بأقلامهم >بأقلامهم
"مضاعفة الحسنات"!
"مضاعفة الحسنات"! ‎الاثنين 15 04 2024 09:13 القاضي م جمال الحلو
"مضاعفة الحسنات"!

جنوبيات

يُحكى أنّ ﺃﻋﺮﺍبيًّا اشتُهر بالكرم يُدعى "جواد" وكان يجود على الفقراء والمحتاجين ممّا لديه حتّى ولو على حساب أهله ونفسه. 
وذات يوم قالت له زوجته: ليس لدينا من الطّعام والشّراب ما نتقوّى به وأولادنا على طاعة الله، خذ هذا السّوار الذي بقي لديّ، وبعه واجلب لنا ما نأكله. 
ذهب جواد إلى السّوق وباع السّوار بستّة دنانير، ولدى عودته إلى داره رآه أحد الفقراء وقال له:
أعطني ممّا أعطاك الله، فأعطاه دينارين، وبقي لديه أربعة دنانير. وما إن سار لبعض الوقت حتّى رآه محتاج آخر فقال له:
أعطني ممّا أعطاك الله، فأعطاه دينارين وبقي لديه ديناران. 
وما هي إلّا مسافة قليلة حتّى رآه مسكين آخر فقال له: 
أعطني ممّا أعطاك الله، فأعطاه جواد الدينارين الأخيرين ولم يبقَ لديه ما يشتريه لعياله. 
وما إن همّ بالمسير نحو البيت خالي الوفاض حتّى رآه رجل (يعرفه) يركب ناقة حمراء، فسلّم عليه وقال:
هل تشتري منّي هذه النّاقة يا جواد؟ 
أجابه جواد قائلاً: ليس لديّ ما أعطيك إيّاه ثمنًا لناقتك. 
عندها قال صاحب النّاقة: أبيعك إيّاها بمئة دينار وأمهلك بدفع الثّمن إلى الغد. 
فقبل جواد وسار بالنّاقة باتّجاه منزله، وقبيل وصوله شاهده أحدهم مع النّاقة، فسلّم عليه وقال:
هلّا بعتني هذه النّاقة الحمراء، وبكَم؟ 
أجابه: لقد اشتريتها بمئة دينار فبكم تشتريها؟ 
أجابه الرّجل: أشتريها منك بمئة وستّين ديناراً. 
رضي جواد وتمّت الصّفقة وأخذ المال، ومن فوره ذهب إلى من باعه النّاقة وأعطاه المئة دينار. ثمّ عرّج على السّوق فاشترى حاجات أهله، وذهب إلى داره. 
ولمّا وصل إلى البيت أخبر زوجته بالذي حصل فقالت:
"أرأيت يا زوجي كيف ربحت تجارتك مع الله، فالحسنة بعشر أمثالها، تصدّقت بستّة فرزقك الله بستّين". 
يقول الله تعالى في محكم تنزيله:
"من ذا الذي يقرض الله قرضًا حسنًا فيضاعفه له أضعافاً كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون".
كما قال جلّ في علاه:
"من ذا الذي يقرض الله قرضًا حسنًا فيضاعفه له وله أجر كريم".
(صدق الله العظيم). 
سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، الذي تفضّل على عباده بالخير العميم، فإن كنت كريمًا، فإنّ الله أكرم الأكرمين، وإن كنت رحيمًا، فإنّ الله أرحم الراحمين، وإن فعلت الخير ابتغاء مرضاة الله، فإنّ الله يضاعفه لك أضعافًا كثيرة، ويمدّك من معين فضله الذي لا ينضب.

المصدر : جنوبيات