مقالات مختارة >مقالات مختارة
ذكرى اتفاق 17 أيار وأهمية دور الرئيس بري في إسقاط كل اتفاقات الذلّ والعار
الثلاثاء 21 05 2024 07:56المحامي أسامة العرب
إن السابع عشر من أيار 1983 تاريخ لا يُنسى ولا يُمحى من ذاكرة لبنان، لأنه كان الحد الفاصل في التوجه والهوية التي كان سيرسو عليها لبنان بعد اتفاق الذل والعار الذي حاول وضع لبنان تحت الهيمنة والسيطرة الإسرائيلية ليكون خاضعاً مسلوب الإرادة، ولكان هذا الوطن تابعاً وخارج انتمائه لو لم تتوافر له قامات وطنية شامخة قادها رئيس حركة أمل دولة الرئيس نبيه بري، وإرادة مقاوِمة صلبة أسقطت في اللحظة المناسبة اتفاق انصياع لبنان للمخططات الصهيونية، وثبتت هوية لبنان العربي المقاوم، الذي استطاع بهذا النهج والانتماء أن يؤكد أن الإرادة الوطنية المقاومة تستطيع الانتصار ودحر العدوان.
فلسفته في بناء الدولة أسّست وتؤسّس لمرحلة جديدة من العمل التحرّري والتّحريري. كما أنّ إيمان الرئيس بلبنان اللاطائفي، هو الذي دفعه لأن يحارب تقسيم المناطق على أسس مذهبية وطائفية، خصوصاً في العاصمة بيروت، ويسعى جاهداً لتأسيس الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية من أجل إنهاء تقسيم المناصب والمراكز القيادية في البلد على أسس عشائرية وقبليّة ولّى عليها الزمن وانطوى. وفي حضرة الرئيس تجتمع شخصيات وطنية لا طائفية ولا مذهبية، تأبى إحداها أن تسأل الأخرى ما هو انتماؤك أو دينك أو طائفتك أو مذهبك، دونما النظر إلى دولته بأنه رئيس من لون معيّن، أو من طائفة معينة أو من مذهب معيّن، وإنما رئيس لبناني بامتياز، يؤسّس لمرحلة جديدة من الزمن.
كما أدّى الرئيس بري ويؤدّي اليوم قسطه الأكبر في المقاومة وفي تحرير واستكمال تحرير ما تبقّى من أراضٍ محتلة إسرائيلياً في الجنوب، وصدّ الانتهاكات الإسرائيلية البرية والبحرية والجوية لوطننا الحبيب لبنان، كما أدّت مواقفه العربية والإسلامية المشرّفة، ومواقفه اللبنانية التي ترفع الرأس إلى إحداث نقلة نوعية بالعمل السياسي في لبنان، ذلك أنّ الرئيس نبيه بري يتعاطى مع كلّ اللبنانيين على أساس أنهم لبنانيون وحسب، وليسوا مجرد مسيحيين أو مسلمين، أو أبناء هذا المذهب أو ذاك، فدولة الرئيس لا يعرف الطائفية أبداً، وهو المتخرج من ثانوية الإمام علي بن أبي طالب التابعة للمقاصد الخيرية الإسلامية والمتخرج من الجامعة اللبنانية وجامعة باريس الأولى السوربون، وقريب دوماً من عموم المسيحيين والمسلمين ويداريهم مع الأخذ بعين الاعتبار هواجسهم.
وقد كان الرئيس بري أوّل رئيس عربي تجرّأ في السابق على مهاجمة تخاذل الحكام العرب عن القضايا المحقّة، وفي مطلعها القضية المركزية فلسطين وغزة، وأول رئيس تصدّى لرداءة قرارات الجامعة العربية ولفقدانها صفتها الأساس، والتي هي أنها من المفترض أن تكون جامعة لكل العرب غير مفرّقة لهم.
ونحن في زمن تختلط على الكثيرين الجهات والاتجاهات، لذلك كان خيار الرئيس بري ومحبيه ولا يزال، الثبات والإقدام والصمود والتحدّي، وأن يكون على أهبّة الاستعداد والجهوزية للدفاع عن وطننا، أسوةً بما حصل في السادس من شباط 1984 الذي أسّس لإسقاط 17 أيار، وحفظ كل تلك الإنجازات تحت سقف القانون والدستور وحافظ على سلمنا الأهلي والعيش الواحد وتمسّكنا بالمقاومة ثقافة ونهجاً في مواجهة عدوانية إسرائيل وأطماعها، ليبقى لبنان نقطة انتصار لا إنكسار، وهذا كله بفضل الهامة الوطنية الكبرى دولة الرئيس نبيه بري، الذي منع المتربصين بلبنان شراً أن يستبيحوه ويستضعفوه ويشرذموه.
وإننا إذ نحيّي مساعي الرئيس بري للمسارعة بانتخاب رئيس جمهورية جديد في أسرع وقت ممكن، وبالتعاون مع اللجنة الخماسية والدول الصديقة، لحماية وطننا من جميع المشاريع الفتنوية التي تحاك له، لا سيما أن الرئيس بري يجمع دوماً في دارته سفراء أهم الدول ونخبة من رجال الفكر والمؤسسات من كلّ الطوائف والمذاهب ليبني الدولة اللبنانية القوية القادرة، لأن مشروعه مستوحى من قِيَم الإمام الحسين الإنسانية العابرة للطوائف والمذاهب، والجامعة لمعرفة الحق والإصلاح والعدالة لأحرار العالم كلّهم؛ ومستوحى أيضاً من قِيَم الإمام القائد السيد موسى الصدر الذي كان يقول: «وحدها المقاومة تعطي الأمل بالإنتصار»، وهكذا حصل، وهكذا سقط اتفاق ١٧ أيار المشؤوم وجميع مشاريع فدرلة وتقسيم لبنان طائفياً ومذهبياً.
وختاماً، في ذكرى إسقاط اتفاق 17 أيار المشؤوم، نعود ونؤكد على دور الرئيس بري العربي الطبيعي والطليعي بمقاومة كل المشاريع الصهيونية، وكل المؤامرات والمخططات التي تستهدف لبنان؛ وعلى حاجتنا إلى تضافر وتعاون وتضامن جميع الوطنيين الأحرار الشرفاء لكي ننتخب رئيس جمهورية جديد وننهي أزماتنا المتعددة الحادة، لا سيما الأزمة الاقتصادية والمالية والمعيشية والاجتماعية المقلقة والخطيرة.
إن الضمانة اليوم هي الرئيس بري، ومساعي اللجنة الخماسية المشكورة، فبدونهما لا يمكن أن نستعيد الثقة بدولة المؤسسات ونحرر لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية والارتهان للخارج، ومن وضعنا مجدداً تحت الهيمنة الإسرائيلية كما جرى في زمن اتفاق العار، زمن اتفاق 17 أيار.