بأقلامهم >بأقلامهم
"الحادث المريع"!
"الحادث المريع"! ‎الجمعة 15 03 2024 08:47 القاضي م جمال الحلو
"الحادث المريع"!

جنوبيات

يُحكى في الزّمن المعاصر حيث الطّعن يأتي في الخواصر، وحيث يشكّل الماضي دهشة أمام الحاضر، أنّ شخصين التقيا في رحلة سفر أحدهما يُدعى "المنطق" والآخر يُسمّى "القدر".

 وما إن وصلا إلى منتصف الطّريق حتّى حصل حادث سير مريع، فأصيب الجميع ونجا كلّ من المنطق والقدر بأعجوبة. وقد حاولا أن يكملا طريقهما سيرًا على الأقدام، إلى أن أتى الليل وحلّ الظّلام، فبحثا عن مأوى كي يبيتا ليلتهما ولكن بدون جدوى. 

فقرّر المنطق أن ينام بجانب شجرة. أمّا القدر فارتأى أن ينام في منتصف الشّارع. 

فقال له المنطق: ويحك يا هذا، أمجنون أنت؟ ستعرّض نفسك للموت المحتم. فمن الممكن أن تأتي سيّارة مسرعة وتدهسك بدون أن تتنبه لك! 

فأجابه القدر: ومن الممكن أن تأتي سيّارة فتراني وتنقذنا.

وبالفعل نام المنطق تحت الشّجرة، ونام القدر في منتصف الشّارع. وبعد حين من الوقت جاءت سيّارة مسرعة، فلمّا رأت أنّ هناك شخصًا في منتصف الشّارع حاولت التّوقّف فلم تفلح، فانحرفت باتّجاه الشّجرة ودهست المنطق، وعاش القدر!

هذا هو الواقع للأسف الشّديد، فالقدر يلعب دوره مع النّاس أحيانًا على الرّغم من مخالفته للمنطق، وذلك لأنّه نصيبهم. 

فعسى في تأخيرك عن سفر خير لك.

وعسى حرمانك من رزق معيّن وفي زمن محدّد يمنعك من ارتكاب معصية.

وعسى ردّك عن وظيفة مصلحة لمستقبلك.

وعسى حرمانك من طفل خير لك في وقتك الحاضر. 

"وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم، وعسى أن تحبّوا شيئًا وهو شرّ لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون".

اللهمّ اجعل أيّامنا القادمة نورًا يتجلّى علينا بضياء الهدى، وامنحنا السّلامة على طول المدى، واحفظنا دائمًا وأبدًا من كيد العدى، فإنّك على كلّ شيء قدير وبالاجابة جدير.

أجب دعاءنا بكرمك يا مولانا، والحمد لله ربّ العالمين.

المصدر : جنوبيات