بأقلامهم >بأقلامهم
بالنظام - ما بعد الفشل
بالنظام - ما بعد الفشل ‎الجمعة 16 08 2024 09:28 زياد شبيب
بالنظام - ما بعد الفشل

جنوبيات

عندما تنتهي الأزمة الحالية وتسكت آلة الحرب ويعود الجميع إلى الداخل سوف يتفاقم الخلاف، وفي اليوم التالي للحرب سوف يجد اللبنانيون أن الإجابة على الأسئلة والإشكاليات الأساسية المتعلقة بإدارة البلد ازدادت إلحاحاً. وذلك في ظروف أكثر صعوبة وفداحةً بسبب الخسائر المتراكمة في الجنوب وسائر المناطق.

صفة الفشل تنطبق على الجماعة الحاكمة في لبنان بجميع أطرافها. وهي تشمل الأحزاب والكيانات السياسية والتيارات والشخصيات التي تتولى مناصب دستورية أو تمتلك نفوذاً وتأثيراً على عمل الدولة وفي عملية صناعة القرار الحكومي أو النيابي أكان ذلك عبر القدرة على الاستحصال على القرارات الحكومية أو الأعمال النيابية أو على تعطيلها، وسواء أكان ذلك النفوذ ناجماً عن تمثيل نيابي أو عن نفوذ مستمد من عناصر قوة من خارج المؤسسات. وهي تشمل القوى والشخصيات التي تتخذ لنفسها صفة المعارضة أو التي لا تتخذ لنفسها هذه الصفة ولكنها تعارض الحكومة الحالية أو تمتنع عن المشاركة بأعمالها رغم انتمائها إليها.
الجميع فشل في القيام بمهامه بصرف النظر عن كيفية توليها. المؤسسات الدستورية أو من يتولون إدارتها، ولا سيما السلطتان التشريعية والتنفيذية، كلاهما فشل في القيام بمهامه الأساسية والبديهية، وهو استمرار لفشل مزمن أوصل البلد إلى الحال التي يقبع فيها.
المجلس النيابي فشل في انتخاب رئيس للجمهورية وبالتالي في تكوين المؤسسسات الدستورية الذي كان واجب الحصول بما يعكس نتائج الانتخابات النيابية التي تعبّر نظرياً عن إرادة اللبنانيين. وغنيٌّ عن التذكير أن الأكثرية المنتفضة من الشعب اللبناني على المآسي التي يعيشها البلد قد فشلت في إحداث التغيير الذي طمحت إليه أو نادت به ذات تشرين من العام 2019.
الحكومة فشلت في كل شيء تقريباً، فشلت بالخروج من الأزمة المالية المصرفية أو بالحدّ من آثارها الكارثية أو بالقيام بمحاولة جدّية للإنقاذ لا تقوم على حساب المودعين. وفشلت بممارسة واجبها في تصريف أعمال الحكم وانكفأت عن بديهيات هذا العمل، مكتفيةً بممارسة دور شكلي في كل المواضيع ولا سيما في موضوع الحرب وبشأن المخاطر المحدقة بلبنان ولم تقم سوى بالاتصالات غير المجدية وغير المؤثرة وباستقبال الموفدين ونقل الرسائل أو التعبير عن موقف حزب الله دون الإقدام على الأقل على تبنّي ذلك الموقف بطريقة رسمية في المؤسسات، وفشلت بإبعاد شبح الحرب وباتخاذ أي قرار بشأنها، أو بالاستعداد لها أو تأمين مقومات مواجهتها من قبل اللبنانيين وتخفيف آثارها عليهم.
قبل أزمة الحرب الحالية كانت القوى السياسية التي تتكون منها الجماعة الحاكمة قد أثبتت فشلها في إدارة البلد وأوصلته إلى الانهيار وفشلت في تحقيق أي من الشعارات التي تطلقها. وعند انتهاء الحرب سوف تواجه تلك القوى أسئلة أساسية كل من موقعه. حزب الله سوف يواجه اتهام معارضيه وأبناء بيئته بالفشل في حمايتهم وحماية لبنان وفي تحرير الأراضي المحتلة رغم تأكيده القدرة على ذلك، والقوى السياسية الممثلة في الحكومة التي تحضر أو لا تحضر اجتماعاتها، سوف تواجه الاتهام بالفشل في إدارة المرحلة وحماية اللبنانيين ورفع الضرر عنهم. والقوى التي تمارس دور المعارضة سوف تواجه الاتهام بالفشل والعجز عن الاتفاق في ما بينها أو المبادرة أو التغيير والفشل في تقديم النموذج البديل، وبعض تلك المعارضة سيواجه الاتهام بالخيانة والتماهي مع مواقف العدو مع ما يترتب على ذلك من مخاطر وما يثيره من مخاوف.
مخاطر اليوم التالي على لبنان قد تكون أكبر من اليوم الحاضر، وعلى الجميع الاستعداد لمواجهتها.
 

المصدر : النهار