عام >عام
"قانون التسوية" الإسرائيلي.. شرعنة لسلب الأراضي الفلسطينية
هل تستطيع السلطة الوطنية والمجتمع الدولي إبطاله؟!
الاثنين 13 02 2017 09:42هيثم زعيتر
تُمعِن سلطات الاحتلال الإسرائيلي باستغلال الظروف السياسية لتنفيذ مخطّطها الصهيوني، وتحقيق حلم يهودية الدولة، وذلك من خلال خطوات متعدّدة تُقدِم عليها، قضماً للأراضي، وتهجيراً للفلسطينيين، خاصة في القدس الشرقية، والأراضي المحتلة منذ العام 1948 والنقب، فضلاً عن الضفّة الغربية، عبر سَنّ قوانين، وإصدار تشريعات تؤدي إلى السيطرة الصهيونية، وتحقيق مطامع المستوطنين، الذين أصبحوا رقماً في ميزان السياسة الإسرائيلية.
وتأتي مصادقة الكنيست الإسرائيلي على "قانون التسوية"، ليشرعن سلب الأراضي الفلسطينية لصالح الكيان الغاصب، بهدف الإطباق على الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهو ما يتعارض مع القرارات الدولية، وآخرها قرار "مجلس الأمن الدولي" الرقم 2334، كما لا يعترف بدور المجتمع الدولي.
وأيضاً تُشكّل انتهاكاً للقانون الدولي، وجريمة حرب يُعاقب عليها من قِبل "المحكمة الجنائية العليا" في لاهاي، التي أصبحت فلسطين عضواً فيها (اعتباراً من 7 كانون الثاني 2015)، وذلك بعدما كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد وقّع على وثائق الانضمام إليها (31 كانون الأوّل 2014)، ما أتاح للمحكمة فتح قضايا حول جرائم خطيرة ارتكبت على الأراضي الفلسطينية.
وتنشط القيادة الفلسطينية من أجل الضغط على المجتمع الدولي للعمل على تنفيذ القرارات، ومنع الاحتلال من الاستمرار في سياسة التوغّل الاستيطاني، لأنّ ذلك سيوقف نهائياً عملية التفاوض والسلام بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية.
وتشجّع الإدارة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب، بناء المستوطنات، وتعتبر أنّها ليست عائقاً أمام التفاوض، وإنْ كان الرئيس الأميركي قد رأى أنّ "التوسّع الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية لا يخدم السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لأن الأرض المتبقية محدودة، وفي كل مرّة يتم استخدام الأرض للمستوطنات تتقلّص الأرض المتبقية، وأعتقد بأنّ توسيع المستوطنات ليس أمراً جيداً للسلام"، ولم تعلّق على مصادقة الكنيست على القانون، منتظرة قرار "المحكمة العليا" الإسرائيلية بهذا الشأن.
بينما تعتبر غالبية دول العالم أنّ ذلك تعدٍ صارخ على القيادة الفلسطينية، لأنّه يجزم بأنّ لا دولة فلسطينية، بل يقطع الطريق على آمال فرصة حلّ الدولتين.
ويعتبر الاحتلال أنّ الأراضي التي تدخل ضمن "قانون التسوية" هي أراضٍ متنازع عليها ومتعلّقة بحالات قائمة، وليس ترخيصاً لمصادرة أراضٍ، وأنّ المستوطنات جزء من المنظومة الأمنية القانونية القومية التطوّرية الإسرائيلية، وتبعية المواطنين الفلسطينيين للاحتلال، وأنّه لا توجد دولة فلسطينية، بل إدارات تقوم بوظائفها الإدارية فقط.
وتحرّكت وزارة الخارجية الإسرائيلية بتعميم رسائل إلى ممثلياتها في أنحاء العالم، داعية سفراءها إلى التشديد في أحاديثهم مع دبلوماسيين وأعضاء البرلمانات وللصحافيين على أنّ "قانون التسوية" سيتم فحصه من قبل "المحكمة العليا" الإسرائيلية.
وسيسلب هذا القانون أراضٍ في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بحيث تشمل: 474 وحدة مستوطنة، 184 مستوطنة، 171 بؤرة استيطانية، 26 موقعاً استيطانياً، 93 منزلاً مسيطر عليها بالكامل أو جزئياً في الضفة الغربية، وهناك 30 مستوطنة في القدس (15 في الجزء الشرقي و15 في الجزء الغربي).
وكان قد جرى طرح "قانون التسوية" من أجل استعجال إقراره، ومرَّ بعدّة مراحل في الكنيست:
1- الخطوة التمهيدية، حيث تمّ إقراره من قبل لجنة الكنيست، وتمّ التصويت عليه بمشاركة الحكومة.
2- قبوله بالقراءتين الثانية والثالثة في الكنيست بتأييد 60 عضواً ومعارضة 52، فيما لم يصوّت 8 أعضاء تغيّبوا، ومنهم بنيامين نتنياهو.
وفي ضوء التصويت على القرار بالقراءتين الثانية والثالثة يصبح ساري المفعول، ويجيز للمستوطنين الاستيلاء على أملاك فلسطينية، وإذا ما رفع أحد الفلسطينيين دعوى قضائية بخصوص هذه الأراضي، فإنّه بموجب "قانون التسوية" لن تصدر الشرطة الإسرائيلية أي قرار بهذا الخصوص.
وفي موقف يكشف خطورة هذا القانون، ويُظهِر التباين بين سلطة الاحتلال والقضاء، أعلن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيحاي مندلبليت، عن أنّه سيقف في "المحكمة العليا" لمواجهة الحكومة ضد "قانون التسوية".
من جهته، عرض رئيس الكيان الإسرائيلي رؤوبين ريفلين "قانون التسوية"، مبدياً تخوّفه من أنْ تؤدي المصادقة على القانون إلى ظهور إسرائيل "دولة أبرتهايد"، لأنّه يمنع على حكومة إسرائيل فرض قوانين الكنيست على المناطق غير الخاضعة لسيادتها.
كذلك أعرب ريفلين عن معارضته لتشريع "فقرة التغلّب" التي يمكن لليمين المتطرّف المطالبة بها إذا ألغت "المحكمة العليا" قانون المصادرة، وهذه الفقرة تمكّن الكنيست من إعادة سن قوانين ألغتها "المحكمة العليا"، وتقييد قدرة المحكمة على إعادة إلغاء القوانين، وذلك من خلال التحديد بأنّ إجراء نقاش في المحكمة حول قوانين الكنيست يجب أنْ يجري أمام 11 قاضياً، وأنْ يؤيّد 9 على الأقل قرار الإلغاء، كما تسمح الفقرة للكنيست بأنْ تعيد سن القانون لفترة محدودة.
وتتوقع الكنيست والحكومة أنْ تلغي "المحكمة العليا" القانون، وفي مثل هذه الحالة، ستطالب "كتلة البيت اليهودي" بتفعيل "فقرة التغلّب".
فهل تستطيع السلطة الوطنية الفلسطينية، كما المجتمع الدولي، التصدّي لهذا القانون، ويتمكّنان من إبطاله بعدما ثبتت معارضته لمختلف النصوص والأعراف؟!