بأقلامهم >بأقلامهم
رحيل عالِم اللسانيات والمنطق نعوم تشومسكي!
رحل البارحة، عالِم اللسانيات والمنطق الأميركي نعوم تشومسكي، عن عمر ناهز 95 عاماً، إثر إصابته بجلطة دماغية حادة، أُدخل بسببها إلى مستشفى في البرازيل (موطن زوجته)، وهو الذي عُرفت عنه مواقفه المعارضة للسياسة الأميركيّة، فيما منعته إسرائيل من الدخول إلى الأراضي المحتلة.
بتاريخ 14/05/2006، استضاف المجلس الثقافي للبنان الجنوبي في مقره في النبطية البروفسور نعوم إفرام تشومسكي حيث تحدث حول السياسة الخارجية الأميركية، وقدم له المفكر والكاتب فواز طرابلسي بحضور الأمين العام للمجلس الأديب الراحل الأستاذ حبيب صادق والأديب الروائي الراحل جواد صيداوي والمفكر والأديب كريم مروة والكاتب حسن الزين.
هو من أهم الشخصيات الثقافية على مستوى العالم، وأهم عالم لغويّات معاصر، وأحد أكثر العلماء تأثيرًا في علم اللغويات الحديث، وقد استخدمت نظرياته اللغوية بكثرة في علوم الاتصالات وعلوم الحاسب الآلي. بيد أن هذا الجانب العلمي لا يمثل الجانب الأهم في تشومسكي؛ فيكفي أن نعرف أنه أهم "المنشقين" في الولايات المتحدة الأميركية. وقد نعتته منظمة "بناي بريث" (أبناء العهد) اليهودية ذات الميول الصهيونية- بأنه أشد مواطني الولايات المتحدة الأميركية عداءً لإسرائيل. ووصفه البعض بأنه يهودي يكره ذاته.
ولد نعوم إفرام تشومسكي العام 1928 وحصل على درجته العلمية في اللغويات العام 1951 من جامعة بنسلفانيا. بعدئذ في بداية الخمسينيات سافر إلى فلسطين المحتلة ليعيش مدة في أحد الكيوبوتزات حيث اعتقد في الطبيعة الاشتراكية والإنسانية لحركة الكيبوتز. بيد أن الغشاوة انقشعت بسرعة عن عينيه وترك "إسرائيل" وعاد إلى الولايات المتحدة؛ حيث عمل في العام 1955 في جامعة هارفارد، ثم انتقل ليعمل في معهد ماساتشوستس للتكنولوجياM .I.T.
في العام 1957 نشر مؤلّفه الهام "البناء السياقي" الذي أحدث ثورة في علم اللغويات الحديث، واعتبر التجاوز الأساسي للبنيويّة في مجال اللغويّات. ومن أهم أعماله الأخرى في هذا المجال سنجد "اللغة والعقل" و"بعض جوانب نظريّة السياق" و"القواعد والتمثيلات" و"دراسات سيمانطيقية في النحو التوليدي".
ويشابه تشومسكي هنا اللغويين الإسلاميين في صدر الإسلام مثل: ابن جنى والعسكري والجرجاني في رؤيتهم للغة على أنها هبة من الله للإنسان، حيث يرى تشومسكي أن لغة الفرد العادية هي عملية إبداعية، وأن كل كلام هو تجديد في ذاته، فاللغة ملكة إنسانية وهي ملكة تؤنس الإنسان أيضًا.
بيد أن الجانب الأهم بالنسبة لنا كعرب ومسلمين فيما يخص تشومسكي هو أنه من أشد المدافعين عن القضايا العربية في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن أشد نقّاد السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. وهو يصف هذه السياسة بأنّها ضالة ومضللة، وخادمة وتكيل بمكيالين، وقد تؤدّي بالعالم إلى الدمار الكونيّ؛ لأنّ الشرق الأوسط من المناطق شديدة الالتهاب في العالم.
ولتشومسكي عدة كتب تنتقد السياسة الأميركية في الشرق الأوسط منها "السلام في الشرق الأوسط" و"مثلث المقادير" و "قراصنة وقياصرة" و "ثقافة الإرهاب" و "أوهام ضرورية" و"الديمقراطية المعوَّقة" وغيرها.