بأقلامهم >بأقلامهم
بقلم محمود جمال الدين
جنوبيات
من كان يصدق ان رحلة عمر ستجمعني على مدى عقود ستة مع ذاك العامل النحيل في معمل جبر للنسيج الذي جسد في تلك الرحلة كل معاني التفاني في سبيل حقوق الفقراء وكرامة الوطن... بل كل قيم الوفاء النقي للمبادئ ولرفاق الدرب...
لقد كان محمود جمال الدين ابن بلدة مقنة البقاعية والمقيم انذاك في حي بعجور في محلة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية الذي حول منزله المتواضع الى خلية عمل نقابي ونضال قومي في سبيل وحدة لبنان وعروبة الامة ومقاومة الصهاينة والعدالة بين الناس... رمزا لعطاء دون منة، ولايمان دون حدود، ولالتزام دون مطامع، ولكفاح دون استعراض..
لم يكن ابو محمد مجرد اخ صادق او رفيق مخلص او صديق وفي... بل كان بالاضافة الى كل ذلك مناضلا نقابيا ومقاوما مؤمنا عرفته تظاهرات مطلبية. ومهرجانات وطنية ومعسكرات فدائية فلم يغب يوما عن تلببة نداء الوجب، او يتخلف بذرائع يجيدها عادة ناقصو الايمان بمبادئ امتهم.
كان ابو محمد ابن اسرة مناضلة ضمت اليه عددا من الرفاق يتقدمهم كبيرهم (ابو عماد) محمد جمال الدين الذي كان نموذجا للعطاء النضالي والالتزام الاخلاقي... وكان الراحل ابا لشباب زرع فيهم حب وطنهم وفضائل النخوة والشهامة وعلو الهمة.
كان ابو محمد طيب المعشر قريبا الى القلب، حاضر البديهة، صاحب نكتة واذكر انني في كل مرة كنت استعير قلمه لكتابة مقال او بيان كان يقول ضاحكا.. "غدا سيقول الناس هذا المقال او البيان كتب بقلم محمود جمال الدين."
ولكنه لم يكن يعرف ان اجمل مقالات الوفاء والعطاء هي التي كتبها بالفعل بمداد قلبه وبنقاء سيرته..