عام >عام
عرسال نجت من اعتداء جديد
الخميس 4 02 2016 10:06أفضت التطورات الميدانية في منطقة عرسال خلال الساعات الاخيرة الى نجاة البلدة ولبنان من اعتداء جديد، كان هذا التنظيم الإرهابي بصدد تنفيذه عبر الخاصرة العرسالية الرخوة، لكن الجيش تمكن من إجهاضه، قبل أن يسلك طريقه الى التنفيذ.
واستنادا الى التحقيقات الأولية مع الموقوفين، تبين أن المجموعات الإرهابية أعدّت سيناريو شديد الخطورة، وحددت ساعة الصفر لتنفيذه فجر امس الاربعاء، إلا أن الجيش أحبطه في الوقت المناسب.
وهذا السيناريو، كان يشبه الى حد كبير تكتيكات «غزوة عرسال» في 2 آب 2014، وطليعته مجموعة إرهابية تزيد عن خمسة عشر عنصرا تجمعت في وادي الارانب في منطقة عرسال، دلت الأسلحة التي كانت بحوزتها، إضافة الى التحقيقات الأولية مع الموقوفين، على أنها كانت بصدد الهجوم على مواقع الجيش، باستخدام انتحاريين وأحزمة ناسفة، بغية احتلال بعض المواقع، وخلق إرباكات في صفوف العسكريين، وتكرار خطف بعضهم، مع تسخير آليتين لنقلهم اذا تمكنوا من تحقيق هدفهم، وصولا الى إحداث ثغرة للنفاذ من خلالها بعشرات وربما مئات المسلحين الى بلدة عرسال، للإطباق عليها.
وقال مرجع أمني كبير لـ «السفير»، إنه كانت هناك محاولة واضحة من قبل الإرهابيين لتغيير موازين القوى الموجودة في منطقة عرسال وفرض وقائع جديدة.
وما يزيد الأمر خطورة، كما يلاحظ المرجع، هو أن ما كان يعده المسلحون أتى على مسافة أيام من غزوة «داعش» لعدد من أماكن وجود «النصرة» واحتلال موقعها المهم جدا في وادي الخيل، وبالتالي يمكن اعتبار المخطط الذي أُحبط تتمة لهجوم «داعش» على «النصرة»، بغية وصل عرسال بالجرود، مع ما يعنيه ذلك من تدحرج للمخاطر الى ما بعد حدود البلدة.
وكشف المرجع عن أن رؤوساً إرهابية كبيرة وقعت في قبضة الجيش، وأنه يجري التدقيق في الأدوار التي قاموا بها، سواء في مواجهة الجيش، أو عبر العمليات الإرهابية والتفجيرات، كما يتم التحقيق في ما كانوا يعدونه للداخل اللبناني، وما إذا كانت هناك خلايا تابعة لهم في الداخل.
وبينما تردد نهارا أن أحد القياديين الإرهابيين المدعو أبو بكر الرقاوي تمكن من الفرار بعد توقيفه، نفى المرجع الأمني ذلك، مشيرا الى أنه تمت محاصرة هذا الإرهابي في إحدى النقاط، لكنه استطاع الاختباء والفرار، لمعرفته بجغرافية المنطقة وتضاريسها.
وأشار المرجع الى أن الجيش نفذ عملية استباقية ناجحة، أكدت الحقائق الآتية:
- دقة الرصد العسكري للمجموعات الإرهابية، وجهوزية الجيش لمواجهة أي طارئ، لا سيما على الحدود.
- امتلاك الجيش القدرة والمعنويات والإرادة لمواجهة الإرهاب، وإثباته أن زمام المبادرة في يده، وليس في يد الإرهاببين.
- قطع التواصل ما بين عرسال والجرود، وبالتالي تمكن الجيش من منع تسلل المسلحين الى البلدة، الأمر الذي من شأنه أن يطمئن أهاليها، في أعقاب المخاوف الأخيرة من تمدد «داعش» في اتجاهها، ربطاً بهجومه على «النصرة» في الجرود.
- قدرة الجيش على تحقيق إنجازات نوعية، حتى بالسلاح المتواضع، من دون أن ينفي ذلك الحاجة الملحة الى السلاح المتخصص غير التقليدي أو الكلاسيكي الذي يتناسب مع المواجهة ضد الإرهاب، ومع طبيعة عرسال والجرود.
كيف أحبطت «غزوة وادي الأرانب»؟
وفق رواية عسكرية للوقائع، تبين أنه خلال الايام القليلة الماضية كانت المجموعات الارهابية تستغل الطبيعة المناخية لمنطقة جرود عرسال للقيام بتحركات وعمليات تسلل متتالية في اتجاه مواقع الجيش، وكان عدد المتسللين لا يزيد في بعض الحالات عن ثلاثة الى خمسة عناصر، كانوا يستغلون الضباب وانعدام الرؤية، ومع ذلك كان الرصد العسكري يلتقط أي تحرك ويحبطه.
مع بزوغ فجر امس الاربعاء، رصدت العين العسكرية على الحدود، تحركاً مريباً للمجموعات الإرهابية في منطقة وادي الأرنب، تمثل بتجمع حوالي خمسة عشر مسلحاً مزودين بأسلحة خفيفة ومتوسطة، وبحوزتهم سيارتا دفع رباعي.
وأمام هذا المعطى، بادرت القيادة العسكرية، بالتنسيق مع وحدات الجيش المنتشرة في منطقة عرسال، الى وضع خطة سريعة، لا تقوم على انتظار المسلحين ورصد حركتهم والتعامل معهم وفق الاتجاه الذي يسلكونه، بل تعتمد على مهاجمتهم في نقطة تجمعهم ومباغتتهم، قبل أن يباغتوا العسكريين.
وبالفعل تحددت نقطة الصفر السريعة لبدء الهجوم، وانطلقت المجموعات العسكرية نحو هدفها، وفاجأت الإرهابيين في نقطة التجمع، حيث دارت اشتباكات معهم تمكن خلالها العسكريون من قتل ستة مسلحين تركهم الإرهابيون في أرض المعركة وفروا، فيما أصيب عسكري لبناني بجروح طفيفة. وتم تدمير آليتين فيما أظهرت المضبوطات التي صودرت في المكان أن هذه المجموعة كانت بصدد التحضير لعمل عسكري كبير ضد مراكز الجيش، لا سيما مع وجود أحزمة ناسفة والعديد من القنابل اليدوية بالاضافة الى الاسلحة الفردية وذخيرتها.
وأثناء محاولة فرار المسلحين، طاردتهم الوحدات العسكرية، وقامت بمداهمة أحد المباني في المنطقة، تبين انه كان يستعمل كمستشفى ميداني لـ «داعش»، حيث تمكن الجنود من إلقاء القبض على 16 مسؤولاً وعنصراً من «داعش».
ولاحقا، عادت القوة العسكرية الى موقعها، فيما بقيت حال الاستنفار القصوى تحسباً لقيام المجموعات الإرهابية بأي رد فعل، في وقت تم تسيير دوريات للجيش في محيط عرسال وداخلها تحسباً لأي طارئ.