بأقلامهم >بأقلامهم
فرنسا على خطى الاحتلال
جنوبيات
روح الاستعمار الدائمة تحكم التوجهات الفرنسية اليوم في قيادة الفاشية الفكرية، بالضغط على المتظاهرين ومنعهم من التعبير عن رأيهم، والتدخل في الإعلام ومحاولات منع بث ما يتعارض مع السياسات الاسرائيلية، وباستهداف حرية التفكير. "دار فايار" إحدى أكبر دور النشر الفرنسية أصدرت كتاباً منذ 15 عاماً للمؤرخ الاسرائيلي المناهض للاحتلال "ILAN PAPPE" (إيلان بابيه) عنوانه "التطهير العرقي لفلسطين" شرح فيه بالتفصيل والتوثيق والتأريخ الممارسات الاسرائيلية التي تتطابق مع التطهير المبرمج المنظّم في كل مراحل استهداف الشعب الفلسطيني. الكتاب لاقى رواجاً واسعاً وخاصة بعد ترجمته من الانكليزية الى الفرنسية عبر دار "فايار". مع العدوان على غزة ارتفعت مبيعات الكتاب بشكل عال جداً في سياق حملة الرفض العالمية الشعبية لمجازر الإبادة الجماعية والفظائع التي ترتبكها قوات الاحتلال، وعملية التطهير التي يشاهدها كل العالم على شاشات التلفزة بشكل مباشر. المفاجأة كانت في إعلان دار النشر الفرنسية سحب الكتاب من التداول في انسجام تام مع سياسات الفاشية الفكرية التي تعتمدها الإدارة الفرنسية اليوم!!
حاول إعلاميون فرنسيون ومتابعو مواقع التواصل الاجتماعي الاستفسار من إدارة الدار عن سبب سحب الكتاب فجاء الجواب على قاعدة "عذر أقبح من ذنب": "إن حقوق النشر منتهية منذ 17 شباط 2022"!! قرار الدار صدر في 3 تشرين الثاني 2023. الناس ليسوا مطلعين على العقد بين الدار وصاحب الكتاب. لكن إدارة النشر هي المعنية فلماذا تأخرت 21 شهراً حتى أخذت القرار؟؟ إنها تدين نفسها بوضوح. إنها اسرئيل وتطهيرها العرقي. وللعلم منذ سنوات طويلة وأنا أتابع سياسات الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة تجاه المؤرخين لاسيما منهم ما أسموه بـ"المؤرخين الجدد" من أساتذة جامعات وكتّاب ومؤرخين. كل من كتب رأياً أو قدّم معلومة وفضحت زيف ادعاءات اسرائيل ولا تتماشى مع سياسة التطهير العرقي والعنصرية عوقب. طرد من الجامعات. لوحق من قبل كل المنظمات والهيئات والمؤسسات المؤيدة لهذه السياسة. "اليوم، فرنسا الدولة على خطى اسرائيل" وهي تنادي بالحرية والديموقراطية وحماية حرية التفكير والتعبير وتأييد كل "الثورات" التي تسلك هذه الدرب في محاولة لاستخدامها لتحقيق أهداف أخرى. سقطت فرنسا ويسأل بعض رموزها: لماذا أخفقت في سياساتها في المنطقة في السنوات الأخيرة وفقدت بريق دور وحضوراً محترماً؟؟