الاثنين 13 شباط 2023 14:44 م

ديمقراطية "اسرائيل" "6"


قائد شرطة القدس السابق في دولة الإغتصاب والإرهاب اسرائيل اللواء آريه عميت قال:  "... المتطرفون في اليمين الحاكم يحركهم الخوف والحقد وديدنهم العنف. لذلك من غير المستبعد أن تتحوّل الخلافات الى صراع بين الأخوة وشجارات وحرب شوارع".
رئيسة المحكمة العليا الاسرائيلية القاضية أستير حايوت، المعنية مباشرة باجراءات حكومة نتانياهو وإسقاط صلاحياتها لمصلحة الأكثرية في الكنيست قالت: "القضاء يقوم بخطة إنقلابية ترمي الى تقويض جهاز القضاء وبث الرعب في نفوس القضاة. إنه هجوم عنيف على نظام العدالة وكأنه عدو يجب مهاجمته وإضعافه. بمجرد تحقيق خطة التغيير المقدمة سيذكر العام الخامس والسبعون لقيام اسرائيل على أنه العام الذي تعرضت فيه الهوية الديوقراطية للبلاد لضربة قاتلة.. الديموقراطية ليست فقط حكم الأغلبية، إنما ضمان حقوق الأقلية وإشراكها في الشؤون الداخلية الأساسية". وهذا يذكرني بقول المفكر الفرنسي Claude Lefort الذي اعتبر "أن الديموقراطية ليست حكم من نال أكثرية الأصوات في الانتخابات ، إنما حماية التنوّع واحترام دولة القانون". وهذا تعبير دقيق ومهم في توصيف الأوضاع في الدول التي يكون فيها تنوّع ديني أو عرقي أو سياسي أو ما شابه !! في اسرائيل قادة ورموز ومؤرخون ومسؤولون روحيون وسياسيون ونقابيون وقضاة ومحامون ورجال أمن حاليون وسابقون يحذرون من خطر الوقوع في حرب شوارع والقضاء على القانون. حتى أن رئيس دولة الإرهاب إسحاق هيرتزوغ قال: "نحن بين قبضتي خلاف عميق يمزق أمتنا الى أشلاء . هذا الصراع يقلقني بشدة كما يقلق الكثيرين في جميع أنحاء اسرائيل والشتات".
كل هذه التحذيرات والأصوات من أعلى الهرم الى آخر المواقع في الدولة المارقة اسرائيل لم تردع العصابة الحاكمة التي خرج وزير الأمن القومي فيها ايتمار بن غفير وفي سياق اعتماد سياسة الهروب الى الأمام ومحاولة الرّد على الفشل في إخضاع الفلسطينيين قائلاً: "لا بدّ من ردّ قوي وتغيير الأوامر المنظمة لاطلاق النار. إن هذا الوضع (صمود الفلسطينيين) لا يمكن السكوت عنه"! وطلب "تسليح كل اسرائيلي". فأعلنت الشرطة رفع مستوى اليقظة!! تقدّم 17 الف اسرائيلي بطلب الحصول على سلاح وقال بن غفير: "أريد سلاحاً أكثر في الشوارع". وفي الاحصاءات الرسمية الأخيرة فإن نحو 48 ألف مستوطن يحملون رخصة سلاح وربع عدد المستوطنين في الضفة نحو 100 شخص يحملون سلاحاً مرخصاً!! هذه هي "دولة الديموقراطية والقانون"!! وكأن هؤلاء لا يتابعون ما يجري في الدولة الأعظم في العالم أميركا التي يتفشى فيها حمل السلاح وبشكل شرعي ومرخّص ونسبة القتل والجرائم العالية والتي ترتفع مع الوقت، والمعارك الدائرة هناك للحدّ من انتشار السلاح، ولوبي شركات التصنيع المؤثر في صناعة القرار السياسي من خلال التمويل ، ويشهد العالم كله على الحوادث الدامية، ويحذر كثيرون من تفلّت في المجتمع الأميركي وحروب شوارع وعصابات أيضاً ولم تنجح أي إدارة أميركية في ضبط الأمر حتى الآن مع الإشارة الى أن مسؤولين كبار في الدولة تحدثوا عن "إرهاب داخلي وعنصرية" خطيرة!! وأخطر ما في الأمر هو عمليات اطلاق النار في المدارس وقتل أطفال، والاعتداءات على السود من قبل الشرطة الأميركية، والعمليات التي تستهدف الأماكن العامة وكذلك حالات الانتحار في صفوف العسكريين.
هذا المشهد تناولته في اسرائيل غالا مزالي مديرة تحالف "مسدس على الطاولة في المطبخ" فقالت: "حكومة نتانياهو اتخذت قرارات بمنح تسهيلات الحصول على تراخيص سلاح عام 2018. النتيجة: ارتفاع حوادث القتل والعنف خصوصاً داخل العائلات وضد النساء. معطيات وزارة الأمن الداخلي لعام 2021 تشير الى أن 12 شخصاً انتحروا بواسطة سلاح مرّخص ، الى جانب 16 حالة إثر إنفلات رصاصة. وفي ذلك العـــام قتلت 14 امرأة باطلاق النار، بينهن 3 نساء يهوديات قتلن بسلاح مرخّص".
صحيفة "هآرتس" نشرت تقريراً جاء فيه: "... 86 من بين 100 بلدة في الضفة نسبة حاملي السلاح فيها مرتفعة هي مستوطنات في الضفة. هناك مستوطنات يبلغ عدد قطع السلاح المرخّص فيها 3/1 عدد السكان غالبيتها في الضفة". وبن غفير يريد المزيد من السلاح في الشوارع . تذهب اسرائيل الى دولة فالتة . وإذا "مسؤولوها" و"ابناؤها" و"رموزها" الإرهابيون يحذّرون من التمادي في التفلّت والانقلاب على مفهوم الدولة وممارسة الجنون الى حدود لا تطاق ضد بعضهم، والهدف الأساس هو الفلسطينيون والسيطرة عليهم. فماذا يفعل هؤلاء؟؟ أبسط الأمور أن يدافعوا عن أنفسهم بكل الوسائل لاسيما السلاح المتاح والاستنجاد بالمحاكم الدولية وباســـم الأمم المتحدة وهنا يأتي "العقاب" من الأميركيين ليتكامل مع "العقاب الاسرائيلي". فمهما بلغت التجاوزات والارتكابات بات "ممنوع المسّ باسرائيل" ولو دفاعاً عن النفس. هذا مظهر أيضاً من مظاهر الديموقراطية الأميركية!! 
ما يجري في دولة الإرهاب عجز عن كسر إرادة الفلسطينيي وأخذ "الدولة" الى احتمال الانفجار الداخلي الذي يأكل كل شيئ . وهذا ما ستجنيه سياسات العصابات المتفلتة . فبماذا توصف هذه الدولة؟ وهل يمكن للعالم أن يتفرج على هذا الوحش الذي يكسّر كل شيئ ولا رادع له بل يذهب الى شراكته بعض العرب.

المصدر :جنوبيات