بأقلامهم >بأقلامهم
عدوان اسرائيلي ثلاثي
عدوان اسرائيلي ثلاثي ‎الخميس 25 01 2024 18:49 غازي العريضي
عدوان اسرائيلي ثلاثي

جنوبيات

تستمر الحملة الاسرائيلية ضد الدول العربية بالجملة والمفرّق. رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو قال خلال لقائه عائلات المحتجزين لدى حماس: "أعتقد أنه ينبغي عليكم مخاطبة قلوب المجتمع الدولي لممارسة الضغوط على أولئك الذين يمكنهم ممارسة ضغط على حماس. قطر يجب أن تكون العنوان الأول. من وجهة نظري لا تختلف في جوهرها عن الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي. إنها أكثر إشكالية. ليس لديّ أوهام بشأن قطر، فهم لهم نفوذ على حماس لأنهم يموّلونها. لقد شعرت بالغضب الشديد من الأميركيين لتجديدهم اتفاق تمديد الوجود العسكري الأميركي في قاعدة قطر لمدة عشر سنوات أخرى. كان يمكن الاستفادة من الصفقة للضغط على قطر"!
قطر تقيم علاقات رسمية مع اسرائيل. ولكنها لا تجاريها في كل شيئ. ولعبت دوراً مع حماس والأميركيين والاسرائيليين ومصر لإتمام اتفاقات إطلاق سراح أسرى بين الأطراف المعنية وتوصلت مع الإدارة الأميركية الى اتفاق لإدخال مساعدات غذائية الى غزة فأسقطته اسرائيل التي لا تحترم دولاً واتفاقات معها وتتصرّف على أساس أن كل الدول يجب أن تكون في خدمتها وتعمل لمصلحتها. حتى أن نتنياهو أخذ الإدارة الأميركية في طريق انتقاده فأبدى انزعاجه من تمديد عقد بقاء القوات الأميركية في قاعدة العديد. لم تسلم الإدارة من نقده واستفزازه لها والتشهير بها. ردّ الإدارة كان  "لسنا متأكدين من أنه قال ما قاله حول الاتفاق مع قطر"!
أما مصر التي وقّعت "اتفاق سلام" مع اسرائيل فلا تزال تتعرض لاتهامات من قبل نتنياهو وعدد من رموز حكومته. لا يحق لمصر في نظرهم أن ترفض تسليم معبر فيلادلفيا لاسرائيل وطلبها إقامة جدران إضافية وبناء أنفاق تحت عنوان منع التهريب وعودة حماس الى القطاع عند نهاية الحرب. ويتهم مصر في الوقت ذاته بأنها تمنع وصول المساعدات الى غزة. مصر ردّت على هذه الاتهامات ورئيسها رفض تلقّي مكالمة من نتنياهو. لكن الواقع المصري صعب، فمصر تتعرض لنوع من الحصار المباشر وغير المباشر من ناحية اثيوبيا وسد النهضة الذي يؤثر على الأمن المائي وبالتالي على الأمن الغذائي مع ارتفاع هائل وسريع في عدد السكان ومن ناحيتي السودان وليبيا وأيضاً من الصومال، ومن مشروعي قناة بن غوريون والممر الهندي اللذين سيأخذان حصة كبيرة من واردات قناة السويس، إضافة الى تاثير الشلل النسبي الذي تعيشه حركة الملاحة في البحر الأحمر بفعل المناوشات الحوثية - الأميركية وبالتالي تحاول اسرائيل ابتزاز مصر والضغط عليها لتقبل تهجير الفلسطينيين إليها وتؤيدها في ذلك الإدارة الأميركية.
ويتوسّع ضغط اسرائيل ليصل الى الأردن الذي تربطه "اتفاقية سلام" معها. المسؤولون الاسرائيليون يرفضون التصريحات الأردنية حول المذابح المفتوحة التي تستهدف الفلسطينيين ويدينون الحرب المستمرة على غزة والضفة ومحاولة تهجير أهلها الى الأردن وإعلان نتنياهو نفسه تمسكه بكل الأرض المحاذية في منطقة الأغوار.
هكذا والى جانب الحرب الهمجية البربرية ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة تشن اسرائيل عدواناً ثلاثياً سياسياً دبلوماسياً حتى الآن على مصر وقطر والأردن. فماذا يعني ذلك؟ تصريحات وممارسات قادة الاحتلال تبيّن بوضوح أنهم لا يقيمون اعتباراً لاتفاقات مع الدول العربية أولاً لأنهم يعتبرون أن هذه الدول جاءت مرغمة وترى في كيان الاحتلال حماية وفي إدارات أميركا ملاذاً آمناً وداعماً. تبيّن أن الرؤية غير صائبة على الإطلاق إنما كانت خائبة، وثانياً لأن تلك الدول تخلت عن كل شيئ فيما أوراق القوة والابتزاز لا تزال في أيدي المحتلين ويعرفون كيف يستخدمونها.
إن ما يجري اليوم مع مصر وقطر والأردن، وإدارة اسرائيل ظهرها لكل المواقف التي صدرت عن الإمارات أو السعودية أو غيرهما في معزل عن الإشكاليات المحيطة بها، يقتضي التفكير بتمعّن وهدوء. الخطر لا يستهدف الفلسطينيين فقط بل كل الدول العربية واستناداً الى الممارسات والإهانات الاسرائيلية التي توجّه الى القريبين والبعيدين يجب أن تبنى السياسات والمقاربات والقرارات.

المصدر : جنوبيات