عام >عام
رحيل جميل شحادة جسر التواصل بين الضفة وغزّة والشتات
الأربعاء 1 02 2017 09:16هيثم زعيتر
وقع كالصاعقة نبأ رحيل عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية" والأمين العام لـ"الجبهة العربية الفلسطينية" جميل حسن محمّد شحادة (عن 70 عاماً)، إثر أزمة قلبية ألمّت به صباح أمس (الثلاثاء) خلال تواجده في مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة.
والمناضل "أبو خالد"، له سجل نضالي حافل منذ نعومة أظفاره في شتى مراحله، طالباً في الجامعة، ومناضلاً في "حزب البعث العربي الاشتراكي" و"جبهة التحرير العربية" منذ تأسيسها في العام 1969، حيث كان عضواً في قيادة الجبهة والحزب أثناء تواجده في الكويت.
وبعد وصوله لبنان في العام 1980، امتاز بدور فعّال في صفوف الثورة الفلسطينية، وكعضو في اللجنة المركزية لـ"جبهة التحرير العربية"، وكان على رأس أوّل مجموعة من مقاتلي الثورة، الذين غادروا إلى العراق في آب من العام 1982، ثم إلى تونس قبل العودة إلى غزّة والضفة الغربية.
تولّى مهام الأمين العام لـ"الجبهة العربية الفلسطينية" منذ بداية مرحلة التجديد في العام 1993، مؤكداً بتلك الخطوة على القرار الفلسطيني المستقل في إطار "منظّمة التحرير الفلسطينية"، ورافضاً التدخّلات العربية في استقلالية القرار.
واختير عضواً في اللجنة التنفيذية لـ"منظّمة التحرير" بعد انتخاب ثلث أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظّمة، صيف العام 2009، حيث أصبح يحضر اجتماعاتها ويشارك بفعالية، في وقت غاب فيه كثر من الأعضاء الأصليين في اللجنة التنفيذية.
الراحل جميل شحادة امتاز بصراحته، وجرأته، ووضوحه، ودوره كإطفائي، ورجل المهمات الصعبة والدقيقة، خاصة في ملف المصالحة الداخلية الفلسطينية، وتحديداً بعد الانقسام، إثر سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزّة في حزيران 2007، فبقي جسر تواصل بين مسكنيه في غزّة ورام الله، ليكاد يكون وحيداً في استمرار التواصل بين شطرَيْ الوطن، كما في الشتات.
وكان له دور هام في توقيع "اتفاق الشاطئ" في قطاع غزّة (23 نيسان 2014) لإنهاء الانقسام بين الضفة وغزّة، والذي أعطى دفعاً لـ"اتفاق المصالحة الفلسطينية" الموقّع في القاهرة (4 أيار 2011).
المناضل العامل من أجل الوحدة الداخلية الفلسطينية، لم يسعفه قلبه على تحمّل استمرار الانقسام الفلسطيني، فتوقّف عن الخفقان، وكأنّه تعب من "المماطلة" و"التسويف"، في عدم إنجاز هذا الملف المهم، الذي أجهده وأخذ من وقته ساعات وأيام، واصلاً ليلها بنهارها، ومتنقّلاً بين شطرَيْ الوطن والشتات.
إبن طولكرم، المولود في 10 أيار 1947، مستبقاً النكبة بعام، كان يجد في لبنان ميزة خاصة، باحتضان القضية الفلسطينية، وهو الذي احتضنه مناضلاً من أجل فلسطين، فكانت مشاركته الأخيرة في أعمال اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني، الذي عُقِدَ في بيروت يومَيْ 10-11 كانون الثاني 2017، وخرجت بقرارات تؤكد على ضرورة إنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة، التي ناضل لأجلها.
عندما التقيته في زيارته الأخيرة، وعرضنا لمحطات هامة من النضال الفلسطيني، وجدت لدى من صقلته التجارب الغنية على مدى 70 عاماً، همّة الشباب، وثقته بدور الجيل الواعد، والنضال بشتى الوسائل والسبل، من أجل تحرير فلسطين.
قدّمتُ له مجموعة كتبي، التي تتضمّن محطات من مسيرته والنضال الفلسطيني، فطلب مجموعة أخرى لصديق عزيز، قبل أنْ يحتضن مودّعاً، وكأنّه اللقاء الأخير، الذي جرى تحت عينَيْ مسؤول "الجبهة العربية الفلسطينية" في لبنان محيي الدين كعوش.
جمعت الراحل علاقة مميّزة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي نعاه، كما العديد من القيادات الفلسطينية.
عمّي "أبو خالد" سنفتقدك كثيراً، فنحن أحوج ما نكون لأمثالك في هذا الزمن الصعب، الذي تمر به القضية التي ناضلت لأجلها، لقد بكّرت الرحيل، حين أغمضت عينيك، وتوقف قلبك عن الخفقان، لتوارى في ثرى فلسطين، التي ناضلت لأجلها، على مرمى حجر من القدس عاصمة دولة فلسطين المستقلة.
أحر التعازي إلى القيادة الفلسطينية، ورفاقه في "الجبهة العربية الفلسطينية" وأسرته، وفي مقدّمهم كريمته الإعلامية هبة شحادة، وكل من عرفه.