بأقلامهم >بأقلامهم
نحيا بالعلم والمعرفة!
جنوبيات
يولد الإنسان في كنف أسرة إجتماعية تتوفر فيها كل العناصر والأدوات الإجتماعية للنمو وللتطو، قد لا تتشابه الأسر حيث يغيب أحد العناصر او يكون مفقوداً وهذا ما ينعكس بالإيجاب او بالسلب على تشكيل نفسية الطفل وتهيأتها للخروج الى المجتمع الأكبر، أي ان الأسر التي أشرنا اليها قد تنتج مرضى نفسيين وقد تنتج اشخاصاً أسوياء، وفي كلتا الحالتين لها تأثير مباشر على الإعداد والتطوير، هنا يأتي السؤال البديهي متى يشعر الإنسان انه غير مندمج بالمجتمع الإنساني؟ ومتى يشعر بأنه متخلف عن أقرانه من الفئات الإجتماعية المعاصرة؟ ما هي الأسباب المباشرة لرفض المجتمع له او رفض الجماعات الإجتماعية لسلوكه الغير متوالف او متوافق مع السيرورة الحياتية ؟
تفرز الأسرة النواتية المجتمعية المتوافقة اجتماعياً أفراداً أسوياء يتوافقون مع اقرانهم ويجدون أنفسهم على خطى آخذة نحو المثالية والتطور المستمر، هذه الميكنيزمات تدفعهم للنظر للأمور كما هي حيث لا يشوبها التشويش او المغالطة، فالرؤية الثاقبة تسبقها بصيرة نافذة تحلل الأمور بعمق لتصل الى نتائج تتوافق مع الحقائق التي لا تقبل النقاش او الجدل، اما النموذج المعاكس اي الأسرة الغير متوافقة اجتماعيا، فإنها تنتج افراداً غير متوافقين إجتماعياً اي لا يندمجون مع المحيط والبيئة التي ينشأون فيها، كما تنتابهم رؤية مشوشة ومغلوطة لا يعرفون حقائق الأمور ولا يصلون الى نتائج تنسجم مع الحقائق العلمية القائمة في الحياة الإجتماعية، لا وبل ينفر منهم الجماعات الإجتماعية ويعتبرونهم غير اسوياء وغير قادرين على التوافق الإجتماعي ، فما هو السببب للإختلاف بين كلتا النموذجين الإجتماعيين؟
يمكن القول بكل بساطة ان حاجة الإنسان المستمرة للعلم والتزود بالمعرفة هي حاجة انسانية اجتماعية، وما لم يطلبها الإنسان فهو قد يلغي صفة الإنسانية عنه، فالنموذج الأول عاش مع طلب العلم والتزود بالمعرفة واعتبر نفسه جاهل على الرغم من مستواه العلمي المتقدم، أما النموذج الثاني فإنه اعتبر نفسه عالماً ولا حاجة له الى العلم والمعرفة اي اصابه الغرور والتكبر وأنه متفوق على بني أقرانه من البشر.
أخيرا يمكننا القول، اننا نصل بالعلم والمعرفة الى مسافات بعيدة في الحياة، فالثقة بالقدرات قد تفوق التصورات الإنسانية وكما يقول الكاتب احمد شوقي: " العلم يبني بيوتاً لا عماد لها والجهل يهدم بيوت العزّ والكرم."