديك مهما شغلتك الدنيا الزائلة.

٭ آخر الكلام: يولد الانسان ويموت وهو «دائما مشغول» ويشد عليه القماط يوم يولد، ويلف بالكفن يوم يموت، تذكر هذا اليوم واعمل جاهدا لارضاء والديك حتى لا تكون مفلسا في الآخرة!

٭ زبدة الحچي: رأيت في حياتي أُناسا يقبلون «ارجل والديهم» وهم موتى، وهذا «شيء طيب»، لكن الاحسن من هذا لو كان في حياتهم!

الاب والام كثيرا ما يخجلان من الطلب فلا تجعلهما صامتين!

حاول ان تتحاور معهما وتعرف احتياجاتهما ولبها من غير طلب منهما!

امك وابوك «جنتك او نارك»، فاختر الطريق ولا تتردد منذ اللحظة في ممارسة «حبابتك» لهما كلاما وعملا وهدايا وعطايا، فوالله ثم تالله لن توفي «واحدة» مما اعطياك في صغرك!

اللهم احفظ الامهات والآباء الاحياء وارحم يا رب واغفر للموتى.

ايها القارئ الكريم: تجاوز عن أي أخطاء وعداوات بعد والديك وكأنها لم تحصل، وداريهم «احياء او امواتا» بكل حبك واحترامك وكرمك وبرك.

كلماتي لكم من قلب موجوع حاول قدر ما يستطيع ان يقدم لوالديه بره ورغم ذلك يشعر بالتقصير، والله يطول في عمر الاحياء ويرحم الاموات.. الحياة قصيرة.. تلاحق نفسك.. في أمان الله.
 

المصدر :الأنباء