فشلت القوة الامنية الفلسطينية، في اداء مهمتها بضبط الوضع الامني في مخيم عين الحلوة، المخيم الذي شكل على مدى السنوات الماضية، بؤرة ملتهبة بالاحداث الامنية بمختلف مستوياتها، ولم تنجح في ابعاد المخيم عن الجولات الماراثونية من التفجيرات والاشتباكات وعمليات الاغتيال، والتي تحصد في كل جولة... عشرات الضحايا.
استقال قائد القوة اللواء منير المقدح، بسبب عجز القوة عن تأدية مهامها، بعد ان اصطدمت الخطة الامنية التي اسندت اليها القوة، بعوائق عديدة منعت القوة في ان تتحول قوة ضاربة او فاعلة، وعلَّقت حركة «فتح» التي ينتمي اليها المقدح، مشاركتها في القوة الامنية، وهي المشاركة التي ترتكز اليها القوة بسبب الدعم الاساسي الذي تقدمه، لناحية العديد والعتاد والتمويل المالي لقوة متفرغة بالكامل في صفوف القوة، والتحقت بها فصائل مشاركة في القوة، لارتباط تلك الفصائل بصورة وثيقة مع حركة «فتح»، فيما تراجعت «همة» القوى الاسلامية التي يأخذ عليها البعض من القوى الفلسطينية، انها لم تُبد اي نية لرفع الغطاء عن الجماعات المسلحة التي تقف وراء مسلسل الاغتيالات والاشتباكات، والتي اقامت لها مربعات امنية في عدد كبير من احياء المخيم، فعلقت حركة «فتح» مشاركتها في القوة الامنية الفلسطينية، في وقت اُجهضت فيه المساعي والجهود التي حُكي عنها، ومنها اطلاق خطة امنية حاسمة للمخيم، بالتعاون والتنسيق مع الجيش اللبناني الذي اوقف العمل في الجدار الاسمنتي حول المخيم، في مقابل تولي القوى والفصائل الفلسطينية في المخيم مسؤولية حفظ الامن وتسليم المطلوبين من المتورطين في عمليات ارهابية، وهم من اللبنانيين والفلسطينيين لجأوا الى داخل المخيم واقاموا في مربعات امنية تابعة لجماعات مرتبطة بتنظيمات ارهابية تقاتل في سوريا والعراق.
وسط هذه الاجواء الضبابية التي تلف اكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان من حيث الكثافة السكانية ( 65 ألف لاجىء فلسطيني، اُضيف اليهم 7 آلاف فلسطيني نزحوا من مخيمات سوريا)، تتزايد المخاوف من ان ما يجري سيزيد من خطورة الوضع الامني المتوتر، وسيقلب كل الحسابات، وستفتح شهية الجماعات الموالية للتنظيمات الارهابية، على ادخال المخيم مجددا في مسلسل امني، تطال تداعياته الساحة اللبنانية.
وعلى الرغم من ان ثمة من يرى ان الاسباب التي دفعت بالطرف الاساس في الشارع الفلسطيني والذي تمثله حركة «فتح» الى «فرط» القوة العسكرية التي فرضت تشكليها عمليات الاغتيال ومسلسل الاشتباكات المسلحة بين حركة «فتح» والجماعات المسلحة التي تتمركز داخل مربعات امنية مقفلة، هي اسباب تتعلق بمدى جهوزية بقية القوى الفلسطينية للوصول الى حسم عسكري مع الجماعات التي تصر على ابقاء المخيم بؤرة امنية، تثقل المخيم وسكانه بضحايا وخسائر مع كل جولة اقتتال، وتضع المخيم على الدوام تحت المجهر الامني، جراء تداعيات ما يحصل في المخيم على خارجه، وسط اجماع فلسطيني على ان لبنان الرسمي لم يعد باستطاعته تحمل اوضاع امنية غير مستقرة في الداخل اللبناني، بما فيها المخيمات الفلسطينية، وبخاصة مخيم عين الحلوة، وهو ما عبر عنه الجيش اللبناني باقامة سياج اسمنتي يفصل المخيم عن محيطه.
ثمة من يفسر وصول الامور الامنية في مخيم عين الحلوة، الى هذا المستوى من الاستقالة الجماعية الفلسطينية من مسؤوليات تفرضها تعقيدات الاوضاع السائدة في البلد، حيث يرى فيها معظم قيادات الفلصائل، على انها تعبير عن عجز والصعوبات في ايجاد الحلول لضمان امن المخيم وحماية سكانه، سيما وان الامور تتجه نحو المزيد من التعقيد الامني، بعد ان التزمت الفصائل الفلسطينية مع قيادة الجيش اللبناني بوضع تصور عن خطة امنية ناجعة، بحيث تشكل البديل الامني للجدار الاسمنتي الذي شيد الجيش اقساما واسعة منه، ليوقف العمل فيه بناء لطلب القوى الفلسطينية التي بقيت عاجزة عن توقيف اي مطلوب للجيش اللبناني او للقضاء، من افراد المجموعات المرتبطة بشبكات ارهابية تورطت بعمليات امنية استهدفت الجيش اللبناني ومناطق سكنية.
ان خطوة حل القوة الامنية في المخيم، برأي قيادي فلسطيني رفيع، سيطرح بقوة العمل على اعداد خطة امنية تتولاها قوة امنية فلسطينية تعطى اوسع الصلاحيات للامساك بالوضع الامني في المخيم، بعيدا عن اي وصاية او ضغوط من اي طرف كان، وتلائم متطلبات الامن اللبناني الذي يعمل عليه الجيش اللبناني من خلال حلحلة امنية لبعض الملفات الامنية البعيدة عن الارهاب، والا فاننا نكون قد اعدنا تجربة الفشل والعجز عن حماية مخيماتنا وشعبنا، ونفقد المصداقية امام اخوتنا اللبنانيين. ويهمس القيادي نفسه الى ان القيادات الفلسطينية سمعت كلاما واضحا من ضباط في الجيش اللبناني، اكدوا على ان اي خطة امنية لا تمسك بملف الارهابيين الوافدين من خارج المخيم، وبخاصة اللبنانيين الذين في مربعات امنية لمجموعات ارهابية، وهم تورطوا في عمليات ارهابية موصوفة، فانما ستكون كسابقاتها عقيمة ولا تنتج حلا امنيا ناجحا، والمطلوب من الجانب الفلسطيني الاسراع في وضع مثل هذه الخطة.
في التجربة السابقة للقوة الامنية المشتركة، يقول القيادي، الجميع يتحمل مسؤولية الفشل، لان الوضع الامني في المخيم اُدير بالتراضي، بحيث لم تستطع القوة، وخلال مرحلة عملها ان تسوق متورطا في عمل امني او متهما قام بعملية اغتيال او القاء قنبلة للتحقيق، الان الجميع امام مسؤولياته في اعادة النظر، وبالفعل، يجري التحضير وبشكل جدي وسريع عن تشكيل قوة امنية فاعلة ترتكز على معالجة اي اشكال امني بالقوة، وفي اي حي من احياء المخيم، بحيث لا يكون هناك مربعات امنية مقفلة بوجهها، وبالتالي تستطيع القوة توقيف كل مخل بالامن وتسليمه الى السلطات اللبنانية، هذه هي الرؤية الناجعة لعمل اي قوة امنية فلسطينية تكلف بحفظ الامن في المخيم الذي ينبغي ان يكون بقعة جغرافية واحدة، لا مربعات امنية داخله. ويكشف الى ان هناك تنسيقا رفيعا بين الفصائل والجيش اللبناني، ولكن... يقول القيادي، الجيش يريد قوة امنية فلسطينية فاعلة ومنتجة، تستطيع الامساك بالوضع الامني في المخيم.