الأحد 8 تشرين الأول 2023 07:43 ص

في ذكرى حرب اكتوبر المجيدة.. دروس وعبر


* جنوبيات

قبل نصف قرن، انتصر المصريون والسوريون حين أخذوا زمام المبادرة وفاجأوا العالم بأسره، وكسروا الصمت العربي وانطلقوا نحو سيناء والجولان ليشكل هذا اليوم نقطة تحول في الصراع العربي الإسرائيلي، حيث ظهرت قدرة العرب على التوحد وقهر الكيان الإسرائيلي.

لذلك يعتبر هذا اليوم يوما أسودا في تاريخ الاحتلال الاسرائيلي، فقد عبر المصريون إلى سيناء، وعبر السوريون إلى الجولان، واطلقت رئيسة وزراء إسرائيل في ذلك الوقت غولدا مائير نداءات الاستغاثة التي استجابت لها الولايات المتحدة الاميريكية لوقف ما سماه وزير الخارجية الاميريكية كيسنجر بالكارثة.
وخلال لقائي بكيسنجر أكثر من مرة تحدث عن دوره في تسخير حنكته الدبلوماسية إضافة للإمدادات العسكرية المهولة التي قدمتها الولايات المتحدة من أجل إنقاذ إسرئيل والوصول إلى اتفاق تهدئة والذي تضمن وقف الاشتباك وإعادة مدينة القنيطرة لسوريا، وضفة قناة السويس الشرقية لمصر.
أبرز نتائج حرب اكتوبر هي استراد قناة السويس وعودة الملاحة فيها، واسترداد جزء من مرتفاعات الجولان واسترداد الكرامة العربية بعد هزيمة عام 1967، وإعادة الثقة للعربي في مواجهة الجيش الذي لا يقهر.
في هذه الذكرى المجيدة لا بد من استخلاص مجموعة من الدروس والعبر أبرزها: 
الاحتلال الاسرائيلي هو احتلال بقوة السلاح، بني على أساس باطل وغير شرعي، ومقاومته بكافة الوسائل والطرق هي حق مشروع حتى تحرير كافة الأراضي الفلسطينية والعربية. 
إن الاحتلال الإسرائيلي لا يفهم إلا لغة القوة، وعلى الفلسطينيين والعرب أن يفهموا تماما بأنهم لن يستطيعوا مواجهة هذا الكيان وأطماعه في احتلال الأراضي العربية والسيطرة على مقدرات الوطن العربي إلا وهم أقوياء بقرارهم، وإرادتهم، وسيادتهم، ووحدتهم وعتادتهم. 
الوحدة والتماسك هي أساس الانتصار في أي معركة وهي رسالة لطرفي الانقسام فتح وحماس، بأن هذا الانقسام بمثابة بلفور ثان نصنعه بأيدينا، ويعتبر أكبر خطر يهدد تصفية القضية الفلسطينية وتدمير المشروع الوطني الفلسطيني. 
إن السلام هو أحد الخيارات المتاحة والتي قدمها العرب مرارا، سواء من خلال مبادرة فاس عام 1982، أو مبادرة السلام العربية عام 2002، بقيادة المملكة العربية السعودية من أجل ترسيخ حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وبما يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، وبما يضمن حق العودة للاجئين، ولكن للأسف الشديد لطالما اصطدمت هذه المبادرات بعنصرية وأطماع الاحتلال الإسرائيلي، وهي رسالة للدول العربية جميعها بأن السلام المجاني، والتطبيع على حساب القضية الفلسطينية، هي تعزيز لمخطط الحركة الصهيونية في السيطرة على الوطن العربي ومقدراته ولن يعود عليهم إلا بالدمار والشقاء.
أما الدرس الذي يجب أن يفهمه الاحتلال الاسرائيلي جيدا، بأنه بعد أكثر من 50 عاما من حرب أكتوبر المجيدة وبعد 45 عاما من توقيع معاهدة السلام مع مصر، لم يستطع تصفية القضية الفلسطينية، ولم يستطع التطبيع مع الشعب المصري البطل، وما زالت المقاومة في فلسطين تتصاعد على الجبهات كافة، وما يحدث في نابلس وجنين وطولكرم وبطولات قطاع غزة، هي رسالة واضحة بأن السلام العادل والشامل هو الطريق ليس لحماية الشعب الفلسطيني فنحن أصحاب حق سننتصر طال الزمن أم قصر، وإنما هو طريق لحماية إسرائيل ومستقبل أجيالها. وسنبقى نسعى لأجل السلام لأننا دعاة سلام ولكن على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وكرامته وقدسه.
في ذكرى حرب اكتوبر المجيدة، التحية لمصر الكنانة، وسوريا العروبة، و نترحم على أرواح شهدائنا وشهداء مصر وسوريا والاردن الذي انتصر في معركة الكرامة ولبنان ومقاومته التي دحرت الاحتلال وحررت الجنوب اللبناني وكل شهداء الوطن العربي، أينما سقطوا وكيفما صعدت أرواحهم الطاهرة إلى باريها، وستبقى دماء شهداء فلسطين التي تراق يوميا تعبد الطريق نحو الحرية والاستقلال والنصر.
 
 

المصدر :جنوبيات