الثلاثاء 28 آذار 2023 10:37 ص

نتنياهو يرضخ لتأجيل الانقلاب على القضاء ضماناً لاستمراره بالحكم


* جنوبيات

انفجر لغمٌ بوجه رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد أقل من 3 أشهر على تشكيل الحكومة ونيلها ثقة "الكنيست".

انفجار اللغم، جاء بعدما رماه نتنياهو بوجه عضو "الليكود" يوآف غالانت (وزير الدفاع) بإقالته، ليعود ويرتد إليه، فاصاباه بشكل مُباشر، يتداعيات دراماتيكية سريعة، باتت تُهدّد بسقوط الحكومة، وصولاً إلى حل "الكنيست"، مع إضراب شامل شهدته مُعظم القطاعات العمالية في الكيان الإسرائيلي.
تعود أسباب إقالة نتنياهو لغالانت إلى عدم اقتناعه بما طرحه حول تعليق التشريعات الهادفة إلى الانقلاب على القضاء، وأنْ يتم التوصّل إلى تسوية مع المُعارضة، التي تُنظِّم تظاهرات مُنذ 12 أسبوعاً.
التطوّر الجديد، هو الخلافات بين نتنياهو وشركائه في الائتلاف، وفي الطليعة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريش، فقد كان نتنياهو ينوي إلقاء خطاب صباح أمس (الإثنين) يُعلن خلاله، تعليق التشريعات القضائية، التي يرى فيها الإسرائيليون انقلاباً على القضاء، ومُحاولة الهيمنة عليه من قِبل السلطة السياسية.
وقد ضغط بن غفير ليُؤجّل نتيناهو خطابه، مُهدِّداً بالانسحاب من الحكومة في حال قرّر تعليق تشريعات الخطة القضائية، ما يُؤدّي إلى حلّها، قبل أنْ يتراجع عن تهديداته بحل الحكومة، مُكتفياً بالتلويح بالاستقالة، ودعمها من الخارج، لأن انسحابه وعدم دعم الحكومة يُؤدي إلى استقالتها.
كما أعلن وزير القضاء ياريف ليفين أنه سيستقيل إذا ما قرر نتنياهو تعليق الإصلاحات القضائية.
هذا في وقت حاصر فيه المُتظاهرون، مكتب نتنياهو في "الكنيست" في القدس الغربية، حيث عقد سلسلة من الاجتماعات، أدت إلى التفاهم بين شركائه في الائتلاف، على تأجيل التشريعات الخاصة بالتغييرات في جهاز القضاء لإتاحة المجال أمام التحاور.
لكن اللافت، كان موقف رئيس المُعارضة يائير لابيد، الذي قال في رسالة مُوجهة إلى نتنياهو: "أنه مُستعد لضمان شبكة أمان للحكومة الحالية، وفي حال رفض أحد أحزاب الائتلاف الحكومي تأجيل التشريعات، وانسحب من الائتلاف فإنني سأضمن أصواتاً كفيلة بعدم سقوط الحكومة الائتلافية لسبب كهذا".
هذا في وقت تقدّم فيه حزب "العمل" بمشروع قانون لحل "الكنيست" الـ25، والذي يجب أنْ يحظى بأغلبية 61 صوتاً، لا تمتلكها المُعارضة، بل هي بحوزة الائتلاف الحاكم، إلا إذا قرّر نوّاب منه تأييد حل "الكنيست"!
لم يكن غالانت يُدرك أنّ استدعاء نتنياهو له، مساء الأحد، خلال جولته ولقائه مع طيّارين يعترضون على الانقلاب على القضاء، بأنّه سيُبلغه قرار إقالته، بذريعة أنّه "فَقَدَ الثقة فيه، لأنّه عمل ضد الحكومة والائتلاف الحاكم"، لكن غالانت لم يستسلم، بل وقرّر التوجّه إلى "المحكمة العليا" الإسرائيلية، اعتراضاً على قرار نتنياهو.
وأعلن أنه سيبقى في منصبه في حال تراجع نتنياهو عن قرار إقالته.
وقد شهدت الساعات الماضية، رفع جيش الاحتلال حالة التأهّب بعد انتشار التظاهرات في العديد من المدن داخل الكيان الإسرائيلي ما يُؤدي إلى فقدان السيطرة.
وشملت الإضرابات: القطاع الطبي، المُستشفيات، القضاء، "مطار بن غريون" والموانئ.
كما شملت الاحتجاجات جيش الاحتلال، برفض مئات الضبّاط، ومنهم في الاحتياط، الخدمة العسكرية.
في وقت أعلن عشرات الطيّارين من ضبّاط الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي، عدم حضور التدريبات، إضافة إلى توقيع قرابة 150 ضابطاً وجندياً من الوحدة "8200" التابعة للمُخابرات العسكرية، عريضةً بعدم الحضور للخدمة الاحتياطية، احتجاجاً على خطة "إصلاح القضاء".
هذا ما يزيد من المآزق التي تُواجه نتنياهو على المُستوى الداخلي، فضلاً عن العلاقات الفاترة مع الولايات المُتّحدة الأميركية، التي تنتقد سياسته وأعضاء في حكومته.
وقد أعربت الولايات المُتحدة الأميركية عن قلقها ممّا يجري داخل الكيان الإسرائيلي، بعد إقالة وزير الدفاع، داعيةُ إلى "إيجاد تسوية، في أقرب وقت مُمكن".
مُنذ توافق نتنياهو والائتلاف الذي أعاده إلى الحكم مُجدّداً، وهو يضع القطن في أذنيه، لعدم سماع أي من الأصوات، التي تُحاول ثنيه عن الاستمرار في خطوات الانقلاب على القضاء، رغم التحذيرات المُتعدّدة، ويُفضّل استمرار السير على توقيت بن غفير وسموتريتش، بتبديل القوانين، بما يُؤدّي إلى حمايته من المُلاحقة القضائية في الملفات التي تُواجهه بتُهم الفساد والاحتيال وسوء الأمانة.
وكانت قد صدرت في هذا الإطار، قوانين في "الكنيست"، تحمي نتنياهو وتمنع عنه المُحاكمة، كما تحمي شركائه الفاسدين، رغم الاعتراضات على ذلك، فقد صادقت الهيئة العامة لـ"الكنيست" على مشروع قانون بمنع عزل رئيس حكومة من منصبه، وهو القانون الذي يُحصن نتنياهو من تُهم الفساد وخيانة الأمانة، حيث تمّت المُصادقة على "قانون أساس: الحكومة" بالقراءتين الثانية والثالثة، بأغلبية 61 صوتاً ومُعارضة 47، فيما تغيّب عن الجلسة عضوا "الكنيست" عن "الليكود" دافيد بيتان ودافيد أمسالم، وعن "شاس" موشي أبوطبول، شرط أنْ يحصل ذلك على أغلبية 90 صوتاً في "الكنيست".
الهدف من ذلك منع المُستشارة القانونية للحكومة، من الإعلان عن تعذّر رئيس الحكومة القيام بمهامه، وتنحّيه عن منصبه بالتُهم القضائية التي تُواجهه، كما أقرت "الكنيست" "قانون أساس: الحكومة"، والمعروف باسم "قانون درعي 2"، في القراءة الأولى بتأييد 63 صوتاً مُقابل 55 مُعارضاً.
يمنع القانون "المحكمة العليا" من مُمارسة الرقابة القضائية على تعيين وزراء، وهذا يعني إعادة تعيين أرييه درعي وزيراً في الحكومة، رغم إقرار "المحكمة العليا" بأنّ قرار نتنياهو تعيين درعي وزيراً كان ينطوي على عدم معقولية، نظراً إلى إدانته بتُهم فساد في العام الماضي، وفرض عقوبة السجن عليه مع وقف التنفيذ، وتكرار مُخالفاته الجنائية، وبينها بتُهم الرشوة، عندما كان يشغل منصب وزير الداخلية وقضائه عقوبة السجن.
وكان درعي يشغل منصب وزير الداخلية والصحة، وتمَّ الاتفاق على أن يتبادل مع سموتريتش منصب وزارة المالية بعد سنتين.

المصدر :جنوبيات