لبنانيات >جنوبيات
اهالي الحي المنكوب في البيسارية :هل نصدّق الدولة؟
الخميس 4 02 2016 11:44
حرّك انخساف "حي اسامة" في بلدة البيسارية جنوب لبنان "ضمير" الدولة، فتحركت كافة أجهزتها للوقوف على حقيقة ما يحصل. لا يختلف اثنان ان " الوزارة" سجلت " هدفها" الاول في ملعب الكارثة، اعلنت الحي منكوبا وذهبت تبحث عن الحلول، وحده السؤال هل هي صحوة حقيقية ستنقذ نتائجها الايجابية الحي من السقوط، ام هي فورة اعلامية وفق المعتاد؟
بحسب اهالي الحي " الدولة كلها حضرت اي انها ستتحمل المسؤولية وتعمل للحد من مخاطر الانزلاقات". تحول الحي الى حي سياحي يقصده الاهالي " لالتقاط السلفي" ، وحدهم أولاد الحي لا يعيرون لما حصل اهتماما ، يلعبون على الطريق الذي " هزل" وتغيرت مستويات ارتفاعاته من دون خوف".
يعد حي اسامة في البيسارية الاشهر على الاطلاق لموقعه الاستراتيجي المطل على البحر، وأسعار اراضيه هي الاغلى. سعت البلدية لرفع مستوى الاستثمار داخله، قبل ان يصبح منكوبا، والخوف الاكبر يكمن في ما لو هزلت التربة اكثر وسقطت الابنية". أما اسباب الانخساف فما زالت مجهولة، وإن اعادها اللواء محمد خير الى "هزة إنسانية بسبب وجود حفريات في الوادي تضاف اليها عوامل طبيعية سببت الكارثة". ومنذ ايام والتربة لا تزال تهزل البيوت تتصدع ساعة بعد اخرى. الاهالي في الحي المنكوب، لا يزالون داخل منازلهم، يتفقد العم محمد خليل احمد الستيني الانخسافات في الطريق والمنازل، يدرك جيدا ان الخطر دق ناقوسه، والامور تتجه نحو الاسوأ سيما وان التربة تغور في الارض بشكل خطير ولكن ما العمل؟ اليس في هذه البلاد يتحملون مسؤولية الرعية؟
كأنه زلزال
قبل شهرين بدأت "عوارض" الانخساف تظهر على الحي، مع انهيار جدار دعم محاذٍ لأحد المنازل يفصل بين المباني والطريق، اعاد اهالي الحي بناءه ظناً منهم انه حادث "عرضي"، بعدها بدأ الاهالي وهم سكان ثلاث بنايات وثلاثة منازل يشعرون ان الارض" تزحل" مع انخفاض مستوى الطريق الى ان اتت "تلاسا" فكشفت " المستور" تصدعت الطرقات بشكل مخيف، بدا المشهد وكأن زلزالا مرْ من المكان، وساهمت في الامر نوعية التربة الصفراء التي تذوب في المياه.
خوف وقلق
يعيش السكان حالة هلع وخوف وقلق، ماذا لو انهارت الابنية بالكامل، ما هي الاسباب الخفية؟ هل هي حفريات في قعر الوادي لا سيما ان الحي يقع على مطل مرتفع ؟ ام هي عين مياه وفق ما يتناقل الاهالي ام مغارة مدفونة تحت الارض؟ تعددت النظريات والنتيجة كارثة كبرى حلّت بالحي، يجلس خليل العبد على شرفة منزله يتناول طعام الغداء مع عائلته، اكثر ما يخشاه ان يهطل المطر فجأة فتقع الكارثة قبل ان تبدأ عمليات اغاثة الدولة التي اكد مسؤول الهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير انها تحتاج ثلاثة شهر ريثما يجرى تدعيم الابنية، قبل ثمانية ايام بدأنا نشعر بتشققات الطريق التي انخفض مستواها بحدود المترين، تتوسع الانشقاقات يوميا والفراغ بين الطريق والتربة يتوسع ما اثار قلقنا اكثر".
كل اجهزة الدولة حضرت، وزير الاشغال غازي زعيتر برفقة الجهاز الفني للوزارة وعد بمعالجة الكارثة قبل تفاقمها، الهيئة العليا للاغاثة اعلنت الحي منكوبا وطالبت السكان باخلائه. تتوقع احدى السيدات ان "تأخذ الوزارة الامر على محمل الجد، لكننا نخشى ان يصدمونا بان لا اموال لمتابعة الملف ونكون كبش محرقة العوامل الطبيعية التي خرّبت الحي".
ليست المرة الاولى
لم يكن حادث" حي اسامة" الاول في البيسارية اذ شهد حي المغاريق عام 1985 انخسافا للاراضي بمسافة 15 مترا حينها لم تعرف الاسباب الا ان خبيرا جيولوجيا اكد انه من الضروري اجراء فحص التربة لمعرفة اسباب الانزلاقات وغورها في باطن الارض وهذا ما طالب به رئيس بلدية البيسارية فؤاد مشورب الذي اكد ان "المشكلة بدأت قبل عشرين يوما فقمنا بإعلام الوزارة لان الكارثة اكبر من امكانيات البلدية ، سيما وان المنازل في الحي مهددة بالسقوط ان استمر انزلاق التربة على حدته".مرجحا ان يكون "سبب الانخسافات عوامل طبيعية وقد وصلت الى عمق 300 متر في الارض، اي الى عمق الوادي بشكل مائلي، وبعد كشف الفريق الهندسي للبلدية على المكان ارسلنا تقريرا مفصلا للتنظيم المدني وبعده الى وزارة الاشغال التي حضر وزيرها وبعده الهيئة العليا للاغاثة التي اوعزت باخلاء الحي وايواء الاهالي لمدة ثلاثة اشهر".
يستبعد مشورب ان يكون "سبب ما حصل مخالفات بناء اذ ان المباني قديمة العهد قائلا "نحن نبحث عن الاسباب الحقيقية لنتوصل الى نتيجة لحل الكارثة والحد من تمدد التشققات الى ابعد مما هي عليه، ما يهمنا هو السلامة العامة للناس". لا يخفي مشورب قلقه من الحادث "طالما ان الموضوع مبهم نعيش القلق، لذا اطالب الدولة ان توعز لخبير جيولوجي لفحص التربة تحسبا لما هو اسوأ".
لا يصدقون الدولة
اعطي الامر بإخلاء الحي، فالخطر اصبح يهدد سلامة السكان، مع وعود ان تنجز الهيئة العليا للاغاثة عملها في غضون ثلاثة اشهر، بيد ان اغلب السكان لا يصدقون وعود الدولة التي تتبخر بعد ايام، فالحدث بحسب احدهم " فرصة للاطلالات الاعلامية"، وبرأي آخر "نخشى حين تقع الكارثة تبدأ اعمال الإغاثة"، الحقيقة المؤكدة أنها المرة الاولى التي تهب الدولة بكافة اجهزتها بسرعة البرق لعلاج الكارثة قبل تفاقمها، المرة الاولى التي تتحمل فيها الدولة مسؤوليتها لايقاف كارثة ولكن هل ستكمل الوزارة والاجهزة دورها حتى النهاية ام ستتوقف عند مرحلة اعداد الدراسات ؟ اسئلة يطرحها سكان الحي المنكوب مصدرها تلك الهوة بين الدولة والمواطن في بلد تلعب فيه الدولة دور المراقب واحصاء ضحايا الكوارث لا العمل على تجنبها.