الخميس 9 شباط 2023 08:52 ص

المريضُ الخارقُ، والطّبيبُ الحاذقُ!


* جنوبيات

من الصّعوبةِ بمكانِ أن تكونَ اللّغةُ العربيّةُ مناطًا لحوارٍ بين طبيبٍ ومريضِه، فلا المريضُ أوضحَ وجعَه، ولا الطّبيبُ المعالجُ تلقّفَ الحالةَ. وفي غيابِ فهمِ الحالةِ، كان الدواءُ يدورُ في استحالةِ فهمِ مريضٍ لكنْهِ العلاجِ. فهاجَ وماجَ واضطربَتِ الأمواجُ. 

وإليكم ما دارَ من حوارٍ:
ﺩﺧﻞَ ﺭﺟﻞٌ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﺐٍ ﻓﻘﺎﻝَ ﻟﻪ : ﺃﻣﺘﻊَ ﺍﻟﻠﻪُ ﺑﻚ ﺇﻧّﻲ ﺃﻛﻠﺖُ ﺍﻟﺒﺎﺭﺣﺔَ ﻣﻦ ﻟﺤﻮﻡِ ﻫﺬه ﺍﻟﺠﻮﺍﺯﻝِ، ﻓﻄﺴﺌْﺖُ ﻃﺴﺄﺓً ﻓﺄﺻﺎﺑﻨﻲ ﻭﺟﻊٌ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺍﺑﻠﺔِ ﺇﻟﻰ ﺩﺃﻳﺔِ ﺍﻟﻌﻨﻖِ ﻓﻠﻢ ﻳﺰﻝْ ﻳﺮﺑﻮ ﻭ ﻳﻨﻤﻮ حتّى ﺧﺎﻟﻂَ ﺍﻟﺨﻠﺐَ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺳﻴﻒَ. ﻓﻬﻞ ﻋﻨﺪﻙ ﺩﻭﺍﺀٌ ﻟﻲ؟
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐُ : ﻧﻌﻢ ﺧﺬ ﺧﺮبقًا ﻭ شلفقًا ﻭﺷﺮبقًا ﻓﺰﻫﺰﻗْﻪ ﻭﺍﻏﺴﻠْﻪ واشربْه.
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞُ: ﻟﻢ ﺃﻓﻬﻢْ ﻣﺎ ﻗﻠﺖَ!
ﻗﺎﻝَ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐُ : وهل ﻓﻬﻤﺖُ أنا ﻣﺮﺿَﻚ؟
ﺧﺬ حبّتين من البانادول ﻭانصرفْ، عافاك الله. 
الشرحُ : 
الجوازل: الحمام.
الطسأة : التّخمة.
الوابلة: أعلى العضد.
الشرسوف: أعلى البطن.
دأية العنق: ملتقى ضلوع الصدر.
الخلب : حجاب ما بين القلب والكبد.
الزهزقة: الهزّ (الرقص).
خربقًا وشلفقًا وشربقًا : نوع من النباتات.
وبعد عمليّة الترجمة: 
توصيفُ الحالةِ: 
تناولَ المريضُ حمامًا فأُتخمَ من الدّسم حتّى بلغَ أعلى صدرِه وبطنِه.
فقالَ له الطبيبُ: خذْ هذه اﻷعشابَ وهزّها واغسلْها واشربْها.
ومن منطلقِ الصّحوةِ على ما يجري في بلادِ العجائبِ والغرائبِ، نتلمّسُ بصيصَ أملٍ لمعالجةِ الجوائح المرضيّةِ والاقتصاديّةِ والاجتماعيّةِ والثقافيّةِ والإنسانيّةِ. وكلّنا أملٌ أن لا نحتاجُ إلى "منجمٍ مغربيٍّ" لترجمةِ واقعِ الحالِ. ولكي لا نقعَ في دوّامةِ: 
"المريض الخارق، والطبيب الحاذق". 

المصدر :جنوبيات