الاثنين 15 نيسان 2019 11:05 ص

مذكرة توقيف بحقّ الأسد في لبنان... والقاضي يخلي سبيله


* رياض طوق

وصل الى مركز الأمن العام اللبناني على الحدود اللبنانية السورية، يوم الجمعة الفائت، موكبٌ يضم عدداً من السيارات الرباعيّة الدفع آتية من الجهة السوريّة، وعلى رأس الموكب كانت سيارة مضر الأسد، ابن عم الرئيس السوري بشار الأسد.

على نقطة التفتيش، وقبل الدخول الى الأراضي اللبنانية، كان عناصر الأمن العام يقومون باجراءاتهم الروتينية كما جرت العادة في التأكد من الهويات وجوازات سفر الداخلين الذين يحملون الجنسية السورية وقد تبيّن أنهم من مرافقي الأسد. ولدى استجلاء الهويات ظهر اسم مضر رفعت الأسد في السجلات كمطلوب للعدالة اللبنانية.

مضر الأسد هو أحد الأبناء الثلاثة لرفعت الاسد، شقيق الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد. وبالرغم من أن والده يعيش في المنفى منذ العام 1987 بعد أن أبعده شقيقه اثر اتهامه بمحاولة الانقلاب عليه، الّا أنه وشقيقه سومر لا يزالان يعيشان في سوريا وتحديداً في اللاذقية عكس شقيقهم الثالث ريبال الذي يعيش في الولايات المتحدة الاميركية ويجاهر بمعارضته للنظام السوري. مضر لم يترك ابن عمّه الرئيس بشار الاسد طوال فترة الحرب السورية، والذين يعرفونه يقولون إنه صاحب نفوذ في سوريا، وهو من ضمن المنظومة السلطوية كابن عم بشار الأسد وليس كابن رفعت.

ولكن، منذ أشهر، ونتيجة تحقيقات أمنيّة تتعلق بملف سرقة سيارات من لبنان وتهريبها ثم بيعها في سوريا، ونتيجة الادّعاء على عددٍ من الأشخاص الضالعين في الشبكة من سوريين ولبنانيين ومحاكمتهم امام القضاء اللبناني، أصدرت قاضي التحقيق في بعلبك القاضية أسيل الأتات مذكرة توقيف غيابية بحق المدعو مضر رفعت الأسد كأحد المشتركين من الجانب السوري.

ويبدو أن مضر الأسد الذي يعيش في اللاذقية لم يكن على علم بمذكرة التوقيف الى ان وصل الى مركز الامن العام الحدودي في منطقة المصنع. طبعاً، لن يكون الوضع هنا طبيعياً، فابن عمّ رئيس دولة صاحبة نفوذ في الدولة اللبنانية لن يستسيغ لا هو ولا الذين يرافقونه نبأ مذكرة توقيفه من قبل جهاز أمني لبناني بسهولة، ولكنه امتثل لعناصر الأمن العام ودخل الى المركز... وهنا بدأت الاتصالات.

 

في هذه الحالة ووفق القانون، يقوم الأمن الأمن العام بأخذ اشارة المدعي العام الذي يعطي اشارة انفاذ مذكرة التوقيف قبل أن يقوم بتنظيم محضر توقيف وتتمّ احالة الموقوف الى فصيلة الدرك لسوقه الى المحكمة المختصة التي تنظر في قضيته. وبالتالي فانّ صلاحية المدعي العام هي فقط إعطاء إشارة انفاذ المذكرة.

إلا أنّ ما حصل هو أنّه، لدى مخابرة الأمن العام للنائب العام الاستئنافي في البقاع القاضي منيف بركات، قام بإبلاغهم بوجوب إخلاء سبيله ضارباً بعرض الحائط الأصول القانونيّة التي لا تعطي النائب العام صلاحية اخلاء السبيل اذا كانت هناك مذكرة توقيف. فما أعطاه القانون للنائب العام هو طلب إنفاذ المذكرة وتحويل الموقوف الى المحكمة المختصة.

واليوم، وفي ذروة الكلام عن تجاوزات القضاة وخرقهم للقانون، ها هو أحدهم يتجرأ ويخالف النصوص التي لا تعطيه هذا الحقّ. أما بالنسبة الى الأمن العام اللبناني، فالأجهزة الأمنية تلتزم الاشارات القضائية وتمتثل لرأي القاضي، ولكن في هذه الحالة فإنّ الأمن العام أرغم على تنفيذ اشارة غير قانونية بحيث غادر مضر الأسد برفقة موكبه من دون اتخاذ أيّ اجراء قانوني بحقه.

في المقابل، أكد بركات عدم صحة خبر اعطائه إشارة قضائيّة قضت بعدم توقيف المطلوب مضر الاسد، مشدّداً على أنّ أحداً لم يخابره في هذا الموضوع بشكلٍ مطلق ولم يعلم به الا في وسائل الاعلام.

وهنا لا بدّ من التساؤل، هل سيتحرّك التفتيش القضائي تجاه هذه الواقعة أم ستبقى هيبة الدولة اللبنانية مفقودة أمام نفوذ سياسي يأتي هذه المرة، كما في أعوامٍ مضت، من خارج الحدود؟

 

المصدر :mtv