فلسطينيات >داخل فلسطين
رئيس الوزراء الفلسطيني د. مصطفى: خطة لليوم التالي لغزة الطريق إلى الأمام لن يكون سهلاً، لكنه في متناول اليد
رئيس الوزراء الفلسطيني د. مصطفى: خطة لليوم التالي لغزة الطريق إلى الأمام لن يكون سهلاً، لكنه في متناول اليد ‎الخميس 12 09 2024 20:07
رئيس الوزراء الفلسطيني د. مصطفى: خطة لليوم التالي لغزة الطريق إلى الأمام لن يكون سهلاً، لكنه في متناول اليد

جنوبيات

قبل خمسة أسابيع، مرت 300 يوم من الحرب على غزة، إنّ مثل هذه المستويات من القتل الجماعي والدمار والتشريد القسري والتجويع لشعبنا غير مسبوقة في التاريخ الحديث.
في غزة، يهيمن الخوف واليأس مع سقوط القنابل بلا هوادة، حيث تتجمع العائلات معًا في ملاجئ مؤقتة، بينما تحولت منازلها إلى أنقاض، وأصبحت المدارس والمستشفيات، التي كانت ملاذًا آمنًا ذات يوم، من ضمن الأهداف، حيث تخترق صرخات الرعب التي يطلقها الأطفال الليل، بينما يكافح الآباء لحمايتهم، وبينما تنتشر رائحة الموت في الهواء، مع الدفن السريع الذي لا يوفر سوى القليل من الكرامة، كما يشتد الجوع والحرمان، مع ندرة الغذاء والمياه النظيفة والإمدادات الطبية وتناقصها، إن جرائم الحرب والمذابح تثقل كاهل شعب عانى طويلاً للغاية.
ومع ذلك، وسط هذا الدمار، هناك قدرة على الصمود ورفض للاستسلام لليأس، فلابد أن تنتهي هذه المعاناة، التي هي نتيجة للحرب والاحتلال المطول، حتى يتسنى تحقيق السلام والاستقرار.
ومنذ تشكيلها في نيسان/إبريل 2024، تعمل حكومتي بلا كلل على استقرار الوضع المتدهور في الضفة الغربية في حين تستعد أيضاً "لليوم التالي" في قطاع غزة، ونحن ملتزمون برفاه وأمن وكرامة شعبنا، وقيادة جهود التعافي وإعادة الإعمار بمجرد التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، حيث سيتم ذلك بالتوازي مع مواصلة تنفيذ الإصلاحات الأساسية لتعزيز أسس الدولة الفلسطينية المستقلة.
ومع التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، تقف الحكومة الفلسطينية على أهبة الاستعداد لاستئناف المسؤولية عن قطاع غزة، وقيادة الجهود الرامية إلى دمج الحكم بشكل كامل في كل من غزة والضفة الغربية، وهذا التكامل ضروري ليس فقط للإغاثة الفعّالة والتعافي وإعادة الإعمار في غزة، بل وأيضاً كخطوة نحو الهدف الأوسع المتمثل في تحقيق اتفاق سياسي دائم يتماشى مع القانون الدولي وحل الدولتين.
إن رؤيتنا "فلسطين واحدة"، والتي تنبع من وحدة الشعب الفلسطيني وهويتنا المشتركة، تشكل جوهر هذا الجهد، وبينما نسعى بثبات إلى إنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي وتحقيق حقنا في تقرير المصير، فإن هذه المبادئ ستوجه إعادة بناء غزة وإدارتها، ومعالجة الأزمة الإنسانية غير المسبوقة وإرساء الأساس للسلام والاستقرار الدائمين.
غير أننا لا نستطيع تحقيق ذلك بمفردنا، فالدمار الشامل واحتياجات التعافي الهائلة في غزة تتطلب استجابة منسقة وقوية من المجتمع الدولي، إن حكم غزة، واستعادة الخدمات الأساسية، وإعادة بناء المنازل والبنية الأساسية، واستقرار حياة وسبل عيش شعبنا سيتطلب التزاماً ودعماً دوليين كبيرين، وبدون التضامن والعمل العالميين، فإن الطريق إلى التعافي والسلام الدائم سيكون بعيد المنال.
إن دعم وتسهيل حكومة فلسطينية غير حزبية أمر بالغ الأهمية لحكم وخدمة شعبنا في جميع أنحاء غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، كما أن تمكين السلطة الفلسطينية من تقديم حكم مستجيب وشفاف وخاضع للمساءلة هو المسار الشرعي الوحيد والقابل للتطبيق للمضي قدماً، فهذا النهج ضروري ليس فقط لإعادة بناء غزة، بل وأيضاً لضمان تحرك المنطقة الأوسع نحو مستقبل منصف وعادل ومزدهر.
إن خطتنا لليوم التالي لحكم غزة تشكل جزءاً من جهد أوسع نطاقاً لتمكين الحكومة الفلسطينية، وإعادة بناء الثقة بين مواطنينا، وتعزيز أسس الديمقراطية على المستويين المحلي والوطني، وهي مبنية على الركائز الأساسية التالية:

1- الإغاثة والإنعاش المبكر
ستحتاج جهود الإغاثة الفورية والإنعاش المبكر، تحت قيادة وتنسيق استراتيجي من جانب الحكومة الفلسطينية، إلى دعم من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وغيرها من وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، والجهات المانحة والشركاء الدوليين النشطين بالفعل في غزة، بالإضافة إلى مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني الفلسطينية. وتشمل الأولويات إزالة الأنقاض، وتوفير المأوى المؤقت اللائق، واستعادة الخدمات الأساسية مثل المياه والصرف الصحي والطاقة والصحة والتعليم.
كما يشكل الدعم الفوري لاستعادة سبل العيش والإنعاش الاقتصادي أهمية بالغة، حيث سيتم تنسيق هذه الجهود بشكل وثيق مع الوزارات والمؤسسات الفلسطينية، وسيتم إنشاء لجنة الإنعاش المبكر في غزة لمواءمة جميع الجهود مع خطة الإغاثة والإنعاش وإعادة الإعمار الأوسع نطاقاً التي تتبناها الحكومة.
2- إعادة الإعمار والإنعاش على المدى الطويل سيتم إنشاء مؤسسة مستقلة لقيادة وتنسيق وإدارة جميع جهود إعادة الإعمار والإنعاش على المدى الطويل في غزة، وستعمل هذه المؤسسة باستقلال مالي وإداري كامل، وستكون خاضعة للتدقيق وفقاً لأعلى المعايير الدولية، وسوف يتولى الإشراف على هذه العملية مجلس إدارة يتألف من شخصيات فلسطينية مرموقة، بما في ذلك أعضاء من الشتات. ولضمان الشفافية والمساءلة، سوف يتم إنشاء صندوق لإعادة إعمار غزة في البنك الدولي، مع إشراف وتوجيه ائتماني من جانب مجلس استشاري دولي.
3- الأمن وسيادة القانون ومراقبة الحدود إن استعادة الأمن وسيادة القانون في غزة سوف تتطلب إعادة هيكلة قوة الشرطة، فضلاً عن إعادة دمج وتقنين الموظفين على أساس القدرات والاحتياجات. وسوف تشمل هذه العملية أفراداً من قبل عام 2007 وبعده، شريطة نجاح عملية التدقيق وتقييم القدرات. وسوف تنسق القيادات العليا للشرطة، التي تعينها الحكومة الفلسطينية، مع رؤساء المجالس البلدية لضمان الحكم المحلي الفعّال والمستجيب. وسوف يلعب الشركاء الدوليون دوراً حاسماً في توفير المعدات والدعم اللازمين لبناء القدرات. وبالإضافة إلى ذلك، قد تسعى الحكومة الفلسطينية إلى الحصول على مساعدات أمنية دولية حسب الحاجة.
4- دمج المؤسسات والخدمة المدنية تؤكد خطتنا على الحاجة الحيوية إلى دمج وتنسيق المؤسسات والخدمة المدنية في مختلف أنحاء الضفة الغربية وغزة. ولتيسير ذلك، سنعين قيادات عليا مؤقتة للمؤسسات الحكومية في غزة، لتتولى مهامها مؤقتاً إلى حين اختيار المديرين الدائمين من خلال عملية شفافة قائمة على الجدارة، وسيتم اختيار الموظفين على أساس الاحتياجات الفنية، مع التزام جميع القرارات المتعلقة بالموظفين بمعايير الجدارة والشفافية.
5- استعادة وظائف الحكم المحلي كخطوة فورية لاستعادة وإعادة دمج الحكم المحلي في غزة وضمان الملكية المحلية للتعافي، سأعين شخصيات محلية مستقلة وذات مؤهلات عالية في المجالس البلدية والمحلية لمدة عام واحد، وسيتم تزويد هذه المجالس بميزانيات لدعم المشاريع المحلية التي تلبي الاحتياجات العاجلة وتقدم فوائد ملموسة للناس في غزة، وفقاً لإرشادات واضحة وضعتها حكومتي.
وفي نهاية هذه الفترة الانتقالية التي تستمر لمدة عام واحد، سوف تُعقد انتخابات محلية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة لضمان المشاركة الديمقراطية والتمثيل في الحكم المحلي.
إن الدمار غير المسبوق في غزة لا يتطلب فقط الدعم العالمي الجاد بل وأيضاً الالتزام الجماعي بإعادة الإعمار والتعافي، ونحن ندعو جيراننا العرب وجميع الدول الشريكة إلى الوقوف معنا في هذا الجهد الضخم.
فمعاً، يمكننا معالجة الاحتياجات الفورية لشعبنا، واستعادة الخدمات الأساسية، وإعادة بناء الاقتصاد، وإحياء الأمل.
وإن هذا المسار، على الرغم من التحديات التي ينطوي عليها، هو السبيل الوحيد القابل للتطبيق قدماً إلى الأمام - السبيل الذي يضع الأساس للسلام الدائم والأمن والازدهار. ولا يتعلق الأمر فقط بمستقبلنا كشعب فلسطيني، وسعينا الدؤوب إلى تقرير المصير، وحقنا في العيش في حرية وكرامة، بل يتعلق أيضاً بضمان الاستقرار ومستقبل أفضل لجميع شعوب المنطقة.

المصدر : واشنطن بوست